وُلد الرّبيع معطّرَ الأنوارِ
غرّد الهوى و مجنّح الأشعارِ
و مضتْ مواكبهُ على الدّنيا كما
تمضي يدُ الشّادي على الأوتار
جذلانَ أحلى من محاورة المنى
و أحبُّ من نجوى الخيال السّاري
و ألذُّ من سحرِ الصّبا و أرقُّ من
صمتِ الدّموع و رعشة القيثار
هبط الرّبيع على الحياة كأنّه
بعثَ يعيد طفولةَ الأعمار
فصبت به الأرض الوقور و غرّدت
و تراقصتْ فتن الجمال العاري
و كأنّه في كلّ وادٍ مرقص
مرح اللّحون معربدَ المزمارِ
و بكلّ سفحٍ متودّد مترنّم
و بكلّ رابيةٍ لسانٌ قاري
و بكلّ منعطفٍ هديرُ حمامةٍ
و بكلّ حانيةٍ نشيدُ هزار
و بكلّ روضٍ شاعرٌ يذرو الغنا
فوق الرّبا و عرائس الأزهار
و كأنّ أزهار الغصون عرائس
بيضٌ معندمة الشفاه عواري
و خرائد زهر الصبا يسفرنْ عن
ثغر لؤاليّ و خدٍّ ناري
من كلّ ساحرة الجمال يهزّها
قطر الندي و بكا الغدير الجاري
و شفاه أنفاس النسيم تدبّ في
بسماتها في الأفكارِ
فتن و آيات تشعّ و تنتشي
كالحور بين تبسّم و حوار
ناريّة الألوان فردوسيّة
ذهبيّة الآصال و الأسحارِ
نيسانُ يا فصلَ الصّبابة و الصّبا
و مراقصَ الأحلام و الأوطارِ
يا حانةَ اللّحنِ الفريد و ملتقى
نجوى الطروب و لوعة المحتار
أجواؤكَ الفضّيّة الزرقا جلت
صور الهنا و عواطف الأقدار
و محا سناك الشّتا القاسي كما
يمحو المتاب صحيفة الأوزار
في جوّك الشّعري نشيد حالم
و عباقر شمّ الخيال عذاري
ما أنتَ إلاّ بسمةً قدسيّةً
ريّا الشّفاه عميقةَ الأسرارِ
و بشائر مخصّلة و ترنّم
عبقٌ أنيق السّحر و الاسَّحَّار
عبد الله البردوني