مرحبا
الحلم dream
ظاهرة نفسية تأخذ مجراها لدى الإِنسان حين يكون نائماً. وهو نوع من النشاط العقلي التخيّلي تكون الغلبة فيه للصور الحسية: البصرية والسمعية واللمسيّة والذوقية والشمية والحركية, مع العلم أن البصرية هي الصور الأكثر تكراراً وسيطرة. والحلم تركيب نفسي يضم سلسلة من الأحداث المتخيّلة ولكنه يتميز بأن النائم يعدّ الحلم الذي يجري لديه أمراً واقعاً. ويمر الإِنسان النائم بعدد غير قليل من الأحلام في الليلة الواحدة, ويكون هذا الأمر عاملاً وراء غلبة استعمال لغة الجمع عند الحديث عن الحلم.
وتذهب الدراسات المهتمة بحياة الإِنسان النفسية وهو في حالة النوم إِلى أن هناك نوعاً من النموذج السائد لدى الأفراد في حدوث الأحلام يسمح بوضعها في أربع مدد ضمن حدود نوم مدته سبع أو ثماني ساعات. تكون الأحلام قصيرة الديمومة في المدة الأولى, وتكون أكثر طولاً في المدد الأخرى وقد تستغرق ديمومتها ساعة أو ساعة ونصف الساعة. ويغلب أن يقع الفاصل بين كل مدة وأخرى في حدود تسعين دقيقة. ثم إِن كل إِنسان يحلم كل ليلة, وإن ما تشغله الأحلام من نوم شخص في العشرينات من عمره, في كل ليلة, يعادل ما بين20- 22? من ساعات نومه. ويضاف إِلى ذلك أن أحلام النوم تحدث لدى الإِِنسان في كل مراحل عمره, وقد تستغرق 40? من ساعات نومه حين يكون في السنتين الأوليين من حياته. وتؤكد الدراسات أن الحيوانات الثديية تحلم, ولكن أحلامها أقل تعقيداً وطولاً من أحلام الإِنسان.
يتفاوت الناس في مقدار ما يتذكرونه من أحلامهم, ويلاحظ هذا الأمر في المجتمعات الإِنسانية المختلفة. ولكن من الممكن القول إِن الأشخاص أو الجماعات الذين يجعلون للأحلام مكانة مهمة في حياتهم اليومية يكونون أكثر تذكراً لأحلامهم من أولئك الذين لا يعيرون الأحلام إِلا أهمية قليلة. وإِذا صادف أن ذكر شخص ما أنه لا يحلم أبداً, فالواقع العلمي يؤكد أنه يحلم ولكن عدم تذكره لأحلامه يعود إِلى عملية كظم لديه, ويتمثل الكظم بإِبعاد الذكريات عن شعوره حين يستفيق أي الذكريات الخاصة بآلامه لأن وصولها إِليه يؤدي إِلى تهديد يشعر الشخص معه بخطر ما, وهو يؤثر تفادي ذلك الخطر. وتبدو هذه الحالة واضحة في محاولات عدد غير قليل من الناس تناسي حلم قبيح أو مؤذ مروا به في نومهم.
يذهب علم النفس إِلى أن درجة شعور الإِنسان بحوادثه أو حالاته النفسية تقع في ثلاثة مستويات: «الشعور» وهو وعي الفرد حالاته النفسية بوضوح, و«ما قبل الشعور» ويمثل الوضع الذي تكون عليه الحوادث النفسية غير الموجودة في مستوى الشعور الواضح الواعي التي يمكن استدعاؤها إِلى ذلك الشعور بسهولة ويسر, و«اللاشعور» ويمثل الحوادث النفسية البعيدة عن متناول الشعور التي يصعب جداً استدعاؤها إِلى الشعور أو يستحيل في حالات. والشعور العامل بوضوح لدى الإِنسان في حال اليقظة, القائم بمراقبة الحوادث النفسية لديه, تضعف رقابته هذه في أثناء النوم. وتغدو الفرصة سانحة عندئذ أمام اللاشعور ليقوم بتحريك الحياة النفسية أي لتتحرك بتأثير ما فيه وتكون الأحلام محصلة هذا التحرك.
