كبر العصفور الصغير وصار عليه أن يعتمد على نفسه في الحصول على طعامه لذا فقد قررت أمه أن تعلمه الطيران. في هذا الصباح مسحت أشعة الشمس بيديها الذهبيتين وجه العصفور المتورد برفق.. فتثاءب ثم تثاءب ثم غط في النوم من جديد بعد أن اتخذ في نفسه قرارا بألا يتعلم الطيران… فالحياة التي يعيشها بين نائم في عشه وملاعب الفراشات ووريقات الشجرة لهي أحب إليه من الطيران والبحث عن الطعام مرات ومرات. وراحت صيحات أمه وإخوانه تعدو مع الرياح… فالعصفور لم يعد يستمع إلى أحد.
وعندما توسطت الشمس السماء كان على العصفور أن يستيقظ لأن أشعتها أصبحت لا تطاق… نظر العصفور إلى الشمس نظرة احتقار وقال: كم أنت ثقيلة أيتها الشمس.. إني أكرهك.. كل أهل الأرض يكرهونك.. لماذا تتدخلين في شؤوني؟ لماذا لا تتركيني أنام بهدوء؟ وازداد غضب الشمس… فازدادت حرارتها معها.. وراحت أشعتها تهاجم العصفور من جديد.
انتفض العصفور من عشه وراح يصيح بالشمس ولما تأكد من عدم جدوى الصياح هجم عليها يريد ضربها و..هووب.. وقع على الأرض.. صاح متألما لكنه سرعان ما سكت خائفا عندما رأي قطا جائعا يحاول الاقتراب منه.. حاول أن يصيح لينبه أمه وإخوانه لكنه لم يستطع.. وعندما بقي بينه وبين القط الجائع خطوات.. استعد قلبه للهبوط إلى الأسفل.. لكنه خفق بجناحيه في اللحظة الأخيرة فارتفع عن الأرض قليلا.. خفق ثانية فارتفع أكثر.. ضحك من قلبه.. وحلق في السماء بعدما ألقى نظرة انتصار على القط الغاضب، ونظرة حب إلى الشمس.. وراح يبحث عن أمه واخوته.