لا تكاد الجموع تغادر هذا المكان حتى تعود إليه، ليس بوصفه " نصب الحرية في ساحة التحرير" بل لأنه فعالية مؤثرة في أجيال عشقت الثقافة والفن وتذكار ثّر لعوالم مختلفة ومعاناة حية لسنوات عديدة.. فبعد أحداث العام 2003 اشتغل هذا المكان على الواقع الراهن، وكان شاهداً على ما يمور به من تناقضات وتحولات بمختلف المجالات، كان صامداً في قراءة ما يجري من حوله، إلا أن جروح نُصبه بدأت بالاتساع، وأجزاء جسده بالتساقط ..
وفي سياق يعد ليس للمرة الأولى من نوعه، دعت وزارة الشباب والرياضة مجموعة من الفنانين التشكيليين والنحاتين من مختلف المحافظات منها واسط وكركوك والموصل والصويرة إلى تنظيف هذا النُصب بغية الاحتفاء باليوم العالمي للتطوع.
الفنانون التشكيليون المشاركون في هذه الحملة لا يتجاوز عددهم السبعة، وهم شباب من محافظات عراقية مختلفة، وظفوا خبراتهم الأكاديمية والميدانية في هذا الشأن، تارة بتنظيف النُصب بالماء وتارة أخرى بمواد بسيطة، وأخرى بتوفير مركبة خاصة تساعدهم على الوصول إلى مكان النُصب المرتفع.
وتتكئ حملة تأهيل نصب الحرية على تنظيفه بالماء المقطر كونه مادة مستقرة لا تؤثر على هيكلية وشكل النُصب، فضلا عن إضافة بعض المواد التي تسهم في إعادة لونه " البرونزي " الأصلي، وهو ما أشار إليه الفنان التشكيلي أحمد الواسطي ويعد أحد النحاتين المتطوعين في حملة تنظيف وتأهيل النصب،وأكد بأن هذا النصب له مناخات تصويرية تعتريها الكثير من المفاهيم التي تطرح الشموخ وتحرك أمامنا صورة عن حياة كاملة.
إلا أن تجربة تنظيف " نُصب الحرية " انتظمت في مسار يرتكز على أن الشباب المتطوع لا يمتلك الخبرة الكبيرة ولا الدعم الكافي لتأهيله كما يلزم، إذ يقول الفنان التشكيلي حسين عباس ويعمل مدرب فنون تشكيلية في منتدى شبابي وحاصل على شهادة الماجستير في الفنون التشكيلية..
إن قدراتنا في تأهيل هذا النصب متواضعة، فهو بحاجة لخبراء ونحاتين لديهم خبرة كبيرة، فضلا عن حاجته إلى الدعم المادي، ويشير إلى إننا تطوعنا للمحافظة على هذا النصب ولو بالشيء البسيط.
ويتمنى عباس أن يلقى هذا النصب الاهتمام الكافي من قبل الجهات الحكومية لما له من قيمة تاريخية وفنية وحضارية.
ويذكر، أن ساحة التحرير الرئيسة في العاصمة بغداد، ويزينها نصب الحرية الذي نفذه النحات جواد سليم، قد شهدت الكثير من الأحداث المهمة على الساحة الثقافية والسياسية، والمكان برمته كان يتفجر في قوة لتكوين الأحلام المتجددة، ويتماهى النُصب معه في توحد لتظهر قائمة من تاريخ ثقافي عريق للعاصمة العراقية يستدرجها الثوريون والمثقفون والشعراء والهواة.
المصدر شبكة الاعلام العراقي