المغني الأيرلندي ” بوب جيلدوف” يؤكد على عدم استسلامه لأوضاع الماضي

مرة واحدة فقط أثناء مقابلة صحفية مؤخرا داخل فندق فاخر في العاصمة الألمانية برلين يأتي ذكر لقب “القديس بوب”، وهو الاسم الذي يصف به ملايين المعجبين في مختلف أنحاء العالم الموسيقي والمغني الأيرلندي بوب جيلدوف.
ومع ذلك فإن هذا الوصف ما زال ملتصقا بجيلدوف عندما تحدث عن شهرته المستمرة رغم مرور الزمن، كرمز ملهم لفعل الخير، وعلى العموم فقد قطع شوطا طويلا في إقامة حفلات غنائية خيرية في عدة دول لصالح الفقراء، بدأها بحفلات تسمى “المعونة على الهواء مباشرة” في عام 1985، ثم سلسلة حفلات أطلق عليها “لايف 8” عام 2005 أقيمت في جنوب أفريقيا ومجموعة الدول الاقتصادية الكبرى بغرض جمع الأموال لمساعدة الفقراء في الدول النامية.
ويشعر جيلدوف حاليا بالسعادة للعودة للقيام بدوره القديم كمغن رئيسي لفريق “ذي بوومتاون راتس” الغنائي الأيرلندي لموسيقى الروك الذي تأسس في دبلن عام 1975، ويعني اسمه حرفيا “بلدة الفئران”، وهو فريق كان يوصف بالغرور والتمرد ويعد من رواد موسيقى “بانك روك”، وهو نوع من الموسيقى ذاع صيته في منتصف السبعينيات من القرن الماضي، وأصدر الفريق مؤخرا أول ألبوم له مسجل بالأستوديو منذ 36 عاما بعنوان “سيتيزنز أوف بوومتاون”.
وبخلاف الألبومات الغنائية الأخرى التي تم من خلالها لم شمل أعضاء الفريق، والتي صدرت نتيجة احتياجات مالية بأكثر من أنها تنبع من دوافع فنية، فإن هذا الألبوم الجديد الذي شارك فيه أربعة أعضاء من الفريق الغنائي الأصلي، ينم عن ذوق موسيقي أصيل.
وبعض أغاني الألبوم العشرة تذكرنا بشكل مدهش بأفضل المراحل الغنائية التي قطعها الفريق.
ويجب الإشادة بالفريق الذي دشن موسيقى البنك في أيرلندا مثلما فعل فريق ذي سيكس بيستولز في بريطانيا.
ولا بزال جيلدوف الذي يبلغ من العمر 68 عاما وتحول شعر رأسه الطويل والمجعد إلى اللون الرمادي، يشع بالطاقة خلال المقابلة مع (د.ب.أ).
ومن الواضح أنه يمتلأ زهوا وهو يحكي كيف كان لم الشمل غير المتوقع للفريق الغنائي، لإقامة بضع حفلات منذ سبع سنوات قد أدى إلى إصدار ألبوم كامل.
وفِي عام 2013 عندما كان جيلدوف يمارس أداءه الغنائي بمفرده “سولو”، قال إن زملاءه السابقين في الفريق اتصلوا به، “وبدأنا نعزف في غرفة الجلوس بمنزلي مثلما كنّا نفعل عندما كنّا صغارا، وبمجرد بدء عمل الفريق كانت النتيجة رائعة، ولَم أكن أدرك أننا أقوياء للغاية وأننا كنّا فريقا رائعا”.
وأوضح جيلدوف أنه لم يكن مهتما بإحياء الأغاني القديمة للفريق، غير أنه بعد العزف والغناء مع باقي أعضاء الفريق أدرك أن أداء هذه الأغاني لم يجعله يشعر بالحنين للماضي، ولكن بالغضب الكامن في معانيها.
ويقول جيلدوف إنه عندما يشدو بأغنية “لا أحب أيام الاثنين” التي حققت نجاحا مدويا عام 1979، والتي تدور حول إطلاق الرصاص على التلاميذ بالمدارس، تنجذب أفكاره نحو أحدث العمليات المماثلة التي وقعت.
أما أغنية “جمهورية الموز” الشهيرة لعام 1980 والتي كتبت أصلا عن الجمهورية الأيرلندية فهي مهداة حاليا إلى الجمهورية الأمريكية وتراجعها إلى مرحلة الطفولة.
وحتى أغنية “رات تراب” أو فخ الفأر والتي كانت على رأس قائمة الأغاني الشهيرة للفريق عام 1978، فموضوعها لا يزال حيّا وفقا لما يقوله، وهو يغنيها حاليا للصغار الذين يكدحون في مخازن شركة أمازون أو يكافحون في الاقتصاد الذي يقوم على عقود وظيفية مؤقتة.
ويؤكد جيلدوف أن الكيمياء بينه وبين أفراد الفريق لم تتلاشى ، ويقول إن الفريق لم يتبعثر ولكنه توقف لإلتقاط الأنفاس، وإن أعضاءه لا يزالون يتشاركون في نفس الفلسفة التي تقول إن “الروك آند رول” هي موسيقى تعبر عن الإحباط.
والآن أصبح هذا الناشط السياسي والمغني بالاشتراك مع زملائه في الفريق والذين تقدم بهم العمر، مستعدين مرة أخرى للتعبير عن غضبهم إزاء حالة العالم.
وفي ختام المقابلة الصحفية التي تناول خلالها جيلدوف بحماس عددا من الموضوعات السياسية والمتعلقة بالغناء التي مرت به خلال الخمسين عاما الماضية، تطرق بإيجاز مرة أخرى إلى موضوع حفلاته الغنائية الخيرية.
وقال “إننا استطعنا استخدام لغة “الروك آند رول” التي يفهمها الجميع، للتحدث عن إمكانية إحداث تغيير على أرض الواقع”.
وبهذه الكلمات الختامية بدا هذا المغني الملقب “بالقديس بوب” أي قديس غناء البوب غير مستسلم على الإطلاق لأوضاع سادت في الماضي.