وتضعف رقابة الشعور أحياناً بعض الضعف في حال اليقظة ويكون ذلك مع تشتت انتباه الشخص, ويحدث لدى الشخص عندئذ ما يسمى «أحلام اليقظة» وهي تركيبات خيالية تشبه أحلام النوم من حيث المحتوى وعمل اللاشعور فيها وغلبة الصور الحسية عليها, ومن حيث بعض الوظائف كذلك. ولكن أحلام اليقظة تختلف عن أحلام النوم من جهات كثيرة بينها أن عودة الشعور الواعي لدى الفرد إِلى الرقابة يكون أكثر سرعة في حالة أحلام اليقظة, وأن الضعف في رقابة الشعور لا ينخفض في هذه الأحلام إِلى المستوى الذي يصل إِليه في أحلام النوم, وأن اهتمام الإِنسان بدلالة أحلام اليقظة يبدو بسيطاً جداً إِذا قيس باهتمامه الموجه إِلى أحلام النوم.
محتوى الأحلام
تتأثر الأحلام بخبرات النهار السابق لليل حدوثها, وخبرات الأيام القريبة من الحاضر, كما تتأثر بما تنطوي عليه حياة الشخص من خبرات قديمة وقديمة جداً. ويظهر الحلم على شكل تركيب غريب لمن يفحصه, إِنه تركيب فيه ما هو جديد, ولكنه لا يخضع لقواعد المنطق أو لمقولتي الزمان والمكان أو لمبدأ السببية. إِن فيه عناصر تأتي من خبرة حديثة ويبدو فيها أنها تتجمع مع بقايا من ذكريات ماضية ضمن عملية «إِخراج» تحركها, وتجمع بين الأطراف المختلفة فيها, دوافع متنوعة يكون همها تحقيق أغراضها الخاصة في حال الضعف الشديد لرقابة الشعور لدى النائم. ولما كانت دوافع الإنسان كثيرة ومتنوعة, وكانت خبراته واسعة وعظيمة الاختلاف في إِطارها ومحتوياتها وتفصيلاتها, كانت النتيجة المنتظرة في الأحلام أن تكون محتوياتها كثيرة التنوع والتفاوت في تركيبها وفي تفصيلاتها. وبين المحتويات ما يتصل بدافع الجنس, وبينها ما يتصل بشؤون حياتية كثيرة أخرى.
وتتأثر كمية الأحلام لدى النائم ومحتوياتها بمدى عمق الخبرات السارة أو المزعجة التي يكون ذلك الشخص قد مرّ بها في نهاره وتزداد مع ازدياد ما يضايقه. وترتفع عادة كمية الأحلام لدى الذين يعانون من توتر عاطفي دوري أو من اضطراب نفسي يكون في مطلع تكونه أو شدته. فإِذا أخذ الحلم في علاقته بالمؤثرات الخارجية المحيطة بالنائم, مثل الروائح والدخان والأصوات المرتفعة, فالغالب القول إِن المؤثر الخارجي لا يتسبب بوجود الحلم ولكنه يؤثر في الحاسة لدى النائم تأثيراً يمكن معه أن يصبح جزءاً من حلم كان يأخذ مجراه, وبذلك يتغير الحلم من حيث محتواه.
