من هو مخترع سماعة الطبيب
سماعة الطبيب هي الأداة المشتركة بين جميع الأطباء، ولكنها لم تكن منتشرة في بدايات القرن التاسع عشر، فقد كان الخيار الأول المتاح لطبيب القرن التاسع عشر هو الممارسة القديمة للإصغاء المباشر، والاستماع إلى أصوات الصدر ودقات القلب من خلال وضع الأذن على جدار الصدر مباشرةً، وكان التسمع الفوري معروفًا لأبقراط (أبو الطب) كما كان يُمارس أيضًا في اليونان القديمة، ولكنه بالكاد كان الطريقة المثالية لفحص المرضى آنذاك، إلا أن بعض المرضى الذين كانوا يعانون من السمنة المفرطة، كان يصعُب سماع أصواتهم أو إذا سُمعوا كانت أصواتهم خافتة؛ مما يجعل من الصعب تفسيرها. هذا بالإضافة لبعض المشاكل الأخرى التي كان يواجهها الطبيب، مثل عدم نظافة بعض المرضى وامتلاء بعضهم بالحشرات، كما كان الانحناء والتسمع يشكل أحيانًا مشكلة خاصةً مع المرضى الإناث. لذا أدى إدخال الطبيب الفرنسي رينيه لينيك الإستماع باستخدام السماعة الطبية لأصوات الرئة والقلب إلى ثورة في الطب في عام 1816م.
من هو مخترع سماعة الطبيب
مخترع السماعة الطبية هو رينيه تيوفيل هايسنت لينيك والذي ولد في مدينة كيمبر في بريتاني بفرنسا يوم 17 فبراير من عام 1781م، وكان عمره 5 سنوات عندما أصيبت والدته بمرض السل، أما والده فكان محامٍ ولكنه لم يكن قادرًا على رعايته وبالتالي ذهب رينيه للعيش مع عمه في نانت في سن الثانية عشر، وقد كان عمه الدكتور غيوم فرانسوا لينيك (1748-1822)، هو عميد كلية الطب في الجامعة آنذاك.
وكطفل لم تكن صحته جيدة؛ فقد كان يعاني من التعب الشديد وفترات من الحمى في بعض الأحيان، وكان يُعتقد أنه مصاب بالربو. وجد رينيه عزائه في الموسيقى، وبالفعل قضى وقت فراغه في عزف الناي وكتابة الشعر، وخلال مسيرته المهنية في باريس وعندما تفاقمت مشاكل التنفس لديه، كان يذهب لريف بريتاني من أجل هوائها المنعش، وكان رينيه طالبًا متميزًا حتى أنه أصبح على دراية جيدة باللغتين اليونانية واللاتينية
فعلى الرغم من الأوقات المضطربة للثورة الفرنسية، كان رينيه ناجحًا في دراسته وتعلم اللغة الإنجليزية والألمانية جيدًا، وحصل على عدد من الجوائز، كما كان شغوفًا بالطب ومشاركًا لعمه في كل ما يخص مهنة الطب. وفي عام 1795م، وبالتحديد في سن الرابعة عشر، كان رينيه يساعد بالفعل في رعاية المرضى، وفي سن الثامنة عشر، كان يعمل في المستشفى العسكري في نانت برتبة جراح من الدرجة الثالثة.
قصة إختراع سماعة الطبيب
يرجع أصل كلمة السماعة الطبية إلى الكلمات اليونانية stethos بمعنى الصدر، و skopein بمعنى استكشاف، نظرً لاستخدامها في الكشف على الصدر، في حين أن سماعة الطبيب تسمى بالانجليزية Stethoscope وتعد رمزًا للطب. وتعود قصة إختراع سماعة الطبيب إلى سبتمبر 1816م، وفي صباح يوم بارد وأثناء سير الدكتور رينيه تيوفيل هايسينث لينيك في فناء قصر اللوفر في باريس، لاحظ الطبيب الفرنسي البالغ من العمر 35 عامًا آنذاك، طفلين يلعبان ويرسلان إشارات لبعضهما البعض باستخدام قطعة طويلة من الخشب على شكل إسطواني مجوف مع دبوس، وكان كل منهما يضع أذنه في نهاية الإسطوانة الخشبية، فيتلقى صوت تضخيم خدش الدبوس في الطرف الآخر من الخشب.
