نَسَجَ المَشيبُ لَهُ لَفاعاً مُغدَفا
يَقَقاً فَقَنَّعَ مِذرَوَيهِ وَنَصَّفا
نَظَرُ الزَمانِ إِلَيهِ قَطَّعَ دونَهُ
نَظَرَ الشَقيقِ تَحَسُّراً وَتَلَهُّفا
ما اِسوَدَّ حَتّى اِبيَضَّ كَالكَرَمِ الَّذي
لَم يَأنِ حَتّى جيءَ كَيما يُقطَفا
لَمّا تَفَوَّفَتِ الخُطوبُ سَوادَها
بِبَياضِها عَبَثَت بِهِ فَتَفَوَّفا
ما كانَ يَشطُرُ قَبلَ ذا في فِكرِهِ
في البَدرِ قَبلَ تَمامِهِ أَن يَكسِفا
يا ظَبيَةَ الجِزعِ الَّذي بِمُحَجَّرٍ
تَرعى الكِباثَ مُصيفَةً وَالعُلَّفا
تَقرو بِأَسفَلِهِ رُبولاً غَضَّةً
وَتَقيلُ أَعلاهُ كِناساً أَجوَفا
أَتبَعتَ قَلبي لَوعَةً كانَت أَسىً
تَبِعَت أَماني مِنكَ كانَت زُخرُفا
كَم مِن شَماتَةِ حاسِدٍ إِن أَنتَ لَم
تُخلِف رَجاءَ المرتَجي أَن تُخلِفا
لا تَنسَ تِسعَةَ أَشهُرٍ أَنضَيتَها
دَأباً وَأَنضَتني إِلَيكَ وَنَيِّفا
بِقَصائِدٍ لَم يُروِ بَحرُكَ وِردَها
وَلَوِ الصَفا وَرَدَت لَفَجَّرَتِ الصَفا
لِلَّهِ أَيُّ وَسيلَةٍ في أَوَّلٍ
أَقوى وَلَكِن آخِراً ما أَضعَفا
إِنّي أَخافُ بِلَحظَتي عُقباكَ أَن
تُدعى المَطولَ وَأَن أُسَمّى المُلحِفا
قَد كانَ أَصغَرَ هِمَّتي مُستَصغِراً
عِظَمَ الرَبيعِ فَصِرتُ أَرضى الصَيِّفا
هَبَّت رِياحُكَ لي جَنوباً سَهوَةً
حَتّى إِذا أَورَقتُ عادَت حَرجَفا
إِن أَنتَ لَم تُفضِل وَلَم تَرَ أَنَّني
أَهلٌ لَهُ فَأَنا أَرى أَن تُنصِفا
ما عُذرُ مَن كانَ النَوالُ مُطيعَهُ
وَالطَبعُ مِنهُ أَن يَراهُ تَكَلُّفا
أَسرَفتَ في مَنعي وَعادَتكَ الَّتي
مَنَعَت عِنانَكَ أَن تَجودَ فَتُسرِفا
اللَهُ جارُكَ أَن تَحولَ وَأَن يَهي
ما سَلَّفَ التَأميلُ فيكَ وَخَلَّفا
لا تَصرِفَنَّ نَداكَ عَمَّن لَم يَدَع
لِلقَولِ فيكَ إِلى سِواكَ تَصَرُّفا
ثَقِّف فَتِيَّ الجودِ تَلقَ قَصائِداً
لاقَت أَوابِدُهُنَّ فيكَ مُثَقَّفا
لا تَرضَ ذاكَ فَتُسخِطَنَّ أَوابِداً
هَزَّتكَ إِلّا أَن تُصيبَكَ مَرهَفا
أَفنِ التَظَنُّنَ بِالتَيَقُّنِ إِنَّهُ
لَم يَفنَ ما أَبقى الثَناءَ المُضعَفا
كَم ماجِدٍ سَمحٍ تَناوَلَ جودَهُ
مَطلٌ فَأَصبَحَ وَجهُ نائِلِهِ قَفا
لَم آلُ فيكَ تَعَسُّفاً وَتَعَجرُفاً
وَتَأَلُّقاً وَتَلَطُّفاً وَتَظَرُّفا
وَأَراكَ تَدفَعُ حُرمَتي فَلَعَلَّني
ثَقَّلتُ غَيرَ مُؤَنَّبٍ فَأُخَفِّفا
ابي تمام