يتكرر بين الناس القول إِن الفعالية النفسية في الأحلام يمكن أن تعمل في إِنجاز حل لمسألة عجز صاحبها عن حلّها في يقظته, ويقدّم الآخذون بهذا القول الكثير من الشواهد. والواقع أن الحلم لا يسير وفق المنطق في حين يقتضي حل المسألة المنطق وأسسه. ثم إِن الحلم موجه بالكثير من الدوافع اللاشعورية وهو يتكون في النوم لتلبية أغراضها. لهذا فإِن الأصل في الأحلام أنها بعيدة عن العناية بحلول لمسائل رياضية أو فيزيائية أو مالية. ولكن من الممكن القول إِن التركيب التخيلي الذي يتألف منه الحلم والذي يتذكر الشخص عادة الكثير منه حين يستفيق من نومه, يمكن أن يقدم إِشارات يستفيد منها اليقظ, وقد يكون بين هذه الإِشارات ما يقدم المفتاح لحل المسألة التي كان الشخص يناقشها قبل النوم. يضاف إِلى ذلك أن الفعالية النفسية المستمرة في حالة النوم, الذي يكون على درجات من حيث عمقه, يمكن أن تنضج تركيبات نفسية بدأت قبل النوم من دون أن يكون الشخص شاعراً بها شعوراً واضحاًًًًًًًًً. والأمر هنا شبيه بما يحدث لدى شخص يتوقف عن محاولات إِيجاد حل لمسألة صعبة ويشغل نفسه عنها بأمور أخرى ثم ينكشف له الحل فجأة.
وظائف الأحلام
يميل الكثير من الناس إِلى القول إِن الأحلام كثيراً ما تكون مختلطة وشديدة التداخل ويصعب فهمها حين يجعلها اليقظ موضوع فحص وتأمل, إِلا أنها قد تكون واضحة في بعض الحالات ويمكن عندئذ أن تكون هادية للإِنسان في عمل ينوي القيام به, وقد تؤدي هذه الوظيفة بصورة مباشرة أو غير مباشرة وذلك عن طريق التفسير والتأويل.
ولكن البحث العلمي المهتم بالأحلام يأخذ منحى آخر حين يقول إِن فحص حياة الإِنسان يؤكد أن الأحلام ظاهرة نفسية لازمة له لأنها تؤدي وظائف خاصة فإِذا حرم أفراد من الأحلام تجريبياً عن طريق إِيقاظهم من نومهم مرة تلو المرة مع تأخير عودتهم إِلى النوم فإِن هذا الإِجراء يؤدي لديهم إِلى توتر نفسي واضطراب, ويكون بين الأعراض التي تظهر لديهم الضعف في تركيز الانتباه, والقلق والضعف في التوافق الحركي.
وتبدو وظائف الأحلام في صور متعددة تتقدمها اثنتان. فالحلم تركيب نفسي يسمح بتفريغ طاقات مخزونة وذلك بأن يحقق الحلم رغبات لصاحبه منع ظهورها في الحياة الواقعية عدد من الظروف بينها ضعف إِمكاناته أو عدم توافرها, وبينها شعور الفرد بما هو محرم اجتماعياً أو ما هو غير مقبول. ومن هذه الرغبات ما يتصل بحياة الإِنسان في الأيام القريبة من حاضره, ومنها ما يعود إِلى حقبة سابقة من عمره قد تصل حتى أيام طفولته. ومن هذه الزاوية يكون القول إِن الكثير من الرغبات المكبوتة لدى الفرد تعمل في تكوين أحلامه وتلبي أغراضها.
أما الوظيفة الثانية للأحلام فتبدو في تيسير استمرار النائم في نومه وتمتعه بخيرات النوم وذلك عن طريق ما تنطوي عليه الأحلام من تمويه وتحويل ومما هو جذاب وملذّ. وحين يخفق الحلم في الاستمرار ضمن هذه الخصائص أو الصفات, ويصبح مؤذياً أو مؤلماً, فإِنه يغدو عندئذ مقلقاً لدرجة ينجم عنها استيقاظ النائم: أي يأتي عنها إِخفاق الحلم في أداء وظيفته الثانية هذه. والمثال البسيط, في مثل هذا الحال, استمرار الحلم لدى النائم حتى وإِن رأى أنه جرح ثم استيقاظه بسرعة عندما ينطوي حلمه على ما يشير إِلى أنه يموت.
