بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
كورونا داء ووباء أقرَّ بذلك العالَم بعلمائه وحكمائه والأطباء، لا يعرف ملةً ولا مذهبًا ولا جنسًا، ولا ذنَبًَا ولا بطنًا ولا رأسًا، سيلٌ جارف، للجاهل والعارف، انقسم الناس فيه بين ثلاث: مؤمنٍ موحّد، ومشرِكٍ مُفسِد، وجاحدٍ ملحد.
أما أهل الإيمان والتوحيد فهم ثابتون على عقيدتهم من أنَّ الله عَلِم وكتب وشاء وخلق، وأنه كما قدَّر وخلق النفس والجبال والأرض والسماء بما عليها كذلك خلق هذا «الفيروس» وقدَّره على من شاء من خلقه، يعذّب به أقوامًا ويرحمُ به آخرين، وأنَّ النفع والضر بيده، لا يملكه ملكٌ مقرَّب ولا نبيٌّ مرسل، ولا إمامٌ مبجَّل، ولا وليٌّ مُدلل، ولا قبرٌ مُجلَّل، ولا طبيبٌ يُرجى منه ويُؤمَّل، ولا كاهنٌ ولا ساحرٌ عن الحقّ مطرودٌ مُضلَّل، يعلمون أنَّ هذا الوباء مرض وبلاء ويأخذون بأسباب الوقاية والشفاء من أخذ الدواء والابتعاد عن أماكن انتشاره كما علمهم دينهم وأرشدهم نبيهم عليه الصلاة والسلام، هذه هي عقيدة أهلِ التوحيد، ثابتة لا تتزحزح ما بقي الليل والنهار، عقيدتهم بالأمس هي عقيدتهم اليوم، راجين من الله الخالق وحده دون غيره أن يثبتهم على ذلك ويصرف عنهم الأضرار والمهالك.
وأما أهل الشرك ممن يزعم ويرجو النفع والضر والمدد والسند من غير الله، فلا زالوا في خيبتهم، يعتقدون أنَّ أصنامهم وأوثانهم وقبورهم التي يعبدونها من دون الله ستنفعهم وستصرف عنهم كل بلاء، فها هي اليوم أصبحت هذه المعبودات تغزوها المطهّرات وتُحمى وتُحرس على مدار الساعات بدلًا من أن تكون ـ حسب اعتقاد أصحابها ـ هي الصارفة النافعة الجالبة للخير الدافعة للسوء ـ عياذًا بالله ـ، ومن الخذلان أنه لا زال الكثير منهم يستجير ويستغيث ويلتجأ إلى تلك المخلوقات التي لا تملك لنفسها مثقال ذرة من خير أو شر، والله المستعان.
وأما الضرب الثالث فهم أهل الإلحاد، وهذه الفئة وقعت في تناقضٍ عجيب، يتخبطون كمن أصيب بمس الشياطين، بالأمس يزعمون أنَّ قوَّتهم وتطوُّرَهم وتقدُّمَهم سيحميهم ويعصمهم، واليوم «فيروس» فتاك لا يُرى يرعبهم ويرهبهم ويُعجزهم!
بالأمس يقولون: لا نؤمن إلا بالمحسوسات وأما المغيبات فلا، واليوم يؤمنون بما لا يُرى من الأوبئة والفيروسات!
بالأمس يقولون: لا إله للكون، واليوم لما رأوا العالم عاجزًا بدأت فطرتُهم تهيج وتتجه نحو الأعلى وتُدرِك أنَّ هناك مَن سيُخلّصهم من هذا الوباء المميت القاتل بعد عجز خبراء الطب ودهاتِه، وإن أظهر بعضهم المكابرة والعناد ففي قرارة نفسه ما يناقض ذلك تمامًا «وجحدوا بها واستيقنتها أنفسُهم ظلمًا وعلوا».
فالدعوةُ للعالم أجمع ممن لم يلحق بعقيدة التوحيد أن يبادر ويسارع لإفراد ربه بالعبادة واتباع دين الإسلام، دين العدل والوسطية والرحمة والمحبة والسماحة، من عاش عليه عاش حميدًا سعيد القلب، ومن مات عليه مات على خيرٍ، ومآله إلى خير كما وعد ربنا في كتابه وأوصى بذلك الأنبياء والرسل. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.