ضمانات المتهم تلاشت.. امام الحسم
بقلم: المحامي محمد نعمة الغالبي
يؤسفني عندما أتحدث عن آلية حسم الدعاوى في نهاية كل عام، كما أني أدرك مدى أهمية المتابعة والمراقبة على آلية عمل عجلة القضاء وتدقيق الدعاوى التي تعرض أمام السادة القضاة في المحاكم من حيث النوع والكم، لكن ليس من الممكن الوقوف بصمت أمام ما يحدث من تجاوز على القانون وتهميش ضمانات المتهم من اجل حسم اكبر عدد من الدعاوى. فبمجرد مشارفة العام على نهايته يتم إحالة الدعوى لإجراء محاكمة المتهم وترفض جميع طلبات المحامي على اعتبار لا سند لها من القانون أو انهاغير منتجة بالدعوى! فتغيب الكثير من الإجراءات التي من الممكن الاستدلال عن طريقها إلى قرائن وأدلة منتجة في الدعوى. وبمحاولة الاستفسار عن سبب رفض تلك الطلبات تكون إجابة المحكمة بإيجاز (اسلك طرق الطعن القانونية). ونحن نعلم إن معظم قرارات محكمة التحقيق هي قرارات إعدادية لا جدوى من تمييزها وان يميز البعض منها فسيشكل عبء على المتهم ووكيله سيما إذا كان المتهم موقوف، لايتوقف هذا التعسف عند محاكم التحقيق بل ينتقل الى محاكم الجزاء، فقد فاجئني احد الموك...لين وكان متهما مكفلا بأن دورية شرطة حضرت إلى داره لإحضاره أمام محكمة الموضوع لإجراء محاكمته .. وبالحقيقة شعرت بحيف كبير عندما تأكدت انه لم يتم تبليغه تبليغاً أصوليا ، وعندما تحريت عن الموضوع فأتضح لي إن معتمد جهة التحقيق قد اتصل به هاتفيا صباح يوم المحاكمة !! والذي ادعى بدوره انه لديه توجيه من المحكمة بالتبليغ المتهمين هاتفيا! وهنا أتساءل: أين نحن من القانون ونصوصه فالتبليغ بالمحاكمة يوجد نص قانوني ينظمه وهو نص المادة 143 من قانون أصول المحاكمات الجزائية فالفقرة -أ- تنص (على المحكمة عند ورود اضبارة الدعوى اليها ان تعين يوما للمحاكمة فيها تخبر به الادعاء العام وتبلغ به المتهم وذوي العلاقة ومن ترى سماع شهادته من الشهود بورقة تكليف بالحضور قبل موعد المحاكمة بيوم واحد في المخالفات وثلاثة ايام في الجنح وثمانية ايام في الجنايات علـــــى الاقل ولايغني تبليغ وكيل المتهم بورقة التكليف بالحضور عن تبلغ المتهم بها.) ومن هنا نلاحظ ان نص القانون نص آمر حيث استهل بعبارة ( على المحكمة) وهي عبارة آمرة تعني الوجوب .
فلابد من كلمة تقال للحفاظ على حقوق الناس والذود عنهم ، فأين تطبيق مبد القانون الأصلح للمتهم، وكما يقال الشيء بالشيء يذكر ففي إحدى الدعاوى امام محكمة التحقيق، قرر السيد قاضي محكمة التحقيق بتفريق الدعوى الى عشرة دعاوى وكان المتهم قد نسب له تصنيع محررات غير رسمية ( وهي وصولات عروض ) وقدمها الى دائرته فأتهم وفق المادة 295 عقوبات، وبعدها صدر القرار بفرد كل ثلاثة وصولات بدعوى مستقلة دون مراعات نص المادة 132 الاصولية التي نصت في الفقرة الثالثة منها ( أ- اذا نسب الى المتهم ارتكاب جرائم متعددة فتتخذ الاجراءات ضده بدعوى واحدة في الاحوال التالية 3- اذا كانت الجرائم من نوع واحد ووقعت من المتهم نفسه على المجني عليه نفسه ولو في ازمان مختلفة . ) علما ان هذه الوصولات تم تقديمها الى جهة واحدة وهي الجهة التي يصدق عليها المتضررة او المجني عليها. لكن يؤسفني عندما أقول انه رصيد بعشرة دعاوى منجزه يضاف الى رصيد السيد قاضي التحقيق ..هذا ولابد من وقفة جادة لإيقاف التجاوز على القانون....انتهى