انتقلت من البيوت الى المقاهي..الموائــد الاجتماعيـــة تقاليــد بغداديـة أصيلـة
رياض العزاوي
كان الناس في بغداد قديما يعيشون على سجيتهم دون تعقيد ومشقة . الكل يتعاون على مواجهة ظروف الحياة والتغلب على مصاعبها و كانت تربطهم العلاقات الاجتماعية الانسانية والقيم النبيلة يعيشون بإخوة وصداقة.لحمة وجسد واحد وكان البغداديون يتكفلون بإطعام الجار والجائع وكسوة العريان. وكان العامل الذي يشتغل في المعامل أو محال الحدادة أو النجارة . يتكفل صاحب المحل باطعامه . ومن الطرائف التي تنقل لنا عن بغداد أيام زمان . أن صاحب احد المقاهي الشعبية التراثية التي كانت منتشرة في مختلف نواحي واطراف المدينة. وخاصة في منطقة الاعظمية والكاظمية المقدسة .
أخذ على نفسه عهدا أن يطعم عمالا زاروا مقهاه والضيوف القادمين من مدن العراق . بحيث تكون كمية الطعام كافية لاشباع أكثر من عشرة أشخاص وفيها ما لذ وطاب من الطعام المستطاب . وكان ينادي صاحب المقهى البغدادي الكظماوي . مطلقا العنان لصوته مترحما على والد كل شخص من الأحياء والأموات أن يأتي إلى مائدة الطعام ولا يدع الفرصة تفوته . والاستمتاع بلذة الطعام الجمعي . والإكثار من مد الأصابع إلى سفرة الرحمن . وما أن يتجمع الناس حول المائدة حتى يبدأ كبير القوم . بتوزيع ارغفة الخبز الحار بين العمال والضيوف ومن الطرائف التي كان الناس يتناقلونها في تلك الفترة . أن صاحب المقهى دأب إلى دعوة الناس إلى الطعام ومنذ سنوات طويلة . كان يفضل تناول (السبيناغ) مرة أو مرتين في الأسبوع معللا ذلك لعمال المقهى بان هذه (الأكلة) فيها حديد ويقصد فيتامينات تقوي وتنشط الجسم وتعطيه فعالية اكبر. ويبدو أن احد كبار الأسطوات قد (سحكت روحه) حيث بادر موجها سؤاله إلى صاحب الدعوة . كلي حجي هي (الشيلمانات) مال عكادة السقف هم من (السبيناغ ) . غص الجميع من الضحك . واختنق قسم منهم بالطعام من اثر الضحك المتواصل .. وغالبا ما كانت الفرحة مرتسمة على صاحب المائدة عندما يشاركه الطعام أناس جدد لا معرفة سابقة له بهم . كان يسره دائما أن يكرم الجالس في مقهاه. كانت هذه العادة الجميلة مستمرة بين الناس حيث يأخذ نادل المقهى الصغير (الصينية) النحاسية الكبيرة على رأسه وهي عامرة بالطعام الشهي وكانت الوليمة معروفة عندما تمر في الشوارع الفرعية وكانت الملاذ لكل جائع أو لمن لم يتسن له تناول الطعام . وكان إحساسه بالجوع حاضرا عند وصول الغداء الدسم وكان الاسطة ينظر اليها بأنها نعمة مباركة بمشاركة الآخرين بها .. ويصفها بأنها مائدة الرحمن وفي المواسم الدينية تكثر الزيارات إلى المدن المقدسة حيث يقوم أصحاب المقهى والخانات بإطعام الزوار كلا حسب إمكانيته واستطاعته .