TODAY - October 01, 2010
العودة إلى المدارس.. والصداع لدى الأطفال
أعراض الصداع النصفي ترصد لدى أعداد كبيرة من التلاميذ
نيويورك: تارا باركر بوب *
يعد حلول شهر سبتمبر (أيلول) إيذانا بالعودة إلى المدارس بالنسبة للأطفال في جميع أنحاء الولايات المتحدة وربما العالم، لكنه يمثل في الوقت ذاته عودة إلى موسم الصداع.
يقول الأطباء إن نوبات الصداع المتكرر والصداع النصفي هي من بين الشكاوى الصحية الأكثر شيوعا في مرحلة الطفولة، ولكن الغريب ألا تحظى هذه المشكلة سوى باهتمام بسيط من المجتمع الطبي، فالكثير من أطباء الأطفال، والآباء والأمهات، يرون الصداع النصفي عرضا خاصا للبالغين. ولأن الكثير من الأطفال يشكون من الصداع في كثير من الأحيان خلال السنة الدراسية أكثر منه في فصل الصيف، فإن الآباء والأمهات غالبا ما يعتقدون أن الطفل يبالغ في الأعراض للهرب من الواجبات المدرسية.
* صداع الأطفال
* ويرى الأطباء أن التغييرات في جدول نوم الطفل، بما في ذلك النهوض مبكرا للخروج إلى المدرسة، والمذاكرة حتى وقت متأخر، فضلا عن إسقاط وجبة الإفطار، وعدم شرب ما يكفي من المياه وتغيرات الطقس يمكن أن تؤدي جميعها إلى الصداع النصفي في بداية السنة الدراسية.
ويقول الدكتور أندرو هيرشي، أستاذ طب الأطفال وأمراض الأعصاب ومدير مركز الصداع ضمن المركز الطبي للأطفال في مستشفى سينسيناتي: «لا يعتقد الآباء في الكثير من المناطق بإمكانية إصابة أبنائهم بالصداع النصفي. لكن الأطفال يتجنبون الأنشطة ويعانون من مشكلات في المدرسة لأنهم يعانون من الصداع النصفي وإذا ما حدث ذلك يجب ألا نتجاهله».
* صداع نصفي
* الصداع النصفي حالة عصبية موروثة تتسم بالشدة، وعادة ما تكون مصحوبة بألم قوي في الرأس يعيق المريض عن العمل. وخلال نوبة الصداع النصفي يحدث عدد من التغيرات عبر المخ مثل تمدد الأوعية الدموية، وحدوث ألم بالغ، وحساسية مفرطة للضوء والأصوات والروائح والغثيان والقيء وعدد من الأعراض الأخرى. وتشير التقديرات إلى أن 10 في المائة من الأطفال والبالغين و28 في المائة من المراهقين يعانون من الصداع النصفي.
ولكن الصداع النصفي في مرحلة الطفولة في كثير من الأحيان لا يظهر بنفس الصورة التي يوجد بها عند الكبار، ففي الوقت الذي تستمر موجة الصداع النصفي لدى الكبار في كثير من الأحيان أربع ساعات أو أكثر، تتراوح نوبة الصداع النصفي لدى الأطفال بين أقل من ساعة واحدة وحتى 72 ساعة.
وبينما يشمل الصداع النصفي لدى الكبار عادة جانبا واحدا من الرأس، فإن ما يشعر به الأطفال عادة في كثير من الأحيان، هو في منطقة الجبهة أو على كل من الصدغين بدلا من جانب واحد فقط، ونتيجة لذلك، فكثيرا ما نرفض التصديق بإمكانية الإصابة بالصداع النصفي وصداع الجيوب الأنفية في مرحلة الطفولة.
ومما يعقد الأمور هو أن الصداع النصفي لدى الأطفال في بعض الأحيان لا ينطوي على ألم الصداع، فربما يشعر الطفل بألم في البطن والقيء أو يشعر بالدوار.
لا يوجد في الولايات المتحدة سوى 20 مركزا طبيا تقوم على علاج الصداع النصفي لدى الأطفال، مما اضطر الآباء إلى طلب المشورة من أطباء أطفال ذوي خبرة قليلة علاج الصداع النصفي أو أطباء الأعصاب المتخصصين في رعاية الكبار.
يقول الدكتور فيليب أوفرباي، أستاذ الأعصاب وطب الأطفال المساعد في مستشفى الأطفال في مونتيفيور في برونكس: «هناك اختلاف واضح ربما يلتبس على بعض أطباء الأعصاب المتخصصين في رعاية الكبار. فيمكن للأطفال في عمر الثلاث سنوات الإصابة بالصداع النصفي، حتى أن الأطفال في سن خمس سنوات يجاهدون لتقديم معلومات تفصيلية لما يعانونه».