وفي وقت لاحق من ذلك العام، تم استدعاء الدكتور رينيه لينيك إلى امرأة شابة كانت مصابة بأعراض عامة لمرض القلب، فبدأ في وضع يده على صدرها والقرع مما ساعده قليلًا في التشخيص، لكنه كان مترددًا في بدء التسمع الفوري (وضع أذن الطبيب على صدر المريض)؛ نظرًا لعمر المريضة وجنسها ومرونتها. وفي هذه اللحظة الحرجة، تذكر رينيه ملاحظته للإشارات التي أرسلتها لعبة الخشب التي كانت مع الأطفال، فكانت هذه الملاحظة هي ما ألهمته لاختراع السماعة الطبية.
فقام رينيه باستخدام ورقة وتدويرها على شكل اسطواني ووضعها على صدر المريضة، ووضع أذنه في نهاية الطرف الآخر، حيث فوجئ فعلًا بقدرته على سماع صوت قلبها بنبرة أكبر بكثير مما كان يسمعه من خلال وضع أذنه بشكل مباشر، وهكذا أيقن على الفور أن هذا قد يصبح وسيلة لا غنى عنها للدراسة، وليس فقط لسماع ضربات القلب، ولكن جميع الحركات القادرة على إنتاج الصوت من خلال تجويف الصدر.
ومن هنا اكتشف رينيه بأنه يمكن سماع أصوات القلب بشكل أكثر وضوحًا وبصوت عالٍ باستخدام التسمع الوسيط بدلاً من التسمع الفوري، ثم قضى السنوات الثلاث التالية في اختبار أنواع مختلفة من المواد لصنع أنابيب التسمع، وإتقان تصميمها والاستماع إلى نتائجها لمعرفة مشاكل الصدر خاصةً للمرضى الذين كانوا يعانون من الالتهاب الرئوي.
وبعد تجربة حذرة، قرر الطبيب الفرنسي الاعتماد على أنبوب مجوف من الخشب، قطره 3.5 سم و 25 سم، وكان هذا الأنبوب هو رائد السماعات الحديثة، وكان يتم تركيب جهازه بمقبس عند استخدامه للاستماع إلى القلب ولجعله محمولًا، كما قام بتصنيعه من أجزاء يمكن تفكيكها، وعندما فحص الطبيب الفرنسي رينيه الأصوات التي سمعها من خلال سماعته للقلب والرئتين، وجد أن التشخيصات التي حصل عليها كانت مدعومة من بعض الملاحظات التي أجريت في علم التشريح.
وفي عام 1819م ، نشر رينيه أول عمل مبدئي حول استخدام الإصغاء إلى أصوات الجسم بعنوان “التشخيص بوساطة أو علاج أمراض الرئة وأمراض القلب”، وكان حينها في سن الثامنة والثلاثون. ومنذ إدخال سماعة الطبيب لأول مرة في الطب في عام 1816م، تم إدخال العديد من التعديلات عليها والتي يمكن توضيحها كالتالي:
تطور سماعة الطبيب عبر الزمن
- (1816) ظهور أول شكل للسماعة الطبية على يد الطبيب الفرنسي رينيه لينيك، وكانت عبارة عن ورقة مخروطة، ثم في وقت لاحق أنبوب خشبي.
- (1828) تمكن بريوري من تطوير سماعة الطبيب، وصنع بها جرس على شكل قمع، وجذع مضاء، وسماعة أذن للحصول على نتيجة أفضل.
- (1843) استطاع وليامز تطوير أول سماعة طبية بكلتا الأذنين، وذلك باستخدام أنابيب الرصاص.
- (1851) قام مارش بتجهيز قطعة الصدر الموجودة في سماعة الطبيب بغشاء مرن.
- (1855) قام كامان بتطوير سماعة تُستخدم بكلتا الأذنين مع أنابيب مرنة.
- (1894) طور بيانكي أول سماعة طبية تحتوي على الحجاب الحاجز الصلب والمعروفة باسم “phonendoscope”.
- (1925) قام باولز وسبارجو بالجمع بين الجرس وقطعة الحجاب الحاجز الصلبة المستخدمة اليوم.
- (1945-1946) قام رابابورت وسبارجو وجرووم بتجربة مجموعة تصميمات مختلفة لتحديد الخصائص المثالية لسماعة الطبيب الحديثة بكلتا الأذنين. على سبيل المثال، تركيب قطعة الصدر والأنابيب القصيرة ذات الحجم الداخلي المنخفض لتتناسب مع الأذن.
- (1956) تم تطوير العديد من السماعات الحديثة مع إدخال تحسينات على الوزن والمظهر باستخدام نفس المبادئ السابقة حتى وصلت السماعة الطبية للشكل المستخدم حاليًا.