اليماني هل يخرج من اليمن أم من العراق
اتصف ألأحاديث والروايات الواردة عن النبي ألأكرم محمد (ص) وعن أهل بيته الطاهرين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين في شخص اليماني وحركته ودعوته بالندرة والرمزية مما جعل شخصية صاحب هذه الحركة والدعوة السيد اليماني الموعود غامضة على أكثر الباحثين فضلاً عن الناس وذلك لأسباب وحكم لسنا في صدد ذكرها ألان , فأدى ذلك لاختلاف ألأراء في صاحب هذه الشخصية والتي تعد أهم الشخصيات في عصر الظهور المقدس للأمام المهدي (ع) حيث تأتي شخصية اليماني من حيث الأهمية بعد شخصية الامام المهدي (ع) لان اليماني كما لا يخفى وزير المهدي (ع) ونائبه الخاص والممهد الرئيسي له وصاحب دعوته وهو الداعي الى الإسلام الجديد الذي يأتي به الامام (ع) في أخر الزمان , ولكن اختلفت أراء الباحثين في معرفة اليماني والاحاطة بحركته ودعوته ومن إي البلاد ويكون خروجه وكل ذلك كما قلنا بسبب ندرة الروايات أو رمزيتها وفي هذه الكلمات سنقوم بعونه تبارك وتعالى بالإجابة عن تساؤل كثر تداوله في الآونة الأخيرة . والسؤال يقول : اليماني هل يخرج من اليمن أم من العراق ؟ وإما لماذا هذين البلدين بالتحديد فذلك راجع الى عدة أسباب . منها إن لقب اليماني يعني انه من اليمن ومنها ورود رواية تذكر المهدي يخرج من قرية يقال لها كرعه في اليمن وقد حملت هذه الرواية على اليماني لأنه كما قيل ان الامام المهدي (عليه السلام ) يخرج من مكة وان الذي يخرج من تلك القرية في اليمن هو السيد اليماني لورود رواية أخرى تقول ((يخرج ملك من صنعاء اليمن اسمه حسين أو حسن )) هذا فيما يخص اليمن , إما بالنسبة للعراق فالكوفة موطن الأنبياء والرسل وفيه كان بدأ الدعوات الإلهية ومنطلقها وظهورها ولكون عاصمة الامام المهدي (ع) تكون فيه ولكون العراق مهوى قلوب الشيعة وتقع فيه مدينتي النجف الاشرف وكربلاء المقدسة وهما مهوى قلوب الشيعة في كل أنحاء العالم وما الى ذلك من الأسباب التي سنأتي على بيانها لاحقاً . وقبل الإجابة على هذا التساؤل لابد من ذكر مقدمتين مهمتين.
المقدمة الأولى : - لابد من معرفة الفر ق بين الظهور والخروج فان هناك فرق واضح بين هاتين الكلمتين وهذين المعنيين فان معنى الظهور هو ظهور الحركة والدعوة إي ظهور الأمر وليس ظهور الشخص فهو معنى عام وليس معناً خاصاً . إما الخروج فأنه على معنيين.
الخروج العسكري : وهو خروج صاحب الحركة أو الدعوة مع أنصاره لاعلان الحرب والمواجهة المسلحة ضد أعدائه ومناؤيه في مكان معين.
الخروج الشخصي : وهو خروج شخص الداعي من مكان معين بعد غيبة أو انقطاع عن أنصاره ومنتظريه كخروج الامام المهدي (ع) في الحرم المكي في العاشر من المحرم بعد طول الأمد والغيبة.
المقدمة الثانية :- إن السبب في إطلاق لقب اليماني على وزير المهدي (ع) وصاحب دعوته لا يعود بالضرورة كونه من اليمن بل إن السبب في إطلاق ذلك اللقب يعود الى الشبه بين الداعي الى الإسلام والى عبادة المولى تبارك وتعالى وهو الرسول الأكرم (ص) وبين الداعي الى الإسلام الجديد في أخر الزمان والداعي الى نصرة الامام المهدي (ع) في أخر الزمان وهو اليماني الموعود صاحب دعوة المهدي (ع) والدعوة الى الحق حيث ذكرت الروايات الواردة عن ألائمة الأطهار صلوات الله وسلامه عليهم ذلك الشبه فقد جاء في الرواية الواردة عن كامل عن ابي جعفر (ع) انه قال: ( إن قائمنا إذا قام دعا الناس الى أمر جديد كما دعا رسول الله (ص) وان الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء ) بحار الأنوار ج13 ص 194.
