تَصَدَّت وَحَبلُ البَينِ مُستَحصِدٌ شَزرُ
وَقَد سَهَّلَ التَوديعُ ما وَعَّرَ الهَجرُ
بَكَتهُ بِما أَبكَتهُ أَيّامَ صَدرُها
خَلِيٌّ وَما يَخلو لَهُ مِن هَوىً صَدرُ
وَقالَت أَتَنسى البَدرَ قُلتُ تَجَلُّداً
إِذا الشَمسُ لَم تَغرُب فَلا طَلَعَ البَدرُ
فَأَذرَت جُماناً مِن دُموعٍ نِظامُها
عَلى الصَدرِ إِلّا أَنَّ صائِغَها الشَفرُ
وَما الدَمعُ ثانٍ عَزمَتي وَلَوَ اَنَّها
سَقى خَدَّها مِن كُلِّ عَينٍ لَها نَهرُ
جَمَعتُ شَعاعَ الرَأيِ ثُمَّ وَسَمتُهُ
بِحَزمٍ لَهُ في كُلِّ مُظلِمَةٍ فَجرُ
وَصارَعتُ عَن مِصرٍ رَجائي وَلَم يَكُن
لِيَصرَعَ عَزمي غَيرَ ما صَرَعَت مِصرُ
فَطَحطَحتُ سَدّاً سَدُّ ياجوجَ دونَهُ
مِنَ الهَمِّ لَم يُفرَغ عَلى زُبرِهِ قِطرُ
بِذِعلِبَةٍ أَلوى بِوافِرِ نَحضِها
فَتىً وافِرُ الأَخلاقِ لَيسَ لَهُ وَفرُ
فَكَم مَهمَهٍ قَفرٍ تَعَشَّقتُ مَتنَهُ
عَلى مَتنِها وَالبَرُّ مِن آلِهِ بَحرُ
وَما القَفرُ بِالبيدِ القَواءِ بَل الَّتي
نَبَت بي وَفيها ساكِنوها هِيَ القَفرُ
وَمَن قامَرَ الأَيّامَ عَن ثَمراتِها
فَأَحجِ بِها أَن تَنجَلي وَلَها القَمرُ
فَإِن كانَ ذَنبي أَنَّ أَحسَنَ مَطلَبي
أَساءَ فَفي سوءِ القَضاءِ لِيَ العُذرُ
قَضاءِ الَّذي ما زالَ في يَدِهِ الغِنى
ثَنى غَربَ آمالي وَفي يَدِيَ الفَقرُ
رَضيتُ وَهَل أَرضى إِذا كانَ مُسخِطي
مِنَ الأَمرِ ما فيهِ رِضا مَن لَهُ الأَمرُ
وَأَشجَيتُ أَيّامي بِصَبرٍ جَلَونَ لي
عَواقِبَهُ وَالصَبرُ مِثلُ اِسمِهِ صَبرُ
أَبى لِيَ نَجرُ الغَوثِ أَن أَرأَمَ الَّتي
أُسَبُّ بِها وَالنَجرُ يُشبِهُهُ النَجرُ
وَهَل خابَ مَن جِذماهُ في ضَنءِ طَيِّئٍ
عَدِيُّ العَدِيّينَ القَلَمَّسُ أَو عَمرُو
لَنا غُرَرٌ زَيدِيَّةٌ أُدَدِيَّةٌ
إِذا نَجَمَت ذَلَّت لَها الأَنجُمُ الزُهرُ
لَنا جَوهَرٌ لَو خالَطَ الأَرضَ أَصبَحَت
وَبُطنانُها مِنهُ وَظُهرانُها تِبرُ
جَديلَةُ وَالغَوثُ اللَذَينِ إِلَيهِما
صَغَت أُذُنٌ لِلمَجدِ لَيسَ بِها وَقرُ
مَقاماتُنا وَقفٌ عَلى الحِلمِ وَالحِجى
فَأَمرَدُنا كَهلٌ وَأَشيَبُنا حَبرُ
أَلَنّا الأَكُفَّ بِالعَطاءِ فَجاوَزَت
مَدى اللينِ إِلّا أَنَّ أَعراضَنا الصَخرُ
كَأَنَّ عَطايانا يُناسِبنَ مَن أَتى
وَلا نَسَبٌ يُدنيهِ مِنّا وَلا صِهرُ
