مقهى الزّهاوي
في شارع الرشيد من جهة الميدان ، انتصبت سقيفة فقيرة أطلق عليها ( مقهى الحاج أمين ) ، احتضن هذا المقهى الأدباء الكبار والسياسيين الوطنيين والفنانين المبدعين ، فأصبحت برلمانا حقيقيا يتغنى بالوطن والوطنية ، ويدافع عن حقوق الشعب ومصالحه ، لا يمكن مقارنته ببرلمان العراق اليوم.
كانت تثار فيه المساجلات بين الشعراء، وتعتمد على الحجة القوية والبرهان الساطع بغية الوصول الى الفائدة والتطور، لا كما يحصل في برلماننا الحالي .
تحول اسم المقهى الى اسم ( مقهى الزهاوي ) حيث دارت هناك المعارك المشهورة بين الرصافي والزهاوي.
أنشئ عام 1917 وضم خيرة الشعراء، وكان الشاعر محمد مهدي الجواهري والدكتور علي الوردي ومحمد بهجت الأثري وعلي الشرقي ونوري ثابت وعادل عوني وتوفيق السمعاني واسماعيل الصفار وغيرهم من رواده حيث كانت اللقاءات مستمرة والتواصل دائم، والتظاهرات الوطنية تنطلق من شرارة قصيدة تخرج من قلم شاعر في زمن كان للكلمة تأثيرها الكبير في تأجيج مشاعر الناس، وتشجيعهم على الخروج والتنديد بمظاهر الفساد والانحراف.
وفي هذا المقهى حدث استقبال لشاعر الهند الكبير طاغور، حيث كان الزهاوي أول المستقبلين له. وعلى أرض المقهى كان الهجوم شرسا على الأديب الكبير عباس محمود العقاد من قبل المختلفين معه.
ما يميز مقهى الزهاوي ، انه ظلت وفيّة لشعراء العمود والمحافظين على التراث، أما الأدباء أصحاب التجديد من الشباب، فكانوا موزعين في مقاه أخرى، مثل البرلمان والشابندر وحسن عجمي وغيرها .
وما يميز مقهى الزهاوي، انها ليست للأدباء والشعراء فقط، فقد كانت أيضا ملتقى السياسيين الكبار ورجال الدولة، فكان من روادها عبد الكريم قاسم وفاضل الجمالي وعبد الرزاق عبد الوهاب وغيرهم. وهي ملتقى الكثير من الفنانين أمثال ناظم الغزالي وحامد الاطرقجي وحميد المحل ومحمد القيسي وغيرهم. ما زال مقهى الزهاوي في المكان نفسه، شاهدا على مسيرة ثقافية متألقة، وصرحا حضاريا يحكي عن حقبة من الابداع الخالد .