ابن الإنسان في الإنجيل ليس المهدي (ع)
لقد ورد عن مولانا أمير المؤمنين (ع) إنه قال : ( لو ثنيت لي وسادة لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم ولنطقت التوراة وقالت صدق علي وما كذب ولحكمت بين أهل الإنجيل بإنجيلهم ولقال الإنجيل صدق علي وما كذب ....) فإن هناك الكثير من الأدلة التي تؤكد إن لفظ ابن الإنسان الذي ورد في الإنجيل هو شخص غير الإمام المهدي (ع) وليس كما ظن البعض فقد ورد في كثير من النصوص في الإنجيل لفظ ابن الإنسان إلا إن ذلك الإسم فيه دلالة واضحة على إنه عيسى (ع) ولا يمكن ان يحمل اللفظ على غيره فقد ورد ( وابن الإنسان سيموت كما جاء في الكتب المقدسة ولكن الويل لمن يسلم ابن الإنسان اكان خيرا له ان لا يولد ) مرقس 14 .
فهذا النص لا يمكن حمله على غير عيسى (ع) .
وقد ورد أيضاً ( فقالوا له من أنت ؟ فقال يسوع أخبرتكم من البدء عندي أشياء كثيرة اقولها فيكم واشياء كثيرة احكم بها عليكم لكن الذي ارسلني صادق , وما سمعته اقوله للعالم فما فهموا إنه يحدثهم عن الأب فقال لهم متى عرفتم ابن الإنسان عرفتم إني أنا هو ) يوحنا 8 .
فمن هذا النص يتبين لنا واضحاًُ إن ابن الإنسان هو نفسه عيسى بن مريم (ع) فلماذا يقول الباحثون حينما يذكرون إن ابن الإنسان هو الإمام المهدي خاصة إذا ما سألهم المسلمون عن ذلك , وقد ورد أيضاً ( سيسلم ابن الإنسان إلى أيدي الناس فيقتلونه وفي اليوم الثالث يقوم من بين الأموات ) متى 17 .
وهناك الكثير من النصوص التي تؤكد وتدل على إن لفظ ابن الإنسان لا يصح حمله على عيسى (ع) الذي عاش في ذلك الزمان إلا إن ذلك لا يعني إن ابن الإنسان هنا هو الإمام المهدي (ع) بل هناك ادلة كثيرة تؤكد إن ابن الإنسان هو أحد ممهدي الإمام المهدي (ع) والذي يكون شبيه عيسى (ع) فقد ورد في التوراة هذا النص ( وبينما كنت ارى نصبت عروش فجلس شيخ طاعن في السن وكان لباسه ابيض كالثلج وشعر رأسه كالصوف النقي , وعرشه لهيب النار , وتخدمه الوف الوف وتقف بين يديه ربوات ربوات فجلس أهل القضاء وفتحت الأسفار – الى ان قال – ورأيت في منامي ذلك الليل فإذا بمثل ابن الإنسان اتياً على سحاب السماء فأسرع ألى الشيخ الطاعن في السن فقرب أمامه , واعطي سلطانا ومجداً وملكاً حتى تعبده الشعوب من كل أمة ولسان ويكون سلطانه سلطاناً ابدياً لا يزول وملكه لا يتعداه الزمن ) روايات دانيال 7-6 .
وفي ترجمة اخرى للإنجيل ورد عن الشيخ الطاعن في السن لفظ ( قديم الأيام ) فإذا كان ابن الإنسان هو الإمام المهدي (ع) فمن هذ الشيخ الطاعن في السن أو قديم الأيام الذي ينصب له العرش ياترى ؟ .
اليس في هذان الإسمان إشارة ودلالة واضحة على الإمام المهدي (ع) والمعلوم إنه (ع) ليس فوقه احد حتى إن المسيح يكون تابعاً له فإذا تنزلنا جدلاً وقلنا ان ابن الإنسان هو المهدي (ع) فكيف يسلم وياتي ويقدم امام الشيخ الطاعن في السن ومن سيكون ذلك الشيخ يا ترى حتى يسلم له ابن الإنسان ؟
ثم إننا لو تابعنا النص التوراتي المتقدم الذكر لوجدنا له انطباقات في القرآن فقد قال تعالى { واشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون } الزمر 69 وقد ورد في تفسير هذه الآية عن ابي عبد الله (ع) إنه قال إن قائمنا إذا قام أشرقت ألارض بنور ربها ....) الغيبة للطوسي .
وقد ورد إن الإمام يحكم بين أهل التوراة بتوراتهم وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم وبين أهل الزبور بزبورهم وبين أهل القرآن بقرآنهم . فيتضح من ذلك إن هذه الآية هي عين ذلك النص الوارد في رؤيا دانيال (وتقف بين يديه ربوات ربوات فجلس أهل القضاء وفتحت الأسفار )وبذلك يتضح إن الشيخ الطاعن الذي يجلس على العرش فيحل أهل القضاء وتفتح الأسفار وهو الإمام المهدي (ع) كما اخبر بذلك الإمام الصادق (ع) في تأويل الآية المتقدمة .
أما البعض الذين يعتمدون على النص القائل ( عندئذ يرون ابن الإنسان آتياً في السحاب بقوة ومجد عظيم ) فهذا النص لا يدل على الإمام المهدي (ع) ولا على عيسى بن مريم (ع) , إلا إننا لو عرضناه على الأحاديث والروايات المعصومية لوجدناه مطابقاً لتلك الأحاديث الروايات فقد جاء في الرواية الواردة عن المفضل عن أبي عبد الله (ع) حيث قال : إذا اذن الإمام (ع) دعا الله بإسمه العبراني فانتخب له صحابته الثلاثمائة والثلاثة عشر قزع كقزع الخريف فهم اصحاب الالوية منهم من يفقد من فراشه ليلا ومنهم من يرى يسير في السحاب نهاراً يعرف بإسمه واسم ابيه وحليته ونسبه ) فهذه الرواية وغيرها تؤكد إن اصحاب الإمام المهدي (ع) ينتقلون بوسائل نقل متعددة إلا إن منهم شخص واحد يسير في السحاب يعرف بإسمه واسم ابيه وحليته ونسبه وإن هذا الشخص كما اشارت الروايات هو افضلهم وهو وزير الإمام المهدي وصاحب دعوته لذلك يكون معروفاً باسمه واسم ابيه . ومعنى هذا إن الشخص المذكور في النص الإنجيلي هو نفس هذا الشخص لأن الإثنين يسيران في السحاب ولم تخبرنا الروايات بأن الإمام المهدي (ع) يأتي محمولاً على السحاب وكذلك جاء في النص ( عندئذ يرون ابن الإنسان آتياً في السحاب بقوة ومجد عظيم ) وهذا النص يتطابق مع الرواية التي جاءت عن أبي بصير عن ابي عبد الله (ع) قال : ما كان قول لوط (ع) لقومه لو كان لي بكم قوة أو آوي ألى ركن شديد ...
فالقوة التي تمناها لوط (ع) والتي ذكرها المولى عز وجل في كتابه وهي قوة القائم المهدي أي إن ابن الإنسان حينما يأتي على السحاب يكون مؤيداً ومسدداً بقوة القائم المهدي (بقوة ومجد عظيم ) ولهذا يتأكد ان ابن الإنسان غير الإمام المهدي (ع) .