احتفل ملايين المسيحيين حول العالم أمس الثلاثاء بعيد ميلاد المسيح عيسى بن مريم عليه السلام في أجواء اتسمت بالطابع التقليدي الذي يصبغ مثل هذه الاحتفالات عادة، وإن عانت بعض الدول الغربية كالولايات المتحدة وبعض دول أوروبا كالمملكة المتحدة من غضب الطبيعة حيث أغرقت مياه الفيضانات شوارع بعض المدن، وغمرت الثلوج البعض الآخر.
ففي كلمته بمناسبة أعياد الميلاد المجيد، ابتهل بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر إلى الرب لكي يعم السلام ربوع سوريا، بينما احتشدت جموع المصلين في كنيسة سانت كاثرين في بيت لحم بفلسطين، مهد المسيح عيسى.
ودعا البابا إلى وضع حد 'لحمام الدم' في سوريا التي يعصف بها صراع دامٍ. وقال 'ثمة أمل في العالم، حتى في أشد الأوقات العصيبة وفي أصعب المواقف'، متضرعاً إلى رب السموات والأرض 'أن يعم السلام شعب سوريا'.
وفي العظة التي ألقاها في كنيسة سانت كاثرين المجاورة لكنيسة المهد ببيت لحم، قال بطريرك ورئيس أساقفة الروم الكاثوليك في الشرق الأوسط، فؤاد طوال، إن عيد الميلاد يحل هذه السنة والفلسطينيون يعيشون 'في ظروف قاسية، احتلال لم ينته بعد، يستولي على أرضنا ولقمتنا ويصادر كلمتنا وماءنا وهواءنا. قلوبنا تعبة وهمومنا كثيرة، وأهالينا في غزة ما زالوا يضمدون جراحهم'.
وفي الولايات المتحدة، تساقطت الثلوج وهطلت الأمطار وسادت أجواء عاصفة معظم أرجاء البلاد مع حلول موسم الأعياد. لكن ذلك لم يمنع الناس من الخروج لشراء هداياهم واستبدال تلك غير المرغوبة منها من المحال التجارية التي عرضت تخفيضات هائلة على السلع.
وفي بلدة نيوتاون بولاية كونكتيكت التي شهدت مؤخرا مذبحة راح ضحيتها 26 شخصا معظمهم تلاميذ إحدى المدارس، غطت الثلوج الدمى التي وضعها المعزون في موقع الحادث.
وحضر العديد من سكان المدينة القداس الذي أقيم في إحدى كنائسها عشية الأعياد، وأوقد آخرون الشموع خارج منازلهم وعلَّقوا جوارب على الجدران تحمل أسماء ضحايا المذبحة.
وفي فلوريدا، قفز حوالي 150 سانتا كلوز وآخرون في مياه المحيط عند شاطئ كوكوا وهم يرتدون ألواح ركوب الأمواج.
وفي بريطانيا، قضت الأمطار الغزيرة، التي هطلت أمس مصحوبة برياح عاتية ورعد وبرق، على آمال معظم الناس هناك بكريسماس أبيض تزينه الثلوج كالعادة.
وشهدت أجزاء من البلاد أغزر مطر منذ عام 1990.
وفي ألمانيا، عمد أفراد العائلات إلى تدفئة أجسامهم قبيل انطلاق الاحتفالات حيث هرعوا إلى الغابات لقطع أشجار الكريسماس الخاصة بهم.
وفي الصين، تدلت مصابيح الكريسماس من فوق الأشجار خارج كنيسة تشوانومين في بكين، التي أمَّها كاثوليك صينيون لحضور قداس أعياد الميلاد.
وفي وقت تعصف فيه الأزمة المالية بمعظم دول أوروبا والولايات المتحدة مما أشاع قدرا من التشاؤم هناك، فإن الصين بدت أكثر تفاؤلا في احتفالات هذا العام. لِمَ لا وقد جنت مصانعها أرباحا طائلة من بيع الهدايا والميداليات والزخارف والأشجار الصناعية والمصابيح ولعب الأطفال إلى تلك الدول.
أما موسكو، فلم يحل الطقس البارد فيها دون خروج الأب 'فروست'، أو سانتا كلوز الروسي، إلى الشوارع محملا بهداياه للأطفال.
وفي باكستان -الدولة ذات الغالبية المسلمة- حضر أفراد الجالية المسيحية في أنحاء العاصمة إسلام آباد الصلوات الخاصة التي أقيمت في وقت متأخر من مساء الاثنين، كما احتفلت تركيا بدورها بأعياد الميلاد، حيث احتشد المسيحيون في كنيسة سانت أنتوني لأداء الصلوات.
واللافت في موسم الأعياد هذا العام أن اثنتين من الشخصيات التي طبقت شهرتها الآفاق غابتا عنها بسبب المرض.
فالرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الأب قضى الكريسماس في مستشفى هيوستن برفقة زوجته باربرا حيث يعاني من سعال حاد أشبه ما يكون بالتهاب شُعَب هوائية.
ولم يكن الزعيم نيلسون مانديلا -أول رئيس أسود لجنوب أفريقيا- أفضل حظا من بوش، حيث أمضى ليلة الأعياد في إحدى مستشفيات العاصمة بريتوريا بعد عملية جراحية لاستخراج حصوة في المرارة وللعلاج من عدوى في الرئة.