طَلَلَ الجَميعِ لَقَد عَفَوتَ حَميدا
وَكَفى عَلى رُزئي بِذاكَ شَهيدا
دِمَنٌ كَأَنَّ البَينَ أَصبَحَ طالِباً
دَمِناً لَدى آرامِها وَحُقودا
قَرَّبتَ نازِحَةَ القُلوبِ مِنَ الجَوى
وَتَرَكتَ شَأوَ الدَمعِ فيكَ بَعيدا
خَضِلاً إِذا العَبَراتُ لَم تَبرَح لَها
وَطَناً سَرى قَلِقَ المَحَلِّ طَريدا
أَمَواقِفَ الفِتيانِ تَطوي لَم تَزُر
شَرَفاً وَلَم تَندُب لَهُنَّ صَعيدا
أَذكَرتَنا المَلِكَ المُضَلَّلَ في الهَوى
وَالأَعشَيَينِ وَطَرفَةً وَلَبيدا
حَلّوا بِها عُقَدَ النَسيبِ وَنَمنَموا
مِن وَشيِها حُلَلاً لَها وَقَصيدا
راحَت غَواني الحَيِّ عَنكَ غَوانِياً
يَلبَسنَ نَأياً تارَةً وَصُدودا
مِن كُلِّ سابِغَةِ الشَبابِ إِذا بَدَت
تَرَكَت عَميدَ القَريَتَينِ عَميدا
أولِعنَ بِالمُردِ الغَطارِفِ بُدَّنا
غيداً أَلِفنَهُمُ لِداناً غيدا
أَحلى الرِجالِ مِنَ النِساءِ مَواقِعاً
مَن كانَ أَشبَهَهُم بِهِنَّ خُدودا
فَاُطلُب هُدوءاً بِالتَقَلقُلِ وَاِستَثِر
بِالعيسِ مِن تَحتِ السُهادِ هُجودا
مِن كُلِّ مُعطِيَةٍ عَلى عَلَلِ السُرى
وَخداً يَبيتُ النَومُ مِنهُ شَريدا
تَخدي بِمُنصَلِتٍ يَظَلُّ إِذا وَنى
ضُرَباؤُهُ حِلساً لَها وَقُتودا
جَعَلَ الدُجى جَمَلاً وَوَدَّعَ راضِياً
بِالهونِ يَتَّخِذُ القُعودَ قَعودا
طَبَلَت رَبيعَ رَبيعَةَ المُهمي لَها
فَوَرَدنَ ظِلَّ رَبيعَةَ المَمدودا
بَكرِيِّها عَلَوِيَّها صَعبِيَّها ال
حِصنِيِّ شَيبانِيَّها الصِنديدا
ذَهلِيَّها مُرِّيَّها مَطَرِيَّها
يُمنى يَدَيها خالِدَ بنَ يَزيدا
نَسَبٌ كَأَنَّ عَلَيهِ مِن شَمسِ الضُحى
نوراً وَمِن فَلَقِ الصَباحِ عَمودا
عُريانُ لا يَكبو دَليلٌ مِن عَمىً
فيهِ وَلا يَبغي عَلَيهِ شُهودا
شَرَفٌ عَلى أولى الزَمانِ وَإِنَّما
خَلَقُ المَناسِبَ أَن يَكونَ جَديدا
لَو لَم تَكُن مِن نَبعَةٍ نَجدِيَّةٍ
عَلوِيَّةٍ لَظَنَنتُ عودَكَ عودا
مَطَرٌ أَبوكَ أَبو أَهِلَّةِ وائِلِ
مَلَأَ البَسيطَةَ عُدَّةً وَعَديدا
أَكفاءَهُ تَلِدُ الرِجالُ وَإِنَّما
وَلَدَ الحُتوفُ أَساوِداً وَأُسودا
رُبداً وَمَأسَدَةً عَلى أَكتادِها
لِبَدٌ تَخالُ فَليلَهُنَّ لُبودا
