هنا

[سوريانا]

" أتلفت حولي دائماً في دهشة متأملاً إختلاف الطبائع في صنوف الحيوان ..
مكر الثعلب ، و وفاء الكلب ، و شجاعة الأسد ، و اندفاع الثور ، و صبر النملة ، و تحمل الحمار ، و غضبة الجمل ، و انتقام الفيل ، و وداعة الحمامة ، و رقة الغزالة ، و تلون الحرباء ، و غدر النمر ، و لؤم الضبع ، و دناءة الخنزير ..
فأرى كل هذه الطباع التي تفرقت بين أجناس الحيوان ..
قد اجتمعت في الإنسان ..
و أحيانا أراها في الإنسان الواحد تختلف عليه مع اختلاف الأحوال و المناسبات .
..........
من كتاب" عالم الأسرار "
د مصطفى محمود

[سوريانا]

القصة و ما فيها …!
أستطيع أن أخترع لك تاريخياً نضالياً لا غبار عليه.
في سنة كذا جرحت، وفي المظاهرة الفلانية خرمشت، ولكن الحقيقة غير ذلك بتاتاً.
القصة وما فيها هي أنني في الثالثة عشرة من عمري كنت وحيداً فقيراً في قرية أكثر وحدة وفقراً من مواطنيها،
وكانت الريح تعصف والمطر ينهمر وأنا أتسكع في زواريبها المظلمة المقفرة . . لا أعرف كيف أصرف وحدتي وضجري.
حاولت تلك الليلة الدخول إلى البيت فكان مغلقاً، حاولت الدخول إلى السينما فلم أجد نقوداً،
فقررت الدخول في أحد الأحزاب.
كنت كملايين الفلاحين الفقراء في تلك الحقبة أكثر وحدة وجفافاً من الوتد، وعليه أن يدق في أرض ما ويُشدّ إليه خيمة ما.
المهم، كان هناك حزبان جديدان يتنافسان في القرية، وفي طريقي للانتساب إلى أحدهما اتضح لي أن أحدهما بعيد عن الحارة ولا يوجد في مقرّه مدفأة. . .
ولأنني كنت متجمد الأطراف من البرد،
اخترت الثاني دون تردد لأنه قريب من حارتنا وفي مقرّه مدفأة.
وللآن لم أقرأ مبدأ من مبادئه.
ومنذ أن انتهت موجة البرد بعد أيام . . لم أحضر له اجتماعاً، ولم أقم بأي نشاط لصالحه على الإطلاق باستثناء مرة واحدة كلفوني بها بجمع تبرعات من إحدى القرى التي كنت أعمل في بساتينها،
فجمعت التبرعات والاشتراكات ، واشتريت بنطلون ..
وهذا وجه الضيف.

.....
محمد الماغوط

[سوريانا]

كانت جالسة ڪعادتها حتى أتاها و قال لها :
- تفضلي القهوة آنستي.
ردت عليه : شڪرا جزيلا لك.
ثم قال : لڪن هذا ثالث فنجان قهوة أحضره لك آنستي و لا تشربينه!
قالت : لأنني لا اشرب القهوة.
- لماذا تطلبينها إذا؟
- لأنني ..... و ما شأنك أنت؟
-قال : أنا أعمل هنا في هذا المقهى ، لڪن أنا أدرس أيضا معك في نفس الجامعة ... أظن أنك لم تلاحظي هذا لڪن أنا أتابعك بشدة ڪبيرة و أراقبك دائما!
- قالت : لماذا ؟؟!!
-أنا أشعر انك غريبة الأطوار و متقلبة المزاج دائما ، أراك تضحكين فجأة و تحزنين أخرى ...... أنا آتي إلى العمل كل يوم و قد أحببته بسببك ⁦.... أنت لا تعلمين أنني افتعل المشاڪل لاي شخص يحاول الاستهزاء بك و السخرية منك.
- ماذا ؟؟!!
- قال : نعم ، أنا لا أشعر بالاطمئنان إلا عندما أراك و أتبعك ڪل يوم ...... سامحيني آنستي أنا حقا آسف.!
- قالت : آسف ... على ماذا ؟؟!!
- قال : لأنني أراقبك دائما و أتبعك ڪل ليلة .
- فقالت هي : حسنا ... لنعد إلى موضوعنا!
- قال : لم يڪن هناك موضوع !
- قالت : بلى ڪان ، ألم تسألني لماذا أطلب القهوة و لا أشربها ؟؟!!
- قال : أجل، قلت ذلك.!
- فقالت : أنا فعلا لا أحب القهوة، لڪن أطلبها كي اراك..

[سوريانا]

فبعض الدقائق جمرٌ ....
و بعض الرجوع اغترابُ....
و بعضُ الحرائقِ بردٌ ....
و بعضُ الحلولِ ارتكابُ.....
.................................................. ..
بحر لاواديسا

[سوريانا]

