منهج أهل البيت عليهم السلام في تربية أصحابهم

قال الامام جعفر بن محمد الصادق (ع) :
«إني لأكره للرجل أن يموت،و قد بقيت عليه خلة من خلال رسول الله (ص) لم يأت بها» (1) .
لقد اعتني أهل البيت (ع) بتعليم أصحابهم و تلامذتهم و توجيههم الوجهة الصحيحة لتجسيد العقيدة و الأخلاق و الأحكام و المفاهيم الاسلامية سلوكا في واقع الحياة،و بناء و تربية الانسان المسلم وفق كتاب الله و سنة رسوله (ص) لايجاد شخصيات إسلامية تحمل منار الهداية و الدعوة إلى الاسلام فتشع على الآخرين العلم و العمل.و تقودهم نحو الالتزام،لتكوين تيار اسلامي في المجتمع بعد أن طرأت عليه عوامل التخريب و التحريف،و القيام بمهمة التغيير و الاصلاح الاجتماعي.
و نشاهد هذه الحقيقة متجسدة في سلوكهم و أخلاقهم (ع) كما نشاهد هذا الاهتمام و الاتجاه واضحا في وصاياهم و تربيتهم لتلامذتهم و أصحابهم،فهذا الامام أبو جعفر محمد الباقر (ع) يزيح الشبهات التي روجها بعض معاصريه ممن أرادوا تحريف الاسلام و هدمه:من أن حب أهل البيت (ع) و الموالاة لهم يكفي الانسان المسلم،و لا حاجة إلى الالتزام بالفرائض و ما أراد الله،و يوضح لهم المنهج الحق الذي يسير عليه أهل البيت (ع) ،و يجب أن يسير عليه المسلمون،و يلتزموا به،و هو منهج العلم و الاعتقاد الحق،و العمل و التطبيق لكل ما جاء في القرآن،و بلغه نبي الهدى محمد (ص) ،و سارعليه في حياته،لنستمع له و هو يوضح هذه الحقيقة بقوله:
«و الله ما معنا من الله براءة،و ما بيننا و بين الله قرابة،و لا لنا على الله حجة،و لا يتقرب إلى الله إلا بالطاعة،فمن كان منكم مطيعا نفعته ولايتنا،و من كان منكم عاصيا لم تنفعه ولايتنا» (2) .
و روى عمرو بن سعيد بن هلال قال:
«قلت لأبي جعفر (ع) جعلت فداك إني لا أكاد أن ألقاك إلا في السنين فأوصني بشي‏ء آخذ به،قال :أوصيك بتقوى الله،و الورع و الاجتهاد،و اعلم أنه لم ينفع ورع إلا بالإجتهاد» (3) .
و أوصى الامام جعفر بن محمد الصادق (ع) أحد أصحابه أبا اسامة و أمره أن ينقل هذه الوصية لأتباعه،نقتطف من الوصية:
«فاتقوا الله و كونوا زينا،و لا تكونوا شينا،جروا إلينا كل مودة،و ادفعوا عنا كل قبيح،فإنه ما قيل لنا فما نحن كذلك،لنا حق في كتاب الله،و قرابة من رسول الله،و تطهير من الله،و ولادة طيبة لا يدعيها أحد غيرنا إلا كذاب (4) ،أكثروا ذكر الله،و ذكر الموت،و تلاوة القرآن،و الصلاة على النبي (ص) ،فإن للصلاة عليه عشر حسنات» (5) .
و أوصى الامام الصادق (ع) أحد أصحابه إسماعيل بن عمار بقوله:
«أوصيك بتقوى الله و الورع،و صدق الحديث،و أداء الأمانة،و حسن الجوار،و كثرة السجود،فبذلك أمرنا محمد (ص) » (6) .
و روى هشام بن سالم قال:سمعت أبا عبد الله (ع) يقول الحمران:
«أنظر إلى من هو دونك،و لا تنظر إلى من هو فوقك في المقدرة،فإن ذلك أقنع لك بما قسم لك،و أحرى أن تستوجب الزيادة من الله،و اعلم أن العمل الدائم القليل على اليقين أفضل عند الله من العمل الكثير على غير يقين،و اعلم أنه لا ورع أنفع من اجتناب محارم الله،و الكف عن أذى المسلمين و اغتيابهم،و لا شي‏ء أهنأ من حسن الخلق،و لا مال أنفع من القنوع باليسير المجزي،و لا جهل أضر من العجب» (7) .
و روى الصادق (ع) في صفة المؤمنين عن رسول الله (ص) :أن رسول الله (ص) قال:
«من ساءته سيئته،و سرته حسنته فهو مؤمن» (8) .
هذه صفة المسلم المثالي الملتزم كما سعى لصناعته و تربيته و تكوينه أهل البيت (ع) ،و هذا هو منهجهم في بناء و تربية الامة المسلمة و المجتمع المسلم،و هذه دعوتهم التي خاطبوا بها امة محمد (ص) ،الالتزام بكتاب الله،و سنة رسول الله (ص) ،و بناء الحياة على أساس ذلك الهدى،و هذا المنهج القويم.فما أحرى بالمسلم أن يهتدي بهداهم،و يقتدي بوصاياهم،و يستمع إلى تذكرتهم.