وَرِثوا الأُبُوَّةَ وَالحُظوظَ فَأَصبَحوا
جَمَعوا جُدوداً في العُلى وَجُدودا
وُقُرُ النُفوسِ إِذا كَواكِبُ قَعضَبٍ
أَردَينَ عِفريتَ الوَغى المَرّيدا
زُهراً إِذا طَلَعَت عَلى حُجُبِ الكُلى
نَحَسَت وَإِن غابَت تَكونُ سُعودا
ما إِن تَرى إِلّا رَئيساً مُقصَداً
تَحتَ العَجاجِ وَعامِلاً مَقصودا
فَزِعوا إِلى الحَلَقِ المُضاعَفِ وَاِرتَدوا
فيها حَديداً في الشُؤونِ حَديدا
وَمَشَوا أَمامَ أَبي يَزيدَ وَخَلفَهُ
مَشياً يَهُدُّ الراسِياتِ وَئيدا
يَغشَونَ أَسفَحَهُم مَذانِبَ طَعنَةٍ
سَيحٍ وَأَشنَعَ ضَربَةٍ أُخدودا
ما إِن تَرى الأَحسابَ بيضاً وُضَّحاً
إِلّا بِحَيثُ تَرى المَنايا سودا
لَبِسَ الشَجاعَةَ إِنَّها كانَت لَهُ
قِدماً نَشوغاً في الصِبا وَلَدودا
بَأساً قَليلِيّاً وَبَأسَ تَكَرُّمٍ
جَمٍّ وَبَأسَ قَريحَةِ مَولودا
وَإِذا رَأَيتَ أَبا يَزيدٍ في نَدىً
وَوَغىً وَمُبدِئَ غارَةٍ وَمُعيدا
يَقري مُرَجّيهِ مُشاشَةَ مالِهِ
وَشَبا الأَسِنَّةِ ثُغرَةً وَوَريدا
أَيقَنتَ أَنَّ مِنَ السَماحِ شَجاعَةً
تُدمي وَأَنَّ مِنَ الشَجاعَةِ جودا
وَإِذا سَرَحتَ الطَرفَ حَولَ قِبابِهِ
لَم تَلقَ إِلّا نِعمَةً وَحَسودا
وَمَكارِماً عُتُقَ النِجارِ تَليدَةً
إِن كانَ هَضبُ عَمايَتَينِ تَليدا
وَمَتى حَلَلتَ بِهِ أَنالَك جُهدَهُ
وَوَجَدتَ بَعدَ الجُهدِ فيهِ مَزيدا
مُتَوَقِّدٌ مِنهُ الزَمانُ وَرُبَّما
كانَ الزَمانُ بآخَرينَ بَليدا
أَبقى يَزيدُ وَمَزيَدُ وَأَبوهُما
وَأَبوكَ رُكنَكَ في الفَخارِ شَديدا
سَلَفوا يَرَونَ الذِكرَ عَقباً صالِحاً
وَمَضَوا يَعُدّونَ الثَناءَ خُلودا
إِنَّ القَوافِيَ وَالمَساعِيَ لَم تَزَل
مِثلَ النِظامِ إِذا أَصابَ فَريدا
هِيَ جَوهَرٌ نَثرٌ فَإِن أَلَّفتَهُ
بِالشِعرِ صارَ قَلائِداً وَعُقودا
في كُلِّ مُعتَرَكٍ وَكُلِّ مَقامَةٍ
يَأخُذنَ مِنهُ ذِمَّةً وَعُهودا
فَإِذا القَصائِدُ لَم تَكُن خُفَراءَها
لَم تَرضَ مِنها مَشهَداً مَشهودا
مِن أَجلِ ذَلِكَ كانَتِ العَرَبُ الأُلى
يَدعونَ هَذا سُؤدُداً مَحدودا
وَتَنَدُّ عِندَهُمُ العُلى إِلّا عُلىً
جُعِلَت لَها مُرَرُ القَصيدِ قُيودا