السلام على سورية
تواري ضحايا الزلزال المدمر...
السلام على سورية تعبر جسر الموت إلى الحياة..
السلام على سورية تكسر ناب البرد وتتشح العناد في وجه البلاء الصعب..
السلام على سورية تمخر عباب العتم..
لتمسك مجاديف النجاة..
وتزيح عن هام الجياع حجار الموت وأتربة الصقيع..
السلام على السلام تبدى سوري الهوى..
والحمية..والذود عن وجوه الضحايا هشمتها الرعود بجوف الأرض..
تسأل هل أعاد الزلزال المدمر..أسئلة الصراع المر..
هل ارجع الغضب الطبيعي العصاة إلى الله..
هل ما يوقظ الضمائر النائمة في كهف الاحتكار والطمع والطاغوت..
لتذكر أن في الدنيا نهاية حتمية اسمها الموت تحت أنقاض الجشع القبيح..أقامه الفاسدون حصارا فوق الحصار
وجوعا على التجويع
وأنينا فوق الأنين..
هل أيقظ الزلزال المدمر في ثوان قليلة
الروح في أجساد الفاسد والنافذ والمستبد بقوت الناس من أهل الوطن..
وهل استفاق الضمير فعلا..في رأس فاسد لم يردعه نظام ولا قانون ولاشرع أو إله..
هل ارجع الغضب الطبيعي هذا الإداري وذاك إلى الحس الإنساني أو الوطني..بأن الظلم شناعة لاكفارة لها؟؟!!.وأن العدل المغتصب بإرادة الفساد المتجبر وشهوة المال..له عدل سماوي تقره الأرض متى أوحى لها..لتحدث أخبارها..وتخرج أسرار الملفات السوداء ليرى الناس؟؟؟؟!!!!
ماخلف الستار..ومن باع أو اشترى وأثرى بحقوقهم..وجوع أطفالهم..ودماء شهداءهم..
ثم هل تلقى العقل الإداري العربي..جوابا عن حقيقة الغرب المزيف
وأن الإنسانية أو المساواة وحقوق الناس كذبة مفضوحة؟؟؟!!!..
وأن الغرب الذي يسعى من يسعى لكسب رضاه ضبع اجرب فاجر..
هل أدرك العقل الإداري العربي بمختلف مواقعه
أن الغرب الذي نرزح تحت عقد نقصنا تجاهه ماهو إلا قاتل للشعوب وماص لدمائها قبل نفطها وخيرها؟؟؟!!!..
هذا الغرب السفاح لماذا نلهث خلفه كالجراء لنكسب رضاه ونتوسل منه شهادة حسن السلوك. .ونقتبس منه كل شيء في التعليم والثقافة والقانون والعلوم والأحوال الشخصية..والدينية حتى!!!؟؟؟
ونرتمي في احضانه وننظر إليه كرب يحي ويميت!!!
هذا الغرب الذي يمنع حتى أبسط وسائل الإسعاف أو الإنقاذ أو المساعدة في كارثة طبيعية..ويزيد في الحصار حصارا..
أما آن لنا أن نتحرر من عقد نقصنا تجاهه..ونلجم شهوتنا إليه..
أما آن الأوان كي نرفض التبعية والهيمنة والتدخلات التي يفرضها الغرب علينا عبر منظماته وغيرها..
كي نكون نحن أنفسنا وليس كائنا غيرنا يتحكم فينا ويدمر ويسرق ثرواتنا ويخرب هويتنا القومية..
وثقافتنا التي ترضع من ثدي عولمته التي ماشاء لها أن ترضع..
هل نستفيق؟؟!!
هل تعيدنا الكارثة إلى شخصيتنا الحضارية؟؟!!
هل تعيدنا الكارثة إلى لغتنا وهويتنا المستلبة؟؟!!..
هل نرجع إلى الله والجذور والهوية الأصيلة..
أو نبقى كالدمى أو سقط المتاع..يلهو بنا الغرب كما يشاء

[سوريانا]

و لنا تحت كل حجر سلام في وطن يكابر من تحت الركام
عزائي لكل من انتظر أمام الأنقاض باكياً راجياً نداء نجاة
كل الشكر لكل من أرسل كلمة عزاء
وجعنا أكبر من هذه الدنيا
صرنا نحتاج كوناً آخر يتسع لهذا الألم
جرحنا بطول هذا الوطن ..
.................................................. ......
رحم الله كل من رحل

[سوريانا]

طلع الحصار بينفك
طلعت المعابر بتنفتح
طلع الفساد بخاف من كلمة الحق
وطلعنا فينا نقول لا بوجه الحرامي
وطلع السوري بحب السوري
وطلع السوري ما عندو مشكلة مع السوري
لا من دين ولا طايفة ولا شمال ولا غرب ولا جنوب
وطلع فيها الدول الشقيقة تخرق قيصر غصب عن الكل
وطلع فينا نغطي البردان ونطعمي الجوعان
وطلع في حليب اطفال
وطلع ما في ادوية مقطوعة
وطلع في خبز بيكفي الكل
لكن ليش كنا ((بلا رحمة )) كل هالسنين؟؟؟؟؟؟
بس كان ناقصنا هزة
هزة.. ضمير .......

[سوريانا]

وهبت كفي للزمن .. راح يلهو كما يشاء وانا راهنت على مغالبته عسى ان ينام قليلا ويرتاح وان يترك لي القدرة على مشاغبة الاحتمالات ..
مهما حاولت اجسادنا ان تقاوم وان تدعي القدرة لكنها في النهاية ستترنح على مسافة ما تبقى ..اجسادنا قد تتأوه او تستكين ..او تقدم استقالتها دون تعويض عما مضى ..
بعد الزلزال بدا الزمن مجرد غفلة عين .. واكدت الارض انها غير وفية وان الاماكن التي نكتب لها الشعر والانتماء قد تتساقط على اجسادنا لنصير مجرد ارقام لضحايا في مواجز الاخبار ….

[سوريانا]

انا يتمتني الحرب ...
و أنت ؟؟
أنا ابن هذه الحرب ...
كيف مات قلبك ؟؟؟
قطعته قذيفة على رصيف ..
و أنت ؟؟؟
دهسته في الشوارع الخيبات

[سوريانا]

سلاما علىْ من يبتسمون وداخلهم
شروخا لن يرممها مرور السنين ..
وسلاما على من يمرحون وداخلهم
جروحا لن تلتئم ولو بعد حين ..
وسلاما على الصامتون وفى قلوبهم
آه لو خرجت لصارت زلازل وبراكين ..
وسلاما على من مزقتهم دروب الحياة
وشردتهم وما زالوا صامدين