من فكر السيد القحطاني


فلسفة الدجل والتمويه

الدجل في اللغة التمويه والطلي والخلط ودجل الشيء اطلاه بالذهب وسمي الدجال بذلك لتمويهه على الناس وقيل ماخوذ من البعير اي طلاه بالقطران طلياً وسمي الدجال دجالاً لطليه وستره الحق بالباطل وقيل انه من الدجل اي الكذب والدجال هو الكذاب فعلى هذا فان الدجال هو من يقوم بتمويه الناس وخداعهم وتظليلهم عن معرفة الحق بل ان الدجل هو ايجاد اللبس بين الحق والباطل وستر الحق وتغطيته بالباطل وهذا ما يحصل في زماننا اليوم فليس الدجل والدجال يكون فقط في اخر الزمان عند قيام القائم (ع) بل ان ذلك يكون في كل الازمان والعصور فقد ظهر دجالين كثر وفي اوقات مختلفة ونكاد نجزم بانه ما ظهر داعي حق الا وظهر في وقته وقام بوجهه دجال من الدجالين محاولاً التظليل على الحق واهله ودعاته وقد ورد في الكثير من الاحاديث والاخبار الواردة عن الرسول الاكرم (ص) واهل بيته الطاهرين(ع) التي تؤكد هذا المعنى ، فعن رسول الله (ص) قال : (ان بين يدي الساعة ثلاثين دجالاً كذاباً) وقال ايضاً ( لا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريباً من ثلاثين كلهم يزعم انه رسول الله ) وورد ايضاً ( يخرج قبل المهدي سبعون دجالاً ) وما الى ذلك من الاحاديث والاخبار اذا ومن هذا المنطلق وهو خروج دجالين في كل زمان وعصر وجب علينا الحذر من اولئك الدجالين ومعرفة معنى الدجل وكيفيته لكي يكون ذلك مانعا وواقيا وحرزا لنا من ان نقع في فتنة احدهم فنظل طريق الحق والهداية والنور والدجل في الحقيقة ينقسم الى :
دجل معنوي : ومعناه التلاعب بالالفاظ والافكار والاعتقادات بحيث يتسبب في اظلال الناس واثبات الباطل في عقيدتهم وفكرهم على انه هو الحق الذي يجب اتباعه والعمل وفقه ويعتمد هذا النوع من الدجل على عدة امور:-
اولها : تغيير ظاهر الشخص وسلوكه فيظهر للناس فكأنه عابد زاهد معرض عن الدنيا يلبس زي المؤمنين ويفعل افعالهم ويحفظ كلام الائمة ليوهم الناس بانه يسير على منهج الائمة المعصومين وانه صاحب دين وتقوى .
ثانياً : هو التلاعب بالاخبار والروايات الواردة عن الائمة الطاهرين (ع) بحيث انه يقوم بتحريف كلام الائمة وتغييره بما يلائم اهواءه ونفسه الامارة بالسوء وتأويل كلام الائمة على حسب ما يريده ويشتهيه وما يوافق فكره وعقله.
ثالثها : يتمسك بمتشابهات القران ويترك المحكمات وذلك لاجل ان يظهر نفسه كانه عالم بعلوم القران ومتشابهاته فضلا عن محكماته وما الى ذلك .
اما بالنسبة الى النوع الثاني من الدجل وهو ( الدجل المادي ) : ومعناه ادعاء الاتيان بالمعجزات والامور الخارقة للطبيعة والمخالفة للعادة ويعتمد هذا النوع على السحر والشعوذة وتسخير الجن لقضايا فاسدة غير صالحة والاستعانة بالشياطين وما يقوم به اهل الطرائق والدروشة والدجالين على اصناف فمنهم من يدعي الربوبية ومنهم من يدعي المهدوية و منهم من يدعي انه المسيح ومنهم من يدعون انهم سفراء للمهدي ومنهم من يدعي النيابة العامة للامام المهدي(ع) ومنهم من يدعي انه من الممهدين للامام المهدي(ع) وسنأتي على بيان كل صنف من هذه الاصناف على حدة :-
1- ادعاء الربوبية : لقد ظهر عبر التاريخ بعض الدجالين الذين استطاعوا بجبروتهم واموالهم وساعدتهم على ذلك عقول بعض الناس البسطاء بادعاهم الربوبية وكان اول من ادعى الربوبية هو نمرود عليه اللعنة وتبعه على ذلك فرعون عليه اللعنة ، والربوبية كما لا يخفى على الكثيرين غير الالوهية فلا اله الا الله وحده اما الربوبية فمعناها الرب فالله تبارك وتعالى هو رب الارباب والامام المهدي هو رب الارض وهناك رب للاسرة ورب للبيت ورب للقوم اي كبيرهم ورئيسهم قال تعالى حكاية عن يوسف (ع) (( وقال للذي ظن انه ناجٍ منهما اذكرني عند ربك )) فاراد بذلك الملك ، ومن هنا كان ادعاءهم الربوبية وانخداع الناس بهم .
