“ ترك أعضاءه ومضى. بلا قدَم ولا يد ولا قلب ولا أحشاء. قال سأكون خفيفاً هكذا، وراح.
الريح التي لعبت بشَعره ذات يوم تلعب الآن بفراغه.
خفيفٌ حتّى الإنهاك من مشقَّة الخفَّة. تائهٌ حتّى الطفْح بكثرة تشعُّبات الفراغ.
لا، ما هكذا، قال. ما هكذا يكون الضجر الشريف
ومَدَّ فراغاً منه إلى الوراء، كما كان يمدُّ يداً، لالتقاط شيء
مَدَّ تجويفَ نظرة
مَدَّ تخيُّلَ صوت.
الوراء بعيدٌ جداً، الأمام بعيد جداً. لا عودة، لا وصول.
لكنّه ليس ذاهباً إلى مكان
ولا يذكر أنّه ترك أعضاءً ولا يشعر أنّه خفيف
لم يكن ضجراً من مكان ولا مكان له كي يتركه ولا مقصد كي يذهب إليه
ولم ينتبه إلى نظرة خرجت منه إلى ناحية أخرى
ولا خيالَ صوتٍ له
ولا يقوى على مدّ فراغ.”
وديع سعادة