وعن ابي عبدا لله (ع) انه قال: ( الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء , فقلت : اشرح لي هذا أصلحك الله , فقال : يستأنف الداعي منا دعاءً جديداً كما دعا رسول الله (ص) بحار الأنوار ج13 ص194 . فمن هذه الروايات وغيرها يتبين لنا الشبه بين دعوة النبي (ص) ودعوة المهدي (ع) والشبه بين الداعي وهو الرسول (ص) وبين الداعي في أخر الزمان وهو اليماني الموعود فأن اليماني إن لقب بهذا اللقب لشبهه بالنبي (ص) ولشبه دعوته بدعوة النبي (ص) فأن النبي محمد (ص) كان يلقب باليماني علماً انه من مكة وليس من اليمن كما في الحديث الوارد عنه (ص) : ( إن خير الرجال أهل اليمن والأيمان يمان وأنا يماني ) بحار الأنوار ج6 - وعن الامام الباقر (ع) عن رسول الله (ص) قال: ( الايمان يماني والحكمة يمانية ) معجم أحاديث الامام المهدي (ع) ج1 . وبهذا يتبين لنا واضحاً السبب في إطلاق هذا اللقب وهو (( اليماني)) على وزير المهدي (ع) وهذا السبب وجيه وصحيح حيث الرجل الذي يخرج قبل القيام المقدس للأمام المهدي (ع) والذي يواجه دعوة المهدي (ع) ويحارب الإمام (ع) وهوالسفياني الملعون إنما لقب بهذا اللقب لشبهه بأبي سفيان فهو كما لا يخفى امتداد لبني أمية وأبي سفيان العدوا الاول والاكبر لرسول الله (ص) فكما لقب السفياني بهذا اللقب وهونسبة الى ابي سفيان عليه اللعنة لقب اليماني بهذا اللقب نسبة الى رسول الله (ص) الذي كان يلقب باليماني وبهذا يتبين لنا إن كلمة اليماني لإيراد منها اليمن بل الايمان أو الحكمة كما في الروايتين الشريفتين السالفتي الذكر . وبعد هاتين المقدمتين سنبدأ على بركة المولى تبارك وتعالى ألإجابة على التساؤل فأقول الرواية التي استدل بعضهم بها على خروج اليماني من اليمن فهي الرواية الواردة في مشارق الانوار عن كعب بن الحارث قال: ان ذا جدن الملك ارسل السطيح لامر شك فيه -الى ان قال- فعندها يظهر ابن النبي المهدي وذلك اذا قتل المظلوم بيثرب وابن عمه في الحرم وظهر الخفي فوافق الوشمي فعند ذلك يقبل المشوم بجمعه الظلوم فتظاهر الروم بقتل القروم فعندها ينكسف كسوف اذا جاء الزحوف وصف الصفوف ثم يخرج ملك من صنعاء اليمن ابيض كالقطن اسمه حسين او حسن فيذهب بخروجه غمر الفتن فهناك يظهر مباركاً زكياً وهادياً مهدياً وسيداً علوياً ..) بحار الانوارج51 والحق ان هذه الرواية لم ترد عن النبي(ص) او اهل بيته(ع).
اذاً فلا يصح ان تكون دليلاً على خروج اليماني من اليمن نعم يمكن ان تكون شاهداً على ذلك ولكن ليس دليلاً عليه . بقيت رواية واحدة يعتقد البعض انها تدل على اليماني وهي تتحدث عن خروج رجل من اليمن من ذرية زيد بن علي والذي يظهر من الرواية انها تتحدث عن خروج رجل من ذرية زيد او انه زيدي المذهب وليس في الرواية دلالة على انها تتحدث عن اليماني ، فان قيل ان المقصود بالرجل من ذرية زيد هو اليماني الموعود ، اقول لا دليل على ذلك ولا قرينة ولامانع ان يكون المقصود من الرواية رجل من ذرية زيد غير اليماني الموعود . ثم ان المتتبع للروايات يجد ان اليماني حسني النسب وليس حسيني فقد دلت الروايات الشريفة على ذلك فان من الواضح ان الامام المهدي (ع) ووزيره اليماني هما من يقودان القضية المهدوية حيث ان اليماني هو الذي يقوم بالدعوة والامام(ع) هو من يقود الحرب بعد اعلان ثورته وقد جاء في الرواية الشريفة الواردة عن ابي جعفر (ع) في حديث طويل قال : يدخل المهدي الكوفة وبها ثلاث رايات قد اضطربت بينها فتصفوله فيدخل حتى ياتي المنبر ويخطب ولايدري الناس مايقول من البكاء - وهو قول رسول الله (ص): (كأني بالحسني والحسيني وقد قادها فيسلمها الى الحسيني فيبايعونه ..))غيبة الطوسي281- فان الظاهر من هذه الرواية ان القضية المهدوية تكون بقيادة الحسني وهو اليماني والحسيني وهو الامام المهدي(ع) وبذلك يتضح ان اليماني حسني النسب وليس من ولد زيد أي حسيني النسب .