السقوط في البعد الرابع
هناك قصة غريبة تعود لأكثر من مائة عام بطلها مزارع معروف من مدينة جولتن في الولايات المتحدة. ففي
23سبتمبر 1880كان ديفيد لانج يعمل أمام منزله فيما كانت زوجته إيمي بقربه تحيك قميصا من الصوف. وأمامهما كان يلعب طفلاهما جاري ( 8سنوات) وسارة ( 11عاما) مع خادمتهما السمراء صوفي.. وفي هذه الأثناء حضر لزيارتهما صديقهما قاضي البلدة السيد أوغست بويك ومعه رجل يود شراء المزرعة. وحين اقترب القاضي توقف الجميع واتجهوا بأنظارهم إليه - بمن فيهم الطفلان اللذان تعودا على هداياه المميزة..
الظاهرة الغريبة حدثت أثناء سير المزارع ديفيد لانج باتجاه القاضي أوغست حيث اختفى فجأة - وبدون أي سبب - أمام أنظار زوجته وطفليه وخادمته وقاضي البلدة ومرافقه. وبسرعة ترجل القاضي عن حصانه فيما هرعت زوجته إيمي إلى مكان اختفائه - حيث ظن الجميع أنه سقط في حفرة ما.. غير أن الأرض في موقع الاختفاء كانت صلبة ولم تتضمن حفرا أو شقوقا من أي نوع. وفيما انهارت الزوجة وبدأ الطفلان في البكاء رسم القاضي دائرة حول منطقة الاختفاء وعاد لإبلاغ الشرطة وإحضار بعض الرجال.
ورغم أن ديفيد لانج اختفى في بقعة لا يزيد قطرها على المتر إلا أن غرابة الموقف جعلت الجيران يفتشون الغابات المجاورة - في حين عممت الشرطة صوره على مدن وبلدات الولاية - ولكن أحدا لم يعثر عليه في حين لم تشف زوجته من هول الصدمة أبدا.. أما ابنته سارة فقضت معظم وقتها بقرب الموقع تناديه - وادعت عدة مرات أنها سمعت صوته يطلب النجدة حتى اختفى تماما بعد عدة أيام..
هذه الحادثة الغريبة وردت في أكثر من كتاب ومصدر لعل آخرها "الاختفاءات الغامضة" للباحث "ردودي ديفيز" عام 1995(Rodney Davies: Supernatural Disappearances)... وقد استمدت قوتها من حدوثها أمام ستة شهود وتوثيقها في صحف الولاية وبقاء موقع الاختفاء مسيجا لعدة أشهر!!
أما محاولات التفسير فتراوحت بين "اختطاف الشيطان" و"انفتاح بوابة من جهنم" الى "انفتاح حفرة جيولوجية" و"سقوطه في بُعد فيزيائي مختلف"..
والسقوط في بُعد فيزيائي مختلف فكرة قديمة لتفسير حوادث الاختفاء الغامضة وانتقالها إلى بعد مكاني وزماني غير الذي نعيش فيه.. فحياتنا العادية تحكمها ثلاثة أبعاد رئيسية هي المكان والزمان وفيزياء الجسم ذاته (وهي أبعاد يدركها البشر من خلال حواسهم الخمس). غير أن محدودية هذه الحواس قد تمنعنا من الإحساس بأبعاد أخرى موازية قد تتواجد في "نفس الموقع" بدون أن نشعر بها..
ولفهم الفكرة بشكل أفضل دعنا نضرب مثلا بجهاز الراديو الصغير.. فحين تستمع لمحطة معينة يحدث ذلك لأنك وفقت بين موجة الإرسال (التي تبث بها المحطة) ومؤشر الذبذبة (الذي حركته أنت على الراديو). ولكن هذا لا يعني أن بقية المحطات - التي لا تستمع إليها - غير موجودة في الهواء (فكل ما حدث أنك اخترت موالفة جهازك لسماع محطة واحدة فقط)..
وحواسنا الخمس بدورها تمت موالفتها للعمل في نطاق واحد فقط يمنعنا من إدراك أي عوالم أخرى تتواجد حولنا بشكل دائم. فأبصارنا وأسماعنا مثلا لا تدرك سوى مستوى محدود مما يجري حولنا - وبالتالي نعجز عن رؤية الجان أو سماع أصواتهم لعيشهم في أبعاد مختلفة (في حين قد تراهم أو تسمعهم مخلوقات أخرى غيرنا؛ كما جاء في الحديث عن نهيق الحمار وصياح الديك وعذاب القبر)!!
واليوم لا يستبعد علماء الفيزياء وجود بقع أرضية (بل وحتى فلكية) تعمل بمثابة بوابات تفتح على العوالم والأبعاد الأخرى.. وحين تفتح فجأة ينتقل إليها البشر والأشياء الضائعة - فيما قد يعبر إلينا الجان والمخلوقات الغريبة أو حتى الأطباق الطائرة