الموصل في عهد العقيليين
بعدَ ان تسرب الضعف الى دولة بني حمدان، تطلع (بنو عقيل) الذين كانوا من رعايا الحمدانيين، إلى الموصل، فاستولى (ابو الدرداء) محمد بن المسيب امير بني عقيل (نصيبين) و(بلد) سنة 379هـ، ثم ضم اليها الموصل في السنة التالية بعد ان قتل ابا طاهر بن ناصر الدولة الحمداني، ثم اقرّ البويهيون (ابا الدرداء) واليا على الموصل، لكنهم ما لبثوا ان عزلوه سنة 382هـ، وصاروا يتولون حكم الموصل حتى سنة 386هـ، حيث تمكن (المقلد بن المسيب)، وهو اخو محمد بن المسيب العقيلي، من استعادتها، وأسس بها دولة العقيليين التي ظلت قائمة حتى سنة 489هـ.
وكان النزاع بين العباسيين والفاطميين قد هيأ الظروف لتجمع بني عقيل في المنطقة الواقعة بين الموصل وحلب، هذا بالإضافة الى سوء العلاقات بين البويهيين ولاة الموصل، إذ استولى البويهيون على الموصل من بني حمدان، بينما هرب أبو تغلب الحمداني ملتجأ الى بلاد الشام، حيث التقى هناك مع بني عقيل، الذي استجاروا به ضد (دغقل بن الجراح الطائي) صاحب الرملة، وقامت حرب بين الفريقين حلت فيها الهزيمة ببني عقيل وقتل فيها ابو (تغلب الحمداني)، وعندها نزح بنو عقيل الى شرقي بلاد الشام وتاخموا ارض الجزيرة الفراتية، حيث تمكنوا من اقامة دولتهم في الموصل وما والاها من الأعمال.
وكانت مدينة الموصل مقر الدولة العقيلية وعاصمة ملكهم، لكن عدم الاستقرار السياسي وكثرة الحروب والمنازعات الداخلية والخارجية التي سادت خلال فترة حكمهم، اضطرتهم الى ترك المدينة، واتخاذ بعض المدن الاخرى الخاضغة لنفوذهم، مراكز لإقامة الامراء.
ولقد تضافرت عوامل كثيرة داخلية وخارجية لإزالة دولة بني عقيل في الموصل، بعد ان دامت قرنا من الزمان معلنة راية العصيان والثورة ضد التسلط الاجنبي على بغداد حاضرة الدولة العباسية، كالبويهيين والسلاجقة الذين عملوا على إزالة نفوذ العرب واستبدوا بالأمور من دونهم.
ولما أقام العقيليون دولتهم بالموصل، اهتموا بتعميرها وتعمير المناطق التي امتدت اليها دولتهم. ومن عمائر بني عقيل في الموصل سورها، الذي ما زالت آثاره قائمة في المدينة، وقد انشأه الامير مسلم بن قريش العقيلي.
ولما كانت الموصل من الامصار القديمة التي طالت صحبتها للزمن، وكانت ذات حضارة وعمران ومركز سياسي دائم طوال العهود الاسلامية التي سبقت حكم بني عقيل، وبعدهم، فلابد أنها احتفظت بمخلفات بعض مصنوعاتها في عهد العقيليين، برغم الاضطراب السياسي وعدم الاستقرار الذي كان طابع دولتهم.
لكن الامور بالموصل لم تستقر لبني عقيل، فقد تمكن السلاجقة من الاستيلاء على الموصل وأعمالها، وزال ملك العقيليين منها سنة 489هـ - 1096م وصارت بلادهم جزءاً من دولة السلاجقة، فعاد العقيليون الى موطنهم الاصلي في بلاد البحري، حيث كانوا يقيمون مع بني تغلب وبني سليم، فوجدوا ان بني تغلب قد ضعف أمرهم، وزال حكمهم، فاستولوا على البلاد، واتخذوا من الاحساء مركزا لهم، وعاصمة لدولتهم، بعد ان عمروها وأقاموها، واستولى على السلطة فيها بنو عصفور، في العقد الرابع من القرن الثالث عشر الميلادي، وهم رؤساء بني عقيل آنذاك.
غير ان هجرة العقيليين من الموصل بعد زوال دولتهم، لا يعني انه لم يبق احد منهم في العراق، اذ لايزال بعضهم في الموصل حتى اليوم.
ولاة الموصل في حقبة العقيليين
- حسام الدولة المقلد بن المسيب - 386هـ- 996م
- معتمد الدولة قرواش بن المقلد - 391هـ- 1001م
- زعيم الدولة أبو كامل بركة بن المقلد - 442هـ- 1050م
- علم الدولة أبو المعالي قرواش بن بدران بن المقلد - 443هـ- 1051م
- شرف الدولة أبو المكارم مسلم بن قرواش - 453هـ-1061م
- إبراهيم بن قرواش - 478هـ- 1085م
- علي بن مسلم بن قرواش - 486-489هـ/1093-1096م