وبذلك يتبين ان الرجل المذكور من ذرية زيد ليس المقصود منه اليماني الموعود اذن فلا يصح الاستدلال بهذه الرواية لانها اجنبية عن المقام . والصحيح عندنا والذي ثبت لدينا من تتبع الروايات المعصومية الشريفة ان لليماني خروج من اليمن والخروج غير الظهور كما بيناه في المقدمة الاولى ومعنى هذا ان ظهور حركة اليماني من اليمن بشخصه لاظهور حركته ودعوته والخروج المراد منه هنا خروج اليماني بشخصه بعد غيبة له في اليمن كما هو محتمل . ثم اننا نعتقد ان اليماني له اصلاً ونسباً في اليمن ولكنه من العراق وتظهر دعوته في العراق بالتحديد في الكوفة والنجف عاصمة الامام المهدي (ع) ومهوى قلوب الشيعة ومركز التشيع والولاء لأهل البيت(ع) فان الكوفة هي مكة الشيعة كما لايخفى على ذي لب حيث يقصدها ملايين الشيعة سنوياً . ولايخفى على احد ان دعوة المهدي(ع) لابد ان تظهر في مواطن الشيعة وبينهم وبالاخص في((ام القرى)) ام الشيعة وهي النجف الاشرف وذلك للشبه بين دعوة الرسول(ص) وبين دعوة المهدي(ع) فان دعوة الرسول (ص) ظهرت في ام القرى انذاك وهي مكة التي كان يقصدها العرب من كل مكان للحج والتجارة ، اذن فلا بد ان تظهر دعوة المهدي (ع) في مكان يكون اليه قصد الشيعة (( لان دعوة المهدي تظهر عند الشيعة اولاً )) ويكون مشابه لملكة من حيث ان الناس تقصده وان قريش تسكنها حيث ان الدعوة لا بد ان تظهر وسط كبار القوم وخاصتهم لا عامة الناس وضعفائهم ولا توجد هذه الخصائص وتقوم الواقع الا في النجف والكوفة، فان اليمن ليست هي ام المدن الشيعية كما هو واضح ولا يوجد كبار القوم سواء اكان من المسلمين عامة او من الشيعة خاصة في اليمن بل ان كبار القوم في الواقع هم في النجف وهم ابناء عمومة الامام المهدي (ع) من السادة وهم علماء الامة كما كانوا قريش هم ابناء عمومة النبي محمد (ص) وهم اعلم العرب واكثرهم فصاحة وهم سادة العرب كما لا يخفى . ثم ان هناك تساؤل مهم وهو هل عجز اكثر الشيعة في العراق او ايران او لبنان او ابناء المذهب الشيعي عن حمل راية المهدي (ع) حتى يحملها اهل اليمن او ازيدية فان من المعلوم ان اكثر الشيعة في اليمن هم زيديون وليسوا على مذهبنا (( الاثني عشري )) وان وجد اثني عشرية فهم قلة فيا ترى هل عجز اكثر الشيعة والذين يسكنون قرب منبع العلم والتشيع حتى حملها رجل من القلة في اليمن وهو بعيد عن مواطن العلم والتشيع ؟! الواقع والحق ان دعوة اليماني وحركته لا بد ان تظهر في مكة الشيعة ومصدر التشيع وهي النجف الاشرف والكوفة المقدسة ولا بد ان يظهر صاحب الدعوة المهدية من ذلك المكان ومن تلك المنطقة وذلك لكي يكون معروفاً لدى الشيعة ليكون حجة عليهم والا لو كان الداعي غير معروفاً او جاء او ظهر في مكان بعيد عن الشيعة كيف يتسنى لنا معرفته والوثوق به ثم ان جميع الرسل والدعاة كانوا قد ظهروا في وسط اقوامهم ولم يأتوا من بعيد كما تدل على ذلك الكثير من الايات القرانية قال تعالى (( لقد ارسلنا نوحاً الى قومه .......)) الاعراف 59 ، فأن الهاء هاء النسبة والاية واضحة البيان في ان نوح بعث الى قومه فهو معروف عندهم . وقوله تعالى (( والى عاد اخاهم هوداً .......)) الاعراف 65 - وقال تعالى (( والى ثمود اخاهم صالحاً .......)) الاعراف 73 . ويظهر من هذه الايات الشريفة من قوله (( اخاهم ))ان الانبياء كانوا من اقوامهم نسباً وسكناً . وهو المعروف عن موسى (ع) فهو من بني اسرائيل وبعث فيهم وكذلك بالنسبة لعيسى (ع) ومحمد صلوات الله عليهما واله فهو من قريش وبعث في قريش وفي مكة موطن قريش وكان معروفاً لديهم بالصادق الامين اذن فلا بد ان يظهر الداعي في مكة الشيعة وبين قومه ولا بد يكون معروفاً لديهم بالصدق والايمان أي لا بد ان يكون موثقاً عندهم ليكون حجة عليهم وان لم يكن كذلك فلا يصح ان يكون حجة على الناس وعليه فلا يصح ان يكون الملتوي عليه من اهل النار كما جاء في الرواية عن الباقر (ع) اذن لا بد ان يكون اليماني معروفاً عند الشيعة التي تظهر دعوة المهدي (ع) عندهم ولا بد ان يكون حجة عليهم حتى يرد قول الباقر (ع) ان الملتوي عليه من اهل النار ، اما بالنسبة لمن يقول ان خروج اليماني من اليمن أي ظهور حركة اليماني ودعوته في اليمن ثم يتجه بأنصاره الى العراق والكوفة فهو غير صحيح وهو خلاف ما عليه واقعنا اليوم فمن غير الممكن ان يتجه اليماني بجيشه من اليمن الى العراق واليمن غير محاددة للعراق وهذا يستدعي دخول اليماني وقواته في عدة بلدان وهذا مخالف للقوانