النشيد الوطني الموصلي
تأليف: إسماعيل حقي فرج
تلحين: حنا بطرس الموصلي
لست يا موصل الا دار عز وكرامه أنت فردوس العراق حبذا فيك الإقامة أنت منه خير جزءٍ خاب من رام انقسامه وعماد المجد أنت فيه بل أقوى دعامه أنت روح هو جسم أنت تاج هو هامه أنت شمس هو بدر منك قد لاقى تمامه ان من يدنو حماك فلقد أدنى حِمامه كيف يدنوك وأنت غاب أبطال الشهامة دونك شعب غيور باذل فيك اهتمامه أقعد الكون قديما بالقنا, ثم أقامه كم أبيّ فيك حبا قد نضى العضب حسامه يلتقي الموت ببشرٍ وسرورٍ وابتسامه نحن شوس الحرب ولنا فيها الزعامة كيف نولي من أتاك طامعا غير الندامة سوف نصليها ضراما حرها يصلي عضامه ويسح الدم منهم مثل ما سحت غمامه بلد الموصل دومي في أمان وسلامه لن ينال الغير منك قط, من ظفر قلامه
ولهذا النشيد قصة نوردها فيما يلي
في عقب الحرب العالمية الأولى وخسارة دول المحور للحرب والتي منهم الدولة العثمانية التي كان نفوذها يمتد في العراق والوطن العربي. وقد تقهقر الجيش العثماني أمام تقدم الجيش البريطاني في العراق حتى وصل جنوب الموصل والجيش العثماني فيها، عند ذاك أعلن وقف إطلاق النار وبموجبه انسحبت القوات العثمانية لتتمركز شمال المدينة.
كانت ولاية الموصل تضم الموصل واربيل وكركوك والسليمانية وجميع القصبات والقرى التي تلتحق بهم وكانت المفاوضات تجري بين طرفي الحرب وطالبت تركيا بإعادة ولاية الموصل لتركيا كون قواتها لن تخسرها في حرب إنما انسحبت منها بعد وقف إطلاق النار. برزت مشكلة الموصل للوجود وأحيلت لعصبة الأمم للاستفتاء على رغبة الأهالي في تقرير مصيرهم أينضمون لتركيا ام يلتحقون بالعراق. إلا ان القوات البريطانية كانت قد دخلت إلى المدينة وفتحت مخازن الغذاء للمواطنين الذين كانوا يعانون الأمرين من ويلات الحرب وقتها. وكرههم لسياسة التتريك التي انتهجتها السلطات العثمانية اواخر حكمها للموصل ، إضافة إلى الوعود المعسولة التي وعد الإنكليز الأهالي ولا ننسى التزوير جعلت الأصوات تصب في صالح انضمام ولاية الموصل للعراق سنة 1926.
خلال الفترة التي سبقت حل هذه المشكلة برزت تنظيمات وأحزاب قومية عربية ونادت بعروبة الموصل وتصدى رجال فكر وكتاب وشعراء لهذا الموضوع وانبروا بكتاباتهم وأشعارهم يذكون الفكر العربي في طبقات الموصليين وبرز منهم الشاعر اسماعيل فرج السليمان الباقري المشهور بـ "إسماعيل حقي فرج المولود سنة 1892 المتوفي سنة 1948" فأخذ على عاتقه كتابة قصيدة تمجد الموصل وتاريخها وشعبها فكانت هذه القصيدة التي مطلعها
لست يا موصل الا دار عز وكرامه أنت فردوس العراق حبذا فيك الإقامة
وقد ألقيت القصيدة لأول مرة على مسرح مدرسة الطاهرة في الموصل في أثناء تمثيل رواية فتح مصر بتاريخ 5 كانون الثاني 1925 .وبعد إلقائها لحنها الفنان حنا بطرس الموصلي وتليت من قبله وتلاميذ المدرسة في نفس الحفل.
ومما يجدر ذكره ان الإعلامي نوري ثابت الذي كان يعرف باسم حبزبوز وله جريدة فكاهية ساخرة بنفس الاسم كان قد زار المدينة في حملة الدعاية لعراقية الموصل فتلقف القصيدة ولحنها مرة ثانية وبدا الشباب بلحنها الجديد يرددونها في تظاهراتهم السياسية التي كانت تخرج بين الفينة والفينة للتأييد والدعوة لانضمام الموصل إلى العراق. وأصبحت هذه القصيدة نشيدا وطنيا للموصل بعد معاهدة لوزان 1926.
مما يذكر عن معاهدة لوزان 1926 أنها نصّت في احد بنودها ان ولاية الموصل واستنادا إلى الاستفتاء الذي اجرته عصبة الأمم حول صيرورة لواء الموصل ستنضم إلى العراق وفي حال حدوث أي تغيير للخريطة السياسية للعراق تعود ولاية الموصل إلى تركيا. لهذا نجد تركيا بدأت تطالب في أروقة الأمم المتحدة بولاية الموصل استنادا إلى هذه الاتفاقية.