من هم الصعاليك؟؟؟
الصعاليك جمع الصعلوك، وهو لغة، الفقير الذى لا مال له ولا أعتماد. و الشعراء الصعاليك جماعة من شذاذ العرب كانوا يغيرون على البدو و الحضر، فى الجاهلية، فيشرعون فى النهب و التخريب. ثم يمضون فى القفار فلا تدركهم الخيل متكلين على سرعة عدوهم و على معرفتهم بمجازات المغاور المهلكة التى كانوا يخبئون فيها الماء محفوظاً فى بيض النعام !!! حتى إذا اطمأنوا إلى أسلابهم نظموا مآتيهم شعراً يتصف بالطبيعة و صدق العاطفة، و الحملة على ما يظهر فى أخلاق فى المجتمع من تواكل و رياء.
وقد كان هؤلاء الصعاليك من عرفوا بسواد وجههم فسموا " أغربة العرب " ( ج غراب ) كالشنفرى. ومنهم من خلعتهم قبائلهم خشية من تبعة أعمالهم فسموا " الخلعاء".
و تفصيل ذلك أن شيوخ القبيلة، إذا خافوا أعمال أحد الأفراد، أشهدوا على العرب على أنفسهم، فى سوقى عكاظ أو فى غيرها من المحافل، بخلعهم إياه، فلا يتحملون تبعية أفعاله.
ولهذا رأينا الشنفرى يميل إلى الابتعاد عن أهله فيفضل عنهم الحيوانات الضارية.
و أشهر الصعاليك فى الجاهلية الشنفرى، تأبط شراً، عروة بن الورد هو الذى كان يجمعهم و يغزوا بهم و يسهر على حاجتهم و سمى " عروة الصعاليك ".
الشنفرى ( أوائل القرن السادس عشر الميلادى ):
هو ثابت بن أوس الأزدى. وهو من اليمن، وقد نشأ فى بنى سلامان مستعبداً، حتى بلغ و أدرك، فأنفصل عنهم و أقسم أن يقتل منهم مائة رجلاً انتقاماً. فكان يترصد الواحد منهم إلى ان يمر أمامه فيرميه بسهمه. وقد نشأت فى معرض ذلك أسطورة مفادها أن الشنفرى، بعد أن يقتل تسعة و تسعين من أعدائه، يرصده هؤلاء على بئر ماء فيمسكونه و يقتلونه و يرمون جمجمته أحتقاراً. و تظل الجمجمة معروضة إلى أن يمر بها رجل منهم فيرفسها أزدراء، فنشب برجله شظية عظم تجرحه فيموت. وهكذ يصبح عدد القتلى مئة.
أما طرق معيشته فكانت تنحصر بالسلب و النهب و التلصص بخفة و رشاقة، شأنه فى ذلك شأن سائر الصعاليك العدائين من الشعراء. يغيرون فى الليل على الأحياء المطمئنة، و يروعون النساء و الأطفال، و يبلبلون عقول الرجال، ثم خلدوا هذه المآتى فى قصائد دقيقة التصوير، حية الوصف، و ههى صورة صادقة لتلك الحياة الفطرية المتشردة.
وينسب إلى الشنفرى مقطعات شعرية متفرقة، أشهرها قصيدة طويلة عرفت بأسم " لامية العرب ". وقد نالت شهرة واسعة. و القصيدة مثال صادق للشعر الجاهلى القديم، وصورة واضحة عن حياة الصعلوك المنفصل عن قومه، الضارب فى المفاوز الموحشة و المستأنس بعشرة الحيوان الضارى. وفى القصيدة وصف للقوة الجسدية و الغارات الليلية التى يرجع منها بالغنائم الوفيرة و الصيت البعيد. وهذه أبيات مقتطفة من " لامية العرب " :
أقيموا، بنى أمى، صدور مطيكم فإنى إلى قوم سواكم، لأميل
وفى الأرض منأى للكريم عن الأذى، وفيها، لمن خاف القلى، متعزل ...
ثلالثة أصحاب : فؤاد مشيع، و أبيض إصليت، وصفراء عيطل ...
وليلة نحس، يصطلى القوس ربها واقطعه اللاتى بها يتنبل
شعر تأبط شراً
نسب إلى تأبط شراً مقاطع متفرقة و قصائد صغيرة. و أبياته أشبه بزفرات متقطعة يصعدها الشاعر على أثر مقتل رفيق أو نسيب، أو بلمحات تصورية سريعة يدون فيها غارة موفقة أو يتذكر خلاصاً من مأزق.
عروة بن الورد ( 596)
هو أبو نجدة عروة بن الورد العبسى، مثال الشاعر الفارس الصعلوك. جمع صفات الصعلكة إلى درجة عالية من الشجاعة و الجود، وكان عروة يدون أحداث حياته من غارات، و تأملات فى الحياة. وقصائده من أذل الشعر الجاهلى على الحياة البدوية الساذجة المحفوفة بالآراء الصريحة فى مقاييس المجتمع بين الغنى و الفقير، و الواكل و الأتكال على النفس. يقول فى قصيدته التى يتحدث فيها عن الصعلوك.
أقلى على اللوم، يــــــا بنت منذر ونامى، وإن لم تشتهى النوم فأسهرى
ذرينى أطوف فى البلاد، لعلنى أخليك، أو أغنيك عن سوء محضر...
لحى الله صعلوكاً، إذا جن ليله، مصافى المشاش، آلفا كل مجزر
ينام عشاء، ثم يصبح ناعساً يحث الحصى عن جنبه المتعفر