سَعِدَت غَربَةُ النَوى بِسُعادِ
فَهيَ طَوعُ الإِتهامِ وَالإِنجادِ
فارَقَتنا وَلِلمَدامِعِ أَنوا
ءٌ سَوارٍ عَلى الخُدودِ غَوادِ
كُلَّ يَومٍ يَسفَحنَ دَمعاً طَريفاً
يَمتَري مُزنَهُ بِشَوقٍ تَلادِ
واقِعاً بِالخُدودِ وَالحِرُّ مِنهُ
واقِعٌ بِالقُلوبِ وَالأَكبادِ
وَعَلى العيسِ خُرَّدٌ يَتَبَسَّم
نَ عَنِ الأَشنَبِ الشَتيتِ البُرادِ
كانَ شَوكَ السَيالِ حُسناً فَأَمسى
دونَهُ لِلفِراقِ شَوكُ القَتادِ
شابَ رَأسي وَما رَأَيتُ مَشيبَ ال
رَأسِ إِلّا مِن فَضلِ شَيبِ الفُؤادِ
وَكَذاكَ القُلوبُ في كُلِّ بُؤسٍ
وَنَعيمٍ طَلائِعُ الأَجسادِ
طالَ إِنكارِيَ البَياضَ وَإِن عُم
مِرتُ حيناً أَنكَرتُ لَونَ السَوادِ
نالَ رَأسي مِن ثُغرَةِ الهَمِّ ما لَم
يَستَنِلهُ مِن ثُغرَةِ الميلادِ
زارَني شَخصُهُ بِطَلعَةِ ضَيمٍ
عَمَّرَت مَجلِسي مِنَ العُوّادِ
يا أَبا عَبدَ اللَهِ أَورَيتَ زَنداً
في يَدي كانَ دائِمَ الإِصلادِ
أَنتَ جُبتَ الظَلامَ عَن سُبُلِ الآ
مالِ إِذ ضَلَّ كُلُّ هادٍ وَحادِ
فَكَأَنَّ المُغِذَّ فيها مُقيمٌ
وَكَأَنَّ الساري عَلَيهِنَّ غادِ
وَضِياءُ الآمالِ أَفسَحُ في الطَر
فِ وَفي القَلبِ مِن ضِياءِ البِلادِ
كانَ في الأَجفَلى وَفي النَقَرى عُر
فُكَ نَضرَ العُمومِ نَضرَ الوِحادِ
وَمِنَ الحَظِّ في العُلى خُضرَةُ المَعرو
فِ في الجَمعِ مِنهُ وَالإِفرادِ
كُنتُ عَن غَرسِهِ بَعيداً فَأَدنَت
ني إِلَيهِ يَداكَ عِندَ الجِدادِ
ساعَةً لَو تَشاءُ بِالنِصفِ فيها
لَمَنَعتَ البِطاءَ خَصلَ الجِيادِ
لَزِموا مَركَزَ النَدى وَذَراهُ
وَعَدَتنا عَن مِثلِ ذاكَ العَوادي
غَيرَ أَنَّ الرُبى إِلى سُبُلِ الأَنوا
ءِ أَدنى وَالحَظُّ حَظُّ الوِهادِ
بَعدَما أَصلَتَ الوُشاةُ سُيوفاً
قَطَعَت فِيَّ وَهيَ غَيرُ حِدادِ
مِن أَحاديثَ حينَ دَوَّختَها بِالرَأ
يِ كانَت ضَعيفَةَ الإِسنادِ
فَنَفى عَنكَ زُخرُفَ القَولِ سَمعٌ
لَم يَكُن فُرصَةً لِغَيرِ السَدادِ
ضَرَبَ الحِلمُ وَالوَقارُ عَلَيهِ
دونَ عورِ الكَلامِ بِالأَسدادِ
وَحَوانٍ أَبَت عَلَيها المَعالي
أَن تُسَمّى مَطِيَّةَ الأَحقادِ
وَلَعَمري أَن لَو أَصَختُ لِأَقدَم
تُ لِحَتفي ضَغينَةَ الحُسّادِ
حَمَلَ العِبءَ كاهِلٌ لَكَ أَمسى
لِخُطوبِ الزَمانِ بِالمِرصادِ
عاتِقٌ مُعتَقٌ مِنَ الهونِ إِلّا
مِن مُقاساةِ مَغرَمٍ أَو نِجادِ
لِلحَمالاتِ وَالحَمائِلِ فيهِ
كَلُحوبِ المَوارِدِ الأَعدادِ
مُلِّئَتكَ الأَحسابُ أَيُّ حَياءٍ
وَحَيا أَزمَةٍ وَحَيَّةِ وادِ
لَو تَراخَت يَداكَ عَنها فُواقاً
أَكَلَتها الأَيّامُ أَكلَ الجَرادِ
أَنتَ ناضَلتَ دونَها بِعَطايا
رائِحاتٍ عَلى العُفاةِ غَوادي
فَإِذا هُلهِلَ النَوالُ أَتَتنا
ذاتَ نَيرَينِ مُطبِقاتُ الأَيادي
كُلُّ شَيءٍ غَثٌّ إِذا عادَ وَال
مَعروفُ غَثٌّ ما كانَ غَيرَ مُعادِ
كادَتِ المَكرُماتُ تَنهَدُّ لَولا
أَنَّها أُيِّدَت بِخَيرِ أَيادِ
عِندَهُم فُرجَةُ اللَهيفِ وَتَص
ديقُ ظُنونِ الزُوّارِ وَالرُوّادِ
بِأَحاظي الجُدودِ لا بَل بِوَش
كِ الجِدِّ لا بَل بِسُؤدَدِ الأَجدادِ
وَكَأَنَّ الأَعناقَ يَومَ الوَغى أَو
لى بِأَسيافِهِم مِنَ الأَغمادِ
فَإِذا ضَلَّتِ السُيوفُ غَداةَ الرَو
عِ كانَت هَوادِياً لِلهَوادي
قَد بَثَثتُم غَرسَ المَوَدَّةِ وَالشَح
ناءِ في قَلبِ كُلِّ قارٍ وَبادِ
أَبغَضوا عِزَّكُم وَوَدّوا نِداكُم
فَقَرَوكُم مِن بِغضَةٍ وَوِدادِ
لا عَدَمتُم غَريبَ مَجدٍ رَبَقتُم
في عُراهُ نَوافِرَ الأَضدادِ