تفسير الأحلام
المقصود من تفسير الأحلام أو تأويلها, في الدراسات النفسية, هو استخراج دلالتها. والقول بوجود دلالة للأحلام قديم في حياة الإِنسان وواضح الانتشار في حضاراته المختلفة. وفي استخراج الدلالة أكثر من اتجاه, وفي المقدمة الاتجاه الذي يشير إِلى المستقبل والاحتمالات فيه, والاتجاه الذي يشير إِلى واقع حياة الشخص وماضيه وما يوجد لديه من مشكلات. يستشهد جماعة من الاتجاه الأول بقصة يوسف ورؤيا الملك المتصلة بسبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف, وتأويل يوسف للرؤيا بأنها تدل على سبع سنوات خصاب تأتي بعدها سبع سنوات يسودها القحط. ولكن التدقيق في هذه القصة ينتهي إِلى أن قصة يوسف حالة خاصة, إِذ إِن الله اجتباه وعلمه من تأويل الأحاديث ما لم يكن يعلم. لذلك يأخذ أكثر القائلين بهذا الاتجاه الأول بمبدأ الاحتمال والإمكان لدى تأويل الأحلام وذكر ما تتصل به من أمور المستقبل. ويمثل هذا المنحى ابن سيرين في كتابه عن تفسير الأحلام حين يورد الكثير الكثير مما يمكن أن تنطوي عليه الأحلام وما يحتمل أن تدل عليه مع الإلحاح على أن العلم عند الله وأن العامل في تفسير الأحلام يجب أن تتوافر فيه صفات علمية وأخلاقية ودينية من مستوى عال ليكون قادراً على استخراج ما يحتمل من دلالة للحلم.
أما الاتجاه الثاني الذي يقف عند حاضر الشخص ومشكلاته, وما ينطوي عليه ماضيه مما يقف وراء هذه المشكلات, فالممثل الأول له هو فرويد Freud يقول فرويد في مطلع كتابه «تفسير الأحلام»: «سأقيم البرهان في الصفحات المقبلة على أن ثمة منهجاً سيكولوجياً يمكن به تفسير الأحلام, وأننا إذا اصطنعنا هذا المنهج تكشّف أمامنا كل حلم فإِذا هو بناء نفسي ذو معنى يمكن الربط بينه وبين مشاغل اليقظة في موضع معلوم». ويعد هذا المنطلق أساساً في نظرية «التحليل النفسي» وحجر قاعدة في التطور الواسع الذي عبّر عنه باحثون كثيرون اهتموا, بعد فرويد, بالأحلام ووظائفها.
وفي عملية تفسير الأحلام اهتمام بأمرين: الأول أن الحلم رمزي في الكثير من عناصره وفي شكل تجمعها مع بعضها, والثاني أنه ذو معان خاصة يجب استخراجها. ويحتاج فهم الحلم واستخراج دلالته إِلى معرفة واسعة بدلالة الرموز, وإِلى حدس علمي وبصيرة ثاقبة, وإِلى سعي حثيث وتدقيق عميق من أجل إِدراك التشابه في جهات بين أمرين هما: الرمز, وما يدل عليه, وذلك من حيث الشكل والوظائف والصفات المميزة.
ويفصََّل فرويد القول في ما يلزم لتفسير الحلم ويلح على ضرورة فهم نوع الارتباطات الموجودة بين عناصر الحلم والرغبات التي تحركه والأغراض التي ينتهي إِلى تحقيقها. ويقتضي تفسير الحلم كذلك فهماً دقيقاً لسير العمليات العقلية و«آلياتها», وما تعبر عنه من دفاع, وما تشير إِليه من هروب إِلى الرموز بدلاً من مواجهة الوقائع وذلك بغية اتقاء المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها النائم بسبب من بقايا الشعور لديه ونزوعه إِلى أن يتفادى في حلمه أمراً يحرمه المجتمع ويحاسب عليه. وإِذا كان الغالب عند ابن سيرين أن يقدم الحل جاهزاً ذاكراً ما يدل عليه هذا الرمز أو ذاك, فإِن أصحاب الاتجاه الحديث الذين يعبرون عن منحى فرويد ويتابعون خطواته ويحلّون الأحلام مكانة خاصة في فهمهم للشخص ومشكلاته يضعون قوائم مطولة في الرموز التي يمكن أن تظهر في الأحلام ودلالتها, ولكن تأويل الحلم يبقى لديهم عملية فردية خاصة بكل حلم وكل شخص, مع العلم أن الشخص يساعد عالم النفس العامل في تفسير الحلم على الوصول إِلى غرضه وذلك عن طريق ما يذكره الشخص من شروح وبيانات بشأن الحلم الذي يوضع موضع التفسير.