إِذا زينَةُ الدُنيا مِنَ المالِ أَعرَضَت
فَأَزيَنُ مِنها عِندَنا الحَمدُ وَالشُكرُ
وُكورُ اليَتامى في السِنينَ فَمَن نَبا
بِفَرخٍ لَهُ وَكرٌ فَنَحنُ لَهُ وَكرُ
أَبى قَدرُنا في الجودِ إِلّا نَباهَةً
فَلَيسَ لِمالٍ عِندَنا أَبَداً قَدرُ
لِيُنجِح بِجودٍ مَن أَرادَ فَإِنَّهُ
عَوانٌ لِهَذا الناسِ وَهوَ لَنا بِكرُ
جَرى حاتِمٌ في حَلبَةٍ مِنهُ لَو جَرى
بِها القَطرُ شَأواً قيلَ أَيُّهُما القَطرُ
فَتىً دَخَرَ الدُنيا أُناسٌ وَلَم يَزَل
لَها باذِلاً فَاِنظُر لِمَن بَقِيَ الذُخرُ
فَمَن شاءَ فَليَفخَر بِما شاءَ مِن نَدىً
فَلَيسَ لِحَيٍّ غَيرَنا ذَلِكَ الفَخرُ
جَمَعنا العُلى بِالجودِ بَعدَ اِفتِراقِها
إِلَينا كَما الأَيّامُ يَجمَعُها الشَهرُ
بِنَجدَتِنا أَلقَت بِنَجدٍ بَعاعَها
سَحابُ المَنايا وَهيَ مُظلِمَةً كُدرُ
بِكُلِّ كَمِيٍّ نَحرُهُ غَرَضُ القَنا
إِذا اِضطَمَرَ الأَحشاءُ وَاِنتَفَخَ السَحرُ
فَأَعجِب بِهِ يَهدي إِلى المَوتِ نَحرَهُ
وَأَعجَبُ مِنهُ كَيفَ يَبقى لَهُ نَحرُ
يُشَيِّعُهُ أَبناءُ مَوتٍ إِلى الوَغى
يُشَيِّعُهُم صَبرٌ يُشَيِّعُهُ نَصرُ
كُماةٌ إِذا ظَلَّ الكُماةُ بِمَعرِكٍ
وَأَرماحُهُم حُمرٌ وَأَلوانُهُم صُفرُ
رَأَيتَ لَهُم بِشراً عَلى أَوجُهٍ لَهُم
أَبى بَأسُهُم أَلّا يَكونَ لَها بِشرُ
بِخَيلٍ لِزَيدِ الخَيلِ فيها فَوارِسٌ
إِذا نَطَقوا في مَشهَدٍ خَرِسَ الدَهرُ
عَلى كُلِّ طِرفٍ يَحسُرُ الطَرفَ سابِحٍ
وَسابِحَةٍ لَكِن سِباحَتُها الحُضرُ
طَوى بَطنَها الإِسآدُ حَتّى لَوَ اَنَّهُ
بَدا لَكَ ما شَكَّكتَ في أَنَّهُ ظَهرُ
ضَبيبِيَّةٌ ما إِن تُحَدِّثُ أَنفُساً
بِما خَلفَها ما دامَ قُدّامَها وِترُ
فَإِن ذَمَّتِ الأَعداءُ سوءَ صَباحِها
فَلَيسَ يُؤَدّي شُكرَها الذِئبُ وَالنَسرُ
بِها عَرَفَت أَقدارَها بَعدَ جَهلِها
بِأَقدارِها قَيسُ بنُ عَيلانَ وَالفِزرُ
وَتَغلِبُ لاقَت غالِباً كُلَّ غالِبٍ
وَبَكرٌ فَأَلفَت حَربَنا بازِلاً بَكرُ
وَأَنتَ خَبيرٌ كَيفَ أَبقَت أُسودُنا
بَني أَسَدٍ إِن كانَ يَنفَعُكَ الخُبرُ
وَقِسمَتُنا الضيزى بِنَجدٍ وَأَرضِها
لَنا خُطوَةٌ في عَرضِها وَلَهُم فِترُ
مَساعٍ يَضِلُّ الشِعرُ في طُرقِ وَصفِها
فَما يَهتَدي إِلّا لِأَصغَرِها الشِعرُ
ابي تمام