عادة ما يمر الآباء بأوقات عصيبة للتفريق بين الألم الحقيقي وادعاء الصداع النصفي الذي يخترعه بعض الأطفال. ويروي الدكتور هيرشي قصة صبي عمره ست سنوات يعاني من صداع نصفي بصورة يومية. في النهاية سعى الوالدان إلى العلاج وبمرور الوقت تمت السيطرة على الصداع النصفي وأصبح طفلا طبيعيا وأكثر نشاطا وسعادة طوال الوقت. فقد أدرك الوالدان أنه كان يعاني من الصداع لكنهم لم يكونوا يصدقون ذلك.
لكن الآباء يقولون أيضا إنهم يكافحون للبحث عن أطباء يأخذون شكاوى أبنائهم بالصداع على محمل الجد. فعندما بدأت ابنة كاثي غلاثر بالشعور بالصداع النصفي لم يتمكن طبيب الأطفال في نيويورك من مساعدتها. وعندما وصلت الفتاة إلى سن الخامسة عشرة أقعدها الصداع النصفي لكنها وجدت العلاج في النهاية في معهد ميتشيغان للصداع والأعصاب في تشيلسي بولاية ميتشيغان.
شجعت التجربة السيدة غلاثر على المساعدة في إنشاء مؤسسة أبحاث الصداع النصفي. وقد رفعت مبادرة منظمة «من أجل أطفالنا» الوعي وجمعت الأموال من أجل أبحاث الصداع النصفي لدى الأطفال. وتقدم المنظمة أيضا قائمة بعناوين مراكز الصداع النصفي التي تعالج الأطفال. وتقول: «من المثير للدهشة، ألا تلقى مشكلة معيقة ومكلفة اجتماعيا سوى هذا الاهتمام القليل».
* عقاقير علاج الأطفال
* بعض العقاقير الأحدث والأكثر فعالية في علاج الصداع النصفي لم تنل بعد موافقة إدارة الأغذية والأدوية الأميركية على استخدامها مع الأطفال. فعلى سبيل المثال، هناك فئة أدوية الصداع النصفي التي تدعى «تريبتان» triptan، التي تضيق الأوعية الدموية في المخ، والتي أنقذت الكثير من مرضى الصداع النصفي، لم يحصل إلا دواء واحد منها على موافقة استخدامه للأطفال في الولايات المتحدة حتى الآن (تمت الموافقة على 3 من هذه العقاقير لاستخدام الأطفال في أوروبا.) على الرغم من ذلك، استخدمت الكثير من علاجات الصداع النصفي للكبار دون وصفات الأطباء لسنوات للأطفال.
تروي جانيت بودل من هايلاند بارك، بولاية نيو جيرسي، أن ابنتها هانا بدأت تعاني من الصداع النصفي من سن الثامنة. لكن الألم بدأ في التزايد فيما بعد، مما جعلها تتأخر عامين دراسيين. وأخيرا، وجدت العائلة طبيبا وصف مجموعة من العقاقير. على الرغم من أن هانا في العشرين من العمر الآن، فإنها لا تزال تصاب بالصداع النصفي، الذي أصبح تحت السيطرة كلية.
وقالت بودل: «كان ذلك عامين من الشقاء تغيرت فيهما حياتها وحياة العائلة بصورة بائسة».
يعالج الدكتور هيرشي مرضاه من الأطفال بأسلوب ثلاثي يبدأ بتخفيف الألم العاجل، باستخدام عقارات إيبروفين أو تريبتان، لكن الإفراط في استخدام مسكنات الألم القوية يمكن أن يعيد الأعراض مرة أخرى ويؤدي إلى المزيد من الصداع، ومن ثم يجب مناقشة طريقة التداوي مع الطبيب.
الشق الثاني، حسب هيرشي، هو أن الأطفال الذين يعانون من أكثر من نوبة صداع أسبوعيا بحاجة إلى علاج وقائي مثل جرعات منخفضة من مضادات الاكتئاب التي أثبتت فاعلية في منع الصداع النصفي لدى البالغين. والشق الثالث تغيير نمط الحياة عبر ممارسة الرياضة وشرب الكثير من الماء والحصول على قسط كاف من النوم وعدم تفويت الوجبات الضرورية.
ويقول أوفرباي: «هؤلاء الأطفال الذين يذاكرون حتى وقت متأخر من الليل ويستيقظون في الصباح الباكر عادة لا يتناولون الوجبات. ولا يمكنني القول إن الفرد قادر على التخلص نهائيا عبر أنماط الحياة وحدها لكن إن لم نتعامل مع هذه الأشياء بصورة جيدة فلن نتمكن من السيطرة عليها».
* خدمة «نيويورك تايمز»