رمضان في العراق عادات تجل وتحترم
عمان - عبدالجبار العزاوي
يصف الدكتور عبدالرزاق الجنابي استاذ علم الاجتماع في فرنسا (يزور عمان حالياً)، عادات وتقاليد العراق في شهر رمضان المبارك قائلاً: (ما ان يهل هلال شهر رمضان الكريم حتى ترى البسمة ترتسم على شفاه الكبار قبل الصغار في العراق). ويؤكد الجنابي ان العراقيين ينتظرون ثبوت هلال الشهر الفضيل بلهفة.
وعن العراق في رمضان يقول الدكتور عبدالرزاق (من مواليد مدينة الحلة) (ان بداية الشهر تشهد زيارات عائلية للاسر البابلية التي تتبادل التهاني من خلال هذه الزيارات بحلول الشهر الفضيل، كما يقوم في العادة كبير او عميد العائلة بدعوة كامل العائلة لتناول طعام الافطار في بيته.
وعن العادات الايجابية التي تتجلى من خلالها اسمى معاني التكاتف الاجتماعي يقول: (يتم حصر وتحديد الاسر الفقيرة خاصة في المناطق الريفية ثم يقوم الجيران بتقديم وجبات الافطار لهم يومياً بالتعاون بينهم)، ويؤكد (ان عمل الخير لا يقتصر على الاغنياء، جميع الجيران اغنياء وفقراء يتعاونون لمساعدة العائلة الفقيرة).
والاختلاف يكمن في هذه التقاليد عدم استخدام موائد بل طرق باب الاسر المتعففة ومساعدتها داخل بيتها.
ويبين الدكتور الجنابي ان هذا التكاتف يستمر طوال ايام رمضان بالتزام الجيران لتقديم الطعام للعائلات الفقيرة يومياً خلال ايام الشهر الفضيل.
ياسر الياسري (من الديوانية) يصف مثل هذه المبادرات في منطقة الفرات الاوسط بقوله: يعمل الجيران على جمع النقود وتزويد الاسر الفقيرة بالمواد التموينية، ويعمل الجيران ايضاً على تبادل وجبات الطعام بمعنى ان ترسل كل عائلة طبقاً من طعام افطارها الى عائلة الجيران التي تقوم بدورها بتقديم طبق بديل.
وفيما يتعلق بالسهرات الرمضانية فيذكر ان (لها مكانها في جلسات وجمعات ما بعد صلاة العشاء وذكر ان الناس يتحدثون فيها حول مختلف قضايا حياتهم واخبارهم المحلية والاخبار العربية والعالمية، وعن ليالي رمضان في كركوك فيقول المحامي آيدن الهرمزي: تنطلق من مآذن المدينة بعد صلاة التراويح الاناشيد الدينية التي تمجد سيرة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وآل بيته الاطهار (عليهم السلام) وصحبه الابرار (رضوان الله عليهم) يتخللها الذكر بوجود منشد.
ويعتبر الهرمزي ان الاجواء الرمضانية في كركوك (غاية في الروحانية وتختلف كثيراً عن الايام العادية).
ويشهد النصف الاخير من الشهر الفضيل كما يقول دلير الجاف القادم من مدينة السليمانية (حركة كثيفة بعد الافطار داخل اسواق السليمانية).
لشراء متطلبات ومستلزمات العيد كسائر الدول الاسلامية يقبل الناس على شراء المنتجات المحلية المتعارف على تقديمها في الاعياد مثل الزبيب واللوز والجوز والشوكولاته بالاضافة الى اعداد (الكليجة).
ويشير الى ان الناس في العادة يبقون في المساجد بعد انتهاء اعمالهم النهارية وحتى رفع آذان المغرب، كما يذهبون الى المزارع لشراء البقوليات والخضراوات الطازجة.
اما انواع المأكولات الشائعة على الموائد السليمانية في رمضان فيلفت الجاف الى انها تختلف تبعاً لأقضية ونواحي وقرى المحافظة ففي المدن الشرقية المحاذية للحدود الايرانية تكثر فيها المنتجات الجبلية في حين تزخر موائد مدن غرب السليمانية بالمنتوجات السهلية والجبلية معاً مثل الرز والبرغل والحبية وغيرها، وفي البصرة كما يروي (غازي البطاط) مهندس مقيم في السويد يزور عمان (حالياً) تعد الاسماك طبقاً رئيسياً بحكم موقعها (على شط العرب)، ويأتي الى جانب الاسماك الارز واللحوم، ولا تخلو اية مائدة بصرية من التمور لان ما يحيط بالبصرة من اراض زراعية تشتهر بأنواع التمور والفواكه.
أماالمدن الجبلية مثل اربيل والموصل ودهوك فتحتوي موائدها - كما تؤكد بتول زيباري - (اطعمة عراقية مختلفة اخذت مكاناً راقياً بين الموائد الرمضانية لتعدداصنافها، مثل رقائق خبز خاص واللبن والثانية مصنوعة من القمح المجروش بعد خلطه بالحليب والسكر او بمرق اللحم حسب الاذواق، وهناك ايضاً البرياني والباجة وانواع المقبلات والشرابت وخاصة تمر الهند والقمر الدين والسوس وغيرها وهي افضل الوجبات لدى العراقيين).
وفيما يتعلق بحلويات العراق الرمضانية فهي - حسب زيباري - (خليط من الحلوى العراقية والايرانية والسورية مثل الكنافة والقطائف والشعوبية والبسبوسة والبقلاوة والزلابيا، حيث انتقل كثير منها من الدول المجاورة الى العراق عن طريق التبادل التجاري).
وللاطفال نصيبهم في العادات الرمضانية في العراق، حيث يذكر (محمد القيسي) من محلة البو شبل - وسط رصافة بغداد- (انهم وفي ايام الطفولة كانوا يجتمعون في احيائهم قبل الافطار يومياً كتقليد قديم متوارث ليتجاذبوا اطراف الحديث، ويقصون على بعضهم الحكايات، ويخبرون بعضهم بعضاً عن مكونات مائدة افطارهم لذلك اليوم الى ان يحين موعد الافطار لينطلقوا الى بيوتهم بعد دوي مدفع الافطار ثم يعودوا بعد ان يشبعوا بطونهم من مائدة رمضان الى المحلة مرة اخرى ليعاودوا العابهم ولهوهم مرة اخرى ويذكر على رأس الالعاب التي كانوا يمارسونها الماجينة والبات (المحيبس) وغيرهما من الالعاب.
يذكر ان اغلب الاسر العراقية خصوصاً في البيوت التقليدية تتناول الاطعمة في رمضان على الارض اذ تبسط السفرة وتضع عليها الاطعمة والاشربة.
من ناحيته يشير صاحب مطعم مختص بالاكلات العراقية الى ان لا فروقات بين العراق والاردن في بعض ملامح الحياة اليومية خلال الشهر المبارك ،الشوارع والاسواق العراقية والاردنية في ليالي رمضان تكون حافلة بالحياة حيث المحال التجارية مفتوحة والشوارع تعج بالحركة والاسواق تكتظ برائديها من مختلف المناطق الريفية والحضرية.
في حين ينوه الى ان الاجواء في الاردن تكون كبقية ايام السنة من ناحية العمل وساعات الدوام في الصباح.ويقول ان العراقي وعند دخول وقت الافطار يفطر بالتمر والماء واللبن.