* الوجود*
قيدَ النأيُ حبَّنا والوصالا
أدملَ السهمُ جرحَنا حيث صالا
يقصر البعد إن توجّهَ طيفٌ
طال لمّا ودادك منه طالا
لم يزلْ بدرك يزورُ فؤاداً
أثبت البدر حبك ثم زالا
إحتملْ عضة الزمان بصبرٍ
باتَ يقسو وتفقدُ الاحتمالا
في كثيرٍ من الأمورِ يغالي
زاد شطأً بكربه ثم غالا
لم يزل دهرنا يبرِّزُ ناباً
يولجُ الطعنَ يفرطُ الإيغالا
يوبقُ الوصل يتلفُ امنياتاً
يفصلُ الروح يقطعُ الأوصالا
كلّما كنت تدبرُ منه تقيا
تلتقيهِ فيلحفُ الإقبالا
لم يكن يهملُ تصبّبَ جرحٍ
يمهلُ النزفَ فيهما الإمهالا
كن نبيلاً بساعةٍ من بلاءٍ
كن جميلاً ترى الدموع اكتحالا
كن لطيفاً بشدةٍ وامتناعٍ
كن سميحاً ترى العويلَ احتفالا
أيها الكونُ من تراه تصدّى
قد رأينا بصنعكَ الاكتمالا
أيها الكونُ والوجود عظيمُ
علةُ الكونِ أبلغت اختزالا
أيها الكونُ إنَّ فيك نداءً
ترفعُ الصوتَ تنشدُ الابتهالا
يبهتُ العقلُ والفؤادُ فأضحى
بين أرض وجوّها اذهالا
لم تكن أيُّها الوجود طليقاُ
فأروني إذا اختلفت اختلالا
أوقد النار في العقول فأمسى
من اوارٍ لقدحة اشتعالا
إننا في الوجود جزءٌ صغيرٌ
قد مُزجنا فأتقن الاتصالا
أيّها الكونُ قد بناك إلهٌ
أحسنَ الصنعَ بدءةً واشتغالا
سطّحَ الأرضَ أنزلَ حلوَ ماءٍ
أنزل الصخرَ والجبالَ الثقالا
علّمَ الطيرَ أن تطيرَ بجنحٍ
في سماءٍ تفضّلُ الانتقالا
علّمَ الأسدَ أن تمزِّقَ لحماً
ثم يلعق لسانها الاشبالا
أبدعَ الصنعَ والتصوّرَ فينا
طرّزَ الحسنَ باينَ الاشكالا
أيّها الناسُ اتقوا خيرَ ربٍٍّ
واتركوا الذنبَ وابتغوا الاغتسالا
عندَ ربّي إذا تشاءُ جناناً
أو تشاءُ بنارهِ الاعتقالا
سيد حميد