بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
(وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا) فالفوز بالآخرة يتطلب بحسب الآية الشريفة:
1- إرادة جديّة وقصد حقيقي لنيل رضوان الله تبارك وتعالى وليس مجرد لقلقة لسان كما وصفهم الإمام الحسين (عليه السلام) (الناس عبيد الدُنيا، والدين لعقٌ على ألسنتهم يحيطونه ما درّت معائشهم، فإذا مُحصّوا بالبلاء قلّ الديانون)، وأن تكون إرادته مبنية على قصد الوصول إلى الهدف الحقيقي وهو رضا الله تبارك وتعالى وليس طاعة لغيره أو لأي هدفٍ آخر سواه.
2- السعي الجاد الدؤوب بما يصلح الآخرة ويضمن الفوز فيها، فقوله تعالى (وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا) يتضمن عدة خصائص لهذا السعي منها كونه حثيثاً ودؤوباً فقد قيل في معنى السعي أنّه (المشي السريع ويستعمل للجد في الأمر)، (وأكثر ما يُستعمل السعي في الأفعال المحمودة)) ولتأكيد ذلك فقد أضافت الآية السعي إلى الآخرة أي أن يكون السعي مناسباً للآخرة بكل ما يعني ذلك، لتختصر كل ما تطلبه الآخرة من نوع السعي ومقداره وخصوصياته، قال السيّد صاحب الميزان ((والمعنى وسعى وجدّ للآخرة السعي الذي يختص بها ويُستفاد منه أنّ سعيه لها يجب أن يكون سعياً يليق بها ويحقّ لها كأن يكون يبذل كمال الجهدِ في حسن العملِ وأخذه من عقلِ قطعي أو حجة شرعية).
3- أن يقترن ذلك بالإيمان بالله تعالى وبرسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) لأنّه شرط القبول ونيل الجزاء لأنّ باب الله الذي لا يُؤتى إلاّ منه (وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا) (البقرة/189) وأن يتعزز الإيمان بالمعرفة بالله تعالى وإخلاص النية له سبحانه، وهذا الإيمان والمعرفة لابد أن تكون لها حقيقة، فيعتقد أن هذا كله لطفٌ من الله تعالى وأنّه لا يستقل بشيء عن ربّه، وأن يكون خائفاً مشفقاً إذا نظر إلى العمل من زاويته الشخصية، فإذا قُبل عمله بفضل الله ورحمته وهذا ما أكدته الآية اللاحقة (كُلاًّ نُّمِدُّ هَـؤُلاء وَهَـؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُوراً) (الإسراء/20) ونحو ذلك من المعاني.