كان التفاخر دوماً بكلمة نعم، فكتب الشعراء مادحين الملوك والزعماء بأنهم لا يرفضون للناس طلباً، وكان الناس يعدون بتلبية الطلب قبل أن يسمعوه، ولكن كل ذلك فقط في الكتب والروايات والعادات التي خلقت من المشاكل ما خلقت، والواقع يؤكد أن كلمة "لا" أفضل بكثير من نعم في غير محلها.
فكلمة لا مهمة للمدير الذي يطلب منه الموظف أشياء معينة كمسلتزمات عمل أو ترقيات في حال لم يكن ذلك ممكناً، و كلمة لا هنا أفضل للموظف من نعم كاذبة، تتلوها كذبات عديدة، فتسقط الثقة تماماً، بسبب لحظة "وعد" أفرحت الموظف يوماً وأغضبته سنوات.
وكلمة لا مهمة بين الرجل وزوجته، فالوضوح بما يستطيع عليه الاثنان وما لا يستطيعان مهم للغاية، والتمثيل بدور الموافق على كل شيء وأنت لا تستطيع هو أسوأ ما يمكن فعله لعلاقة بين اثنين وليس فقط بين الزوجين.
وكلمة لا مهمة عندما تعد الناس بما أنت غير متأكد من تحقيقه، فلا هنا أفضل من نعم تجعلهم يعتمدون عليك فيها بلا طائل، وكلمة لا مهمة عند رفض الظلم، وكلمة لا مهمة عند رفض القيام بالخطأ، وكلمة لا مهمة في كل شيء عندما تكون في مكانها.
وكغيرها من الكلمات تصبح قاتلة عندما تستخدم في غير محلها، فلا يجب أن تكون في موقف لا وفقط، ولا في غير موقفها هي ظلم أو عناد أو استهتار، وبالتالي فاحترم قيمة هذه الكلمة، واستخدمها بلا حرج، ولا تعتقد أن قولك نعم لكل شيء صحيح، وإنما للا قيمة ذهبية عند وضعها في مكانها.
على الهامش، اشتركت سلسلة أفلام الخيال العلمي وكتبها "Rise of the Planet of the Apes" بأول ثورة للقرود تبدأ بكلمة "لا"، وقرأت يوماً مقالاً جاء فيه إن الكاتب الأصلي أراد أن يوصل رسالة مفادها بأن كلمة لا هي البداية لكل تغيير وليست نعم.
المصدر
ثقافه اون لاين