نبذة عن حياة الفرزدق
من هو الفرزدق
الفرزدق هو همام بن غالب بن صعصعة الدارمي التميمي وكنيته أبو فراس. ولد عام 38 من الهجرة الموافق لعام 658 من الميلاد، في مدينة البصرة بالعراق، وتعود أصوله لشبه الجزيرة العربية، وهو أحد الشعراء النبلاء، ممن يمتلكون براعة مذهلة في اللغة العربية، وقد لُقّب بالفرزدق نظرًا لضخامة وجهه وعبوسه.
نبذة عن حياة الفرزدق
نشأ الفرزدق في بيت يتمتع بمكارم الأخلاق والأمجاد، فقد كان أبيه من نبلاء القوم وسادة قبيلة بني تميم. عُرف عنه مصاحبة الأشراف الذين يتداولون الأخبار وقصص العرب السالفة وبطولات فرسان وحكام القبائل العربية، وكان يصغي لهم بكل فطنة وذكاء، علاوة على موهبته في الحفظ التي ورثها عن جده صعصعة الراوي لأخبار الناس في ذلك الوقت. نتيجة لترعرعه في بادية تميم، تأثر الفَرزدق بطبيعة أهلها وأخلاقهم وفصاحتهم، والتي علمته أصول اللغة العربية والقدرة على إشتقاق الكلمات واللعب بالألفاظ؛ فقد كانت بادية تميم في زمنه غنية بالشعراء المشهورين.
كان أبيه غالب، هو مثله الأعلى في الإعجاب والتفاخر، وقد بالغ الإبن في تعظيمه وتقديره لأبيه، حتى نهج خطاه ولاقى منه تشجيعًا ودعمًا كبيرًا. وعندما توفي أبوه، نعاه بأبيات شعر قائلًا: أبي الصبر أني لا أرى البدر طالعا ولا الشمس الا ذكراني بغالب. يُذكر أن والد الفَرزدق كان قد اصطحبه إلى لقاء سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فسأله سيدنا علي من هذا فأجابه هذا الشاعر إبني، فقال له سيدنا علي: تعلّم القرآن خير من الشعر، ناصحًا إياه بتجنب القول الرفث والسُباب، ويهديه إلى الخير، فعمل الفَرزدق على حفظ القرآن.
وفاة الفرزدق
توفي الفَرزدق في عام 110 من الهجرة الموافق للعام 728 من الميلاد، وذلك بعد أن كان أحد أشهر شعراء العصر الأموي، نظرًا لبراعته في شعر الفخر والهجاء والمدح، وغيرها من مجالات الشعر الأخرى.
سمات شعر الفرزدق
- التأثر بالمنهج الإسلامي: إذ ظهر ذلك جلياً في شعر الفرزدق، فكان يقوم بإدخال المعاني والمفردات الإسلامية في قصائده، مثل نقيضة افتخاره بقومه وهجائه لجرير وكان يقول فيها: إن الذي سمك السماء بنى لنا بيتاً دعائمـه أعز وأطول، بيتاً بناه المليك ومـا بنا حكم السماء فإنه لا ينقل.
- الهجاء بصورة فاحشة: إذ كان يعمد إلى قول المحرمات وهتك الأعراض في قصائده، وأحياناً تكون العبارات صريحة مما يؤذي النفوس، وهذا ضد الأخلاق والتعاليم الإسلامية، وكان هذا الشعر بسبب الرد على الخصوم وتقوية الحجج.
- استخدام السخرية: وهي السخرية من الخصم والتشهير به، وكان الفرزدق بارع في هذا النوع من الشعر، ونرى ذلك في النقائض التي كانت بينه وبين جرير ومنها: وإنك لو تعطي الفرزدق درهماً على دين نصرانية لتنصّرا.
- توليد الصور والمعاني: إذ كان الفرزدق من الشعراء المتمتعين بالخيال الخصب والواسع، فكان يستطيع ابتكار المعاني ويبني عليها الكثير من الوقائع.
- الاعتماد على طريقة الموازنة والمقارنة: وهو من أكثر ما ميز الشعر الخاص بالنقائض في زمن الأمويين، وبصفة خاصة جرير والفرزدق، إذ كان الشعراء يستخدمون هذا الأسلوب لتوضيح أفكارهم والحجج الخاصة بهم بصورة جيدة.
- طول القصائد: كان طول القصائد بسبب اختلاط العديد من الأغراض مع بعضها مثل اختلاط المديح بالهجاء والفخر الخاص بالولاة والخلفاء، وكان الشاعر يبدأ بالبكاء على الأطلال ووصف النسب، إذ كانت تتعدى القصيدة 50 من البيوت ومنها ما يلي:
سَما لَكَ شَوقٌ
سَما لَكَ شَوقٌ مِن نَوارٍ وَدونَها
سُوَيقَةُ وَالدَهنا وَعَرضُ جِوائِها
وَكُنتُ إِذا تُذكَر نَوارُ فَإِنَّها
لِمُندَمِلاتِ النَفسِ تَهياضُ دائِها
وَأَرضٍ بِها جَيلانُ ريحٍ مَريضَةٍ
يَغُضُّ البَصيرُ طَرفَهُ مِن فَضائِها
قَطَعتُ عَلى عَيرانَةٍ حِميَرِيَّةٍ
أَبيتُ أُمَنّي النَفسَ أَن سَوفَ نَلتَقي
وَهَل هُوَ مَقدورٌ لِنَفسٍ لِقاؤُها
وَإِن أَلقَها أَو يَجمَعِ اللَهُ بَينَنا
فَفيها شِفاءُ النَفسِ مِنّي وَداؤُها
أُرَجّي أَميرَ المُؤمِنينَ لِحاجَةٍ
بِكَفَّيكَ بَعدَ اللَهِ يُرجى قَضاؤُها
وَأَنتَ سَماءُ اللَهِ فيها الَّتي لَهُم
مِنَ الأَرضِ يُحيِي مَيِّتَ الأَضِ ماؤُها
كِلا أَبَوَيكَ اِستَلَّ سَيفَ جَماعَةٍ
عَلى فِتيَةٍ تَلقى البَنينَ نِساؤُها
وَإِجّانَةٍ رَيّا الشَروبِ كَأَنَّها
إِذا اِغتُمِسَت فيها الزُجاجَةُ كَوكَبُ
مُخَتَّمَةٍ مِن عَهدِ كِسرى بنِ هُرمُزٍ
بَكَرنا عَلَيها وَالفَراريجُ تَنعَبُ
سَبَقتُ بِها يَومَ القِيامَةِ إِذ دَنا
وَما لِلصِبا بَعدَ القِيامَةِ مَطلَبُ