إن زراعة الحقول و تربية المواشى من شأنهما تأمين الغذاء الكافى و توزيعه على مراحل السنة كلها. فالناس، وقد أصبحو أمثر ثقة بالغد، توقفوا عن التشرد و السعى ورا الطريدة. وبالمقابل تستطيع تستطيع القبيلة الأن أن تستقر و تثبت قرب الحقول المزروعة، و أن تقيم مخيمات يمكنها أن تتحول إلى قرى وفيما بعد إلى مدن صغيرة.
هذه القبائل التى يجمعها عمل واحد و لغة واحدة و تقاليد و عادات و معتقدات مشتركة، بدأت تلتقى حول مدن منظمة يوجهها قادة أقوياء. إنها نهاية مرحلة ما قبل التاريخ. ولكن كيف و أين و لماذا حصل هذا التطور العميق و الحاسم بالنسبة لمستقبل البشرية؟؟؟
بعد حصاد القمح كانت الحبوب تفصل عن السنابل عن طريق ضرب الأكوام الصغيرة بالقضبان. ثم يتخذ قسم منها بذراً يحفظ فى حفر و يغطى بقطع الفخار، ويطحن الباقى منها فى أجران أسطوانية الشكل بواسطة مدقات ثقيلة. و يمزج الطحين بالماء للحصول على عجين الذى بدوره يحول إلى النار قطعاً صغيرة ليصبح خبزاً.
بدأ كل شئ منذ 3000 أو 400 سنة، فى نهاية العهد الجليدى الأخير، عندما أرتفعت الحرارة بشكل محسوس على سطح الكوكب، محدثة تغيرات مهمة. فالحرارة المرتفعة و الجفاف القوى حولا الصحراء إلى خضراء آنذاك إلى صحراء قاحلة. فالمناطق الممتدة من مصر إلى فلسطين و سوريا و تركيا و العراق و إيران تعرت تدريجياً من خضرتها و تحولت إلى مناطق جافة إجمالاً، ثم أمسى عدد الحيوانات قليلاً، فأنقرض بعضها و رحل بعضها الآخر.
هل الزراعة من أكتشاف المرأة ؟؟؟
تعودت النساء، فى مجتمع الصيادين، على قطف الثمار التى تقدمها الطبيعة مجاناً فى الغابات و الحقول. كما عمدت نساء تلك الحقبة إلى تمضية أوقاتهن فى البحث عن القمح و الشعير و الحبوب التى كانت تنبت طبيعياً فوق التلال الخصبة و على طول ضفاف الأنهر فى الشرق الأوسط. فمن المحتمل أن يكون أكتشاف الحبوب قد تم صدفة على يد المرأة أثر وقوع بعضها و نموه فى ارض خصبة، مقدماً بذلك زرعاً جديداً.
تلك الخطوة أعقبت محاولات كثيرة و تجارب متنوعة لمعرفة كيفية الإنبات و مراحل نمو النبتة بعد زرع الحب. ومع نجاح التجربة بدأ عهد جديد إذ قدم أكتشاف الزراعة للناس إمكانات هائلة من التطور.
و توصل الإنسان إلى معرفة الحيوان و تغذيته و أعتباره رفيقاً له. و أعتبرت الكلاب، منذ ولادتها، جزءاً من المجموعة، فكانت تتغذى و تربى و يعتنى بها مقابل القيام بالخدمات المطلوبة.
هذا الأختبار الناجح حمل المزارع على القيام بالتجربة ذاتها بالنسبة لحيوانات أخرى. وبعد محاولات متكررة، وقد أعطى بعضها نتيجة سلبية، أستطاع الإنسان تدجين أكلة العشب من الحيوانات، تلك التى تعيش قطعاناً غير مؤذية، إلى جانب كونها مهيأة لتقبل سلطة الراعى و الكلاب.
و هكذا أحتل المعاز و الغنم و البقر مكانها داخل " العائلة " التى تنوع أفرادها و كثر عددها عند الإنسان.
إن تدجين الحيون، ساعد الإنسان فى نقل الأحمال الثقيلة، وجعل بعضها مطية لأسفاره، فالحمير و الجمال و الخيل تأخر دخولها حياة الإنسان و لكنها كانت أكثر نفعاً من سواها. وكانت الحيوانات الداجنة مصدر رزق للقبيلة، إذ قدمت لأفرادها اللحوم و الحليب و الأجبان، فضلاً عن الجلود و الأصواف. ثم إن أكتشاف الفوائد المتنوعة من الصوف كان له أهميته إذ ان النساء تعلمن كيفية أستخراج الخيوط و حبكها، فكانت بذلك الحرفة الأولى : الحياكة.
هذه البقعة التى كانت بكاملها فى وقت مضى ملائمة لقبائل كثيرة من الصيادين، أمست مساحة صراع مرير من أجل البقاء. فنتج عن ذلك نمط جديد من العيش أضطر سكان تلك المناطق إلى البحث عن مرافق للعيش جديدة، و إلى تعديل علاقتهم بالعالم الحيوانى و النباتى المحيط بيهم.
أمنت الزراعة و تربية المواشى غذاء للإنسان أكثر غزارة و تنوعاً، فخف التعب وقلت المغامرة، وبذلك أزداد عمر الإنسان بشكل ملحوظ، و الفضل يعود إلى الثورة الزراعية. وفيما بعد ساعد التقدم فى ميادين أخرى( فى الطب مثلاً ) على إطالة الحياة :
من 100,000 ق.م إلى 10,000 ق.م 30 سنة تقريباً
من 100 سنة ق.م إلى 100 ب.م 33 سنة تقريباً
فى القرنين 14 و 15 38 سنة تقريباً
بداية القرن العشرين 61 سنة تقريباً
أواخر القرن العشرين 70 سنة تقريباً