2- ادعاء المهدوية : لقد حاول الكثير من الاشخاص عبر الزمن وبالاخص عند غيبة الامام الثاني عشر الحجة بن الحسن المهدي (ع) ان يخدعوا الناس ويوهموهم بان كل واحد منهم هو المهدي حيث قام اولئك الاشخاص ببعض المحاولات وذلك عن طريق توظيف بعض الاحاديث النبوية والروايات الشريفة الواردة عن الائمة الاطهار (ع) في صفة المهدي ومحاولة تطبيقها على انفسهم وادعائهم انهم المهدي المنتظر مستغلين البعض من الناس السذج والبسطاء في تمرير افكارهم وتمويه الحق واظهار عكس الحقيقة التي كانوا يبيتونها اضافة الى ذلك استغلال بعض الظروف التي كان يعانيها المسلمون انذاك من ظلم واستضعاف ومحاولة التغرير بهم من خلال اثارة روح الحماس فيهم من اجل ظهور المنقذ والمهدي المنتظر لكي يتسنى لهم تمرير مخططاتهم وخداع الناس بافكارهم وقد ظهر الكثير من هذه الفئة التي اسائت للدين الاسلامي وللامام المهدي (ع) مما تسبب في نفور الناس عن ذكر الامام المهدي(ع) ومن هؤلاء الشخصيات الذين ظهروا في الوقت الراهن المهدي السوداني الذي ادعى المهدوية في السودان . كما ظهر شخص اخر في السعودية وسيطر هو واتباعه على الحرم المكي ثم حاصرتهم القوات السعودية وقتلت الكثير من اتباعه هناك وهؤلاء يستغلون بعض الصفات التي توجد فيهم وقد ذكرت في الاخبار انها من صفات الامام (ع) كما يستغلون اسمائهم من اجل تمرير مخططاتهم فان اكثر الذين ادعوا المهدوية كانت اسماءهم محمد المهدي .
3- ادعاء المسيحية او المسيح : وهذا ما سوف يقوم به الدجال المسيح حيث انه لما علم ان النبي عيسى (ع) يرجع الى الارض وان هناك من ينتظره فيحاول هذا الشخص ومن خلال الدجل والتمويه خداع الناس وايهامهم بانه عيسى المسيح وذلك عن طريق استخدام بعض انواع السحر والشعبذة التي يحتج بها على الناس ويحاول من خلالها ان يثبت ان هذه الافعال هي نفس ما كان يفعله النبي عيسى (ع) قبل ان يرفعه الله جل وعلا من حيث احياء الموتى وابراء الاكمه والابرص واخبار الناس بما يملكون وما يضمرون فيها .
4- ادعاء السفارة للامام المهدي (ع) : وهذا يكون في المذهب الشيعي حيث ان هناك من يدعي انه سفيراً للامام المهدي (ع) ويلتقي بالامام ويأخذ الاحكام الشرعية منه كما حصل في زمن السفراء الاربعة حيث ظهر بعض الاشخاص الذين ادعوا السفارة كذبا وقام الامام (ع) بلعنهم والبراءة منهم . وهؤلاء الاشخاص يقومون بدجلهم من خلال التمويه واظلال الناس وايهامهم بانهم علماء عابدون ناسكون زاهدون متقون اصحاباً وتابعين للائمة الاطهار . وقد ذكرت الكتب الكثير منهم كما ذكرهم السيد الشهيد محمد صادق الصدر في كتابه موسوعة الامام المهدي(ع) .
5- ادعاء النيابة العامة : ويكون ذلك عن طريق تحصيل بعض العلوم الدينية والتفقه بالدين واظهار الزهد والتقوى والعبادة الظاهرية من اجل التأثير في نفوس الناس ومحاولة خداعهم وكسب احترامهم وودهم نتيجة لامراضهم واهواءهم وحسدهم للعلماء العاملين المخلصين . ويدعون ما ليس لهم ويظهرون غير الذي يبطنون ويدعون انهم نواب الامام المهدي (ع) وذلك عن طريق الدجل والتمويه والخداع والمظاهر المزيفة واستغلال مشاعر الناس واحترامه للعلماء والفقهاء وهؤلاء علماء وفقهاء السوء والضلالة الذين يخرجون على الامام (ع) في اخر الزمان.
6- ادعاء التمهيد للامام المهدي (ع) : حيث يخرج قبل قيام الامام (ع) بعض الدجلة الذين يدعون انهم ممهدين للامام المهدي(ع) وذلك عن طريق تمويه الحق بالباطل واستغلال بعض الروايات وتاويلها لكي تتلائم مع اهواءهم ورغباتهم ونزعاتهم النفسية ومحاولة تطبيق بعض الروايات التي تصف الممهدين على اشخاصهم وهؤلاء هم من دجالي وكذابي الشيعة المنحرفين عن الحق واهله ودعاته . وهذا هو الدجل والتمويه الذي ابلتلت به الامة من قبل وما زالت تبتلى بالكثير من اهله من الدجالين والمخادعين ولن ينتهي هذا الامر الا بالقضاء على الاعور الدجال اكبر الدجالين جميعاً الذي يخدع بسبب ما يقوم به من اعمال وافعال الكثير من الناس حيث يريهم الحق باطلاً والباطل حقاً فينقلبوا على اعقابهم خاسرين .