نظرية مالتوس بحلة جديدة
وأنا أقلب صفحات أحد المواقع الثقافية بتكاسل بعد أن فرضت أقامة جبرية على كافة العراقيين خوفاً من أنتشار فايروس كورونا اللعين لفت أنتباهي عنوان أحد المواضيع المنشورة وهو(هل يجب علينا خوض الحروب للحد من شح الموارد )هذا العنوان المفزع المخيف أعاد بذاكرتي الى أيام الدراسة الجامعية في سبعينيات القرن المنصرم وتحديداً الى مادة الاقتصاد والنظريات التي تدرس آنذاك عندما كانت الدراسة حقيقية وجادة تقوم بأعداد طالباً رصيناً موسوعياً مثقفاً أضافة لتخصصه مختلفاً كلياً عن خريجين ما يسمى ظلماً مرحلة الحرية والتحرر ممن لا يميزون بين الضاد والظاء وبين الألف المقصوره والممدودة أما أحكام الهمزة فحدث ولا حرج تصوروا أغلبهم لا يعرفون عدد القارات وأسمائها و المحيطات أو البحار وأين تقع وغيرها الكثير الكثير من المعلومات الأولية والأساسية التي كان يلم بها طلبة المراحل المتوسطة ...لعلنا أبتعدنا قليلاً عن الموضوع المطلوب توضيحه فالنعود...تذكرت النظرية المسمات (نظرية مالتوس) هذه النظرية الشريرة التي كتبها (توماس روبرت مالتوس) في القرن السابع عشر والتي تعتبر بالأساس من نظريات علم النمو السكاني وحجمه وعدده مقارنةً بحجم الانتاج وتطوره وخلاصتها أن البشر يزدادون على شكل متوالية هندسية يعني (2,4,8,16)في حين أن انتاج الخيرات المادية تزداد بطريقة حسابية عددية ويعني (1,2,3,4) وهكذا الأمر الذي يؤدي الى أختلال كبير بين الزيادة السكانية من جهة والغذاء من جهة اخرى مما يؤدي الى مجاعات وأزمات وحروب وخصوصاً أذا رافق ذلك سوء في توزيع الأنتاج المادي وفي أحد بحوثه التي تبين طبيعة التفكير والمنهج الرأسمالي في السيطرة والأستحواذ على الأنتاج العالمي للخيرات المادية يقول ( أن الرجل الذي ليس له من يعيله والذي لا يستطيع أن يجد له عملاً في المجتمع سوف يجد أن ليس له نصيباً من الغذاء على أرضه فهو عضو زائد في وليمة الطبيعة حيث لا صحن له بين الصحون فإن الطبيعة تأمره بمغادرة الزمن) وبالرغم من الضجة والأحتجاج الذي أثير في حينها على مثل هذه الافكار وظهور النظرية الماركسية كرد فعل على قسوة وهيمنة النظام الراسمالي في توزيع الانتاج المادي للطبيعة مما أدى الى ظهور عوالم وتكتلات ومعسكرات تتصارع بين شد وجذب للسيطرة على مقدرات البشرية .
وبغض النظرعن صحة توجه هذا الطرف أو ذاك ألا ان الأنظمة السياسية وعلى تباين وجهات نظرها الأقتصادية باتت تؤمن بأفكار منحرفة وشيطانية للحد من النمو السكاني متخذه من الأساس الفكري للنظرية أعلاه قاعدة للأنطلاق ومظلة لتنفيذ أفكارها الجهنمية .
وبالرغم من تصاعد صيحات الأحتجاج والأنتقادات الواسعة من قبل الأدباء والكتاب الأقتصادين ألا أنها أعتمدت في العديد من الأنظمة السياسية وأدت الى الكثيرمن الكوارث الانسانية حيث كانت مبرراً للأبادة الجماعية للعديد من الأجناس والأعراق البشرية كالسود والهنود الحمر في أمريكا وذلك بأجراء عمليات عقم قسري ومثال آخر على وحشية تطبيق هذه النظرية ما جرى في الاتحاد السوفياتي تحت عنوان التجربة التنموية وبذريعة حصر المخزون المادي والمتراكم لأغراض التنمية والبناء تم عقم وأبادة أكثر من (12)مليون أنسان .
واستناداً لمثل هذه الأفكار المنحرفة والتوجهات الجشعة والأنانية يتوقع العديد من المحللين نشوب حروب في المستقبل القريب بأنواعها العنيفة منها والهادئة للوصول الى الموارد الطبيعية والسيطرة عليها والتي تضمن لمن يمتلكها قيادة العالم والتحكم بمقدراته ...ولعل كورونا واحد من هذه الحروب .
عبدالأمير آل حاوي