زكريا.. يوم "مبارك" بطقوس خاصة في الموروث العراقي
في الموروث العراقي.. من لا تنجب تعقد النذور في يوم زكريا
بغداد - محمد البغدادي - الخليج أونلاين
يعتبر "يوم زكريا" من بين المناسبات التي توارث العراقيون الاحتفال بها، فيه تقام طقوس خاصة، ويعتقد كثيرون أن الأماني تتحقق في هذا اليوم، لا سيما إن قام الشخص بأداء طقوسه المعروفة.
ويوم زكريا يوافق اليوم الأول من شهر شعبان كل عام، وفيه تعقد النذور وتنصب موائد الزينة والطعام، ويتم إشعال البخور والشموع، وتنثر أغصان أشجار الآس على مائدة طعام.
ويعود سبب الاحتفال بهذه الليلة للاعتقاد السائد بأنها الليلة التي تلقى فيها النبي زكريا بشرى ولادة ابنه النبي يحيى، وكان في الـ92 من العمر، ولأجل هذا تعمد النساء اللاتي لا ينجبن خاصة، في هذا اليوم إلى عقد النذور.
وعلى الرغم من عدم وجود ذكر لتلك الطقوس في المذاهب الإسلامية، فإن هذه العادة ما زال يداوم عليها بعض البغداديين ويصرون على إقامتها؛ ولا يقتصر فقط على المسلمين إذ إن العراقيين بجميع دياناتهم يلتزمون بإقامتها، فيما تعتبر في المفهوم الثقافي من الفلكلور العراقي.
وفي المناطق الشعبية يجتمع الأقارب في أحد البيوت لإحياء طقس زكريا، أو يلتقي الجيران في أحد البيوت لإقامة هذا الطقس.
وطقس "زكريا" ممتع ومليء بالبهجة، حيث يجتمع جمع من الحاضرين يتبادلون التهاني فيما بينهم، ويتبادلون الدعاء بالخير، ويتحلقون حول طاولة توضع عليها "صينية"- الإناء الكبير الواسع- فيها الشموع وعيدان الآس والحناء والبخور، والمكسرات والحلوى.
وأكثر الناس فرحاً بهذا اليوم هم الأطفال، حيث يشمل الطقس شراء آلات الرق الصغيرة، ليلهو بها الأطفال إذ يعمدون إلى التجول داخل الأحياء وهم يرددون أغنية هذه المناسبة التقليدية، والأغنية كذلك تعتبر من التراث، وتردد بيوم زكريا.
وتقول كلمات أغنية زكريا " يا زكريا عودي عليا.. كل سنة وكل عام.. نشعل صينية" التي توارثت الأجيال غنائها بنغمها الذي عرفه العراقيون.
لكن مع ما يعيشه العراق صارت هذه المناسبة ليست فقط للدعاء بأن يرزق الناس بالأطفال، وفقاً للحاجة فريال أم بكر، التي تحدثت لـ"الخليج أونلاين"، والتي تشرك في طقوس المناسبة أحفادها، مستعيدة بذلك ذكريات طفولتها حين كانت تحمل الشموع وتسير في الأزقة مع الأطفال وتردد أغنية زكريا.
وتقول: "تحولت هذه الأمنيات من طلب المولود إلى الإفراج عن معتقل في السجون أو شاب خطف من قبل المليشيات".
وتضيف أم بكر: "بعض النساء يَصُمن يوماً أو يومين بدءاً من أول يوم الأحد من شهر شعبان، وتصوم بعضهن عن الكلام كما فعل النبي زكريا (عليه السلام )"، ولفتت إلى غياب هذا التقليد حالياً، إلا أن الالتزام بالصوم ما زال قائماً.
وتشهد الأسواق في المناطق الشعبية إقبالاً واسعاً من قبل النساء لشراء مستلزمات الاحتفال بهذا اليوم، إذ يقول بشار محمد، صاحب محل عطارة ومنتجات غذائية: إن "الأسواق وقبل حلول ليلة زكريا تشهد إقبال كثير من النساء لشراء ما يلزمهن من مواد وحاجات خاصة لإحياء هذا اليوم، منها شراء المكسرات والحلوى والشموع، ومواد الزينة".
بدوره يرى أستاذ علم الاجتماع الدكتور صالح الجنابي، أن إحياء زكريا وبرغم عدم وجود أي دليل في الإسلام لإحيائه فإنه يعد من بين الموروثات الشعبية التي تعارفت عليها الأجيال في العراق منذ سنين طويلة، لافتاً النظر إلى أن هذا الموروث لا يشمل فئة أو ديانة أو قومية دون أخرى، بل الجميع يشتركون بهذا الطقس المتوارث.
ويؤكد الجنابي، في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أهمية أن تبقى مثل هذه الطقوس موجودة وتتوارثها الأجيال، عاداً الطقوس الشعبية الموروثة، "لها كبير الأثر في توطيد العلاقات الاجتماعية بين الأسر العراقية، حيث توفر هذه المناسبة تقارب العوائل وتشاركها في المسرات، وهو ما نحن اليوم بأمس الحاجة إليه".