أصناف الأحلام
تذهب الدراسات المتأثرة بمدرسة التحليل النفسي إِلى وضع الأحلام في أربعة أصناف هي: الأحلام النموذجية, وأحلام العقاب, وأحلام القلق, وأحلام الكابوس. تمثل الأحلام النموذجية الأشكال الشائعة بين الأحلام من حيث المحتوى والدلالة, ومثال ذلك أحلام الامتحانات أو موت شخص عزيز. أما أحلام العقاب فتنطوي على تحمّل الشخص عقاباً ما في محتوى الحلم, ويعبّر ذلك عن تغلّب الرغبة في وقوع العقوبة وهي الرغبة المتأثرة بمحاسبة الأنا الأعلى أو الضمير على الرغبات المتصلة بشهوات تكون بين محتويات الحلم وتكون محرّمة في حياة اليقظة. وتحدث أحلام القلق حين يخفق الحلم في وظيفته الهادفة إِلى تحقيق رغبة لا شعورية بطريقة تبقى مقبولة ساعة الحلم, وتكون النتيجة ظهور القلق واستفاقة الشخص من نومه. أما أحلام الكابوس التي يغلب فيها أن تكون قاسية فهي نوع من أحلام القلق, ويمرّ بها كل إِنسان, ولكنها تكثر في مراحل الطفولة لشدة ما يمرّ به الطفل من صراعات في حياته اليومية.
مكانة الأحلام في المعالجة النفسية
يُعدّ تفسير الأحلام واحداً من القواعد الأساسية في المعالجة النفسية كما يقول بها فرويد وأدلر Adler ويونغ Jung والآخذون باتجاهاتهم, وكثيرون غيرهم من المتأثرين بإِنجازات مدرسة التحليل النفسي. ويجتمع هؤلاء عند القول إِن فهم الحلم يعني الوصول إِلى جزء مهم من محتويات اللاشعور عند الفرد المضطرب نفسياً مما يكون العامل والمحرك في اضطرابه: أكانت هذه المحتويات رغبات أو دوافع مكبوتة, أم كانت مركبات متصلة بمشاعر الإِثم أو بخبرة مؤلمة حدثت قديماً أيام الطفولة. وحين يجتمع المعالج النفسي والمعالَج المضطرب نفسياً في موقف المعالجة, فإِن الأول يوفر للثاني الفرصة لينطلق في الحديث عن حلمه وتفصيلاته حديثاً يعتمد التداعي أي استدعاء بعض العناصر النفسية بعضها الآخر بسبب من روابط بينها. ويتأثر هذا الحديث بضعف في رقابة الشعور يرافق عملية التداعي, ويكون من نتيجة هذا الحديث البعيد عن رقابة الشعور الصارمة أن تنفتح نافذة على اللاشعور العامل عند المعالَج في تكوين الحلم تظهر منها تدريجياً, للمعالج والمتعالج معاً, عناصر من محتويات ذلك اللاشعور فتغدو واضحة أمام الاثنين من حيث دلالتها الحقيقية وطريقة تكوّنها. ويؤدي هذا الفهم لمحتويات اللاشعور العاملة في تكوين الحلم إِلى ضعف أثر تلك المحتويات لأنها أصبحت شعورية عند المتعالج وغدت مفهومة منه فهماً جديداً وواضحاً لم يعد معه يشعر بالتهديد. وبهذا الطريق يتخلص المتعالج من اضطرابه النفسي تدريجياً مع التغير في انفعالاته التي كانت تأخذ صورة قاسية مع غموض محتويات اللاشعور وغدت تأخذ صورة جديدة مع انكشاف هذه المحتويات ووضوحها وفهمه لها. ويكون هذا التغيُّر الإِشارة الأولى الدالة على سير المعالجة النفسية المعتمدة على تفسير الأحلام نحو تحقيق أغراضها.