جزيرة صقلية



صقلية
هي أكبر الأقاليم العشرين المكونة للأراضي الإيطالية من حيث المساحة، والأكبر بين جزر البحر المتوسط، تتميز بأنهاّ ذاتية الحكم، وقد اكتسبت مكانتها الحالية كمنطقة ذات اقتصاد وتجارة مميزة منذ عام 1948، ويقع مقر حكومتها في العاصمة باليرمو أكبر مدنها، والتي تقع على الساحل الشمالي الغربي للجزيرة.
تاريخ صقلية
كان لموقع صقلية الاستراتيجي وسط البحر المتوسط عامل كبير في تكوين تاريخها وحضارتها منذ أكثر من 1200 ق.م، جاذبةً شعوباً مختلفة كالإغريق، الجرمان، القوط، العرب، والإسبان. إذ استوطن الفينيقيون الجزيرة، واستقر الإغريق في مدنها بين القرنين الثامن والسادس قبل الميلاد. وفي القرن الثالث للميلاد كانت قد أصبحت أول مقاطعة رومانية، حيث تم احتلالها عام 535م من قبل القائد البيزنطي بيلساريوس، وسرعان ما استولى البيزنطيون على الحكم فيها.
وقعت صقلية تحت الحكم العربي في مطلع النصف الثاني من القرن السابع الميلادي، والذي يعد أول اتصال مباشر للصقليين مع العرب، ولكن غادرها العرب سريعاً، ثم عادوا للهجوم على الجزيرة إلا أنّهم لم يتمكنوا من السيطرة على أجزاء كبيرة منها كانت تحت السيطرة البيزنطية آنذاك، أدت إلى توقيع اتفاقيات تجارية بين الطرفين.
شكل الفتح الإسلامي على يد القاضي الفقيه أسد بن الفرات عام 827م بداية مرحلة هامة استمرت لأربعة قرون، حكم المسلمون خلالها قرنين من الزمان، وفي عام 1060م، سقط الحكم الإسلامي على يد النورمان، الذين قاموا على تطوير الجزيرة تدريجياً. أصبحت صقلية مركزاً رئيسياً للحركات الثورية نتيجةً لثورة جوزيبي غاريبالدي في عام 1860، والتي حُرّرت من البوربون، ثم تم دمجها في المملكة المتحدة لإيطاليا في العام التالي، لتكتسب أخيراً الحكم الذاتي الإقليمي عام 1947 إلى يومنا هذا.
جغرافية صقلية
تقسم جزيرة البحر المتوسط إلى حوضين: شرقي وغربي، وهي جزيرة مثلثة الشكل تقريباً، وتحيط بها جزر صغيرة يطلق عليها اسم الجزر الأيولية، تمثل الجبال 24.5% من مساحتها، مثل: جبال نبرودي، ومادوني في الجهة الشمالية، جبال بيلوريتاني في الجهة الشمالية الشرقية، الهيبليانية في الجزء الجنوبي الشرقي، ويعد الركن الشمالي الشرقي من الجزيرة أعلى مناطقها حيث بركان إتنا الشهير، الذي يبلغ ارتفاعه 3345 م عن سطح البحر المتوسط. بينما تشكل التلال 61.4%، أما الهضاب 14.1%.
يشقها خمسة عشر نهراً أطولها سالسو الممتد 144كم، وأصغرها آنابو 40كم. كما تنتشر الغابات التي تعتبر بوسكو دي كارونيا أكبرها، بالإضافة إلى أنّها تتكون من تسع مقاطعات، تضم 390 مدينة وبلدة وقرية آهلة بالسكان.
سكان صقلية
هاجرت أعداد كبيرة من الصقليين إلى الولايات المتحدة ما بين 1880-1915؛ بسبب انتشار الفقر، تلاها هجرة ثانية إلى دول وسط أوروبا عقب الحرب العالمية الثانية، وتعد صقلية حالياً رابع أكبر المناطق الإيطالية من حيث عدد السكان، إذ يبلغ عدد سكانها قرابة الخمسة ملايين نسمة حسب إحصائية 2018، يدين معظمهم بالكاثوليكية، إضافة إلى أقلية مسلمة تزيد عن 100 ألف نسمة، وعدد بسيط من اليهود.
تعددت اللغات التي يتحدثها الصقليون بسبب تنوع الأصول فيها، فالإيطالية هي اللغة الغالبة للسكان، والصقليّة مزيج من عدة لعات كاليونانية والإسبانية والعربية إضافة إلى الإيطالية.
تمثل الأعمال الإنتاجية كالزراعة، السياحة، والصيد مصادر رئيسية لعيشهم، إذ تتنوع المنتوجات الزراعية الأساسية للممكلة من حمضيات، لوزيات، وعنب. إلا أن هذه الأعمال تُعد غير كافية لتشغيل السكان، حيث بلغت نسبة البطالة 13% ولا زالت بشكل متزايد بسبب الأعمال الإجرامية للمافيا التي وجّهَت الكثيرين للهجرة خارج الجزيرة.
السياحة في صقلية
تمتلك صقلية تمازجاً بين الحضارات في ثقافتها المُلاحظ في عمارتها، لغاتها، فنونها، موسيقاها، آدابها، وأطباقها، الذي جعلها وجهة رئيسية للسياح، إضافةً إلى تمتعها بمناخ معتدل طوال العام مقارنة بالمدن والمناطق الأوروبية الأخرى، كما تعج بالآثار القديمة والبيوت على طرائز متعددة كالعربي، النورماني، الكنائس الباروكية، والمسارح الحديثة، إذ تعتبر الموقع الإيطالي الوحيد الذي يحوي بقايا معابد إغريقية ومعالم أثرية واضحة من الحضارات التي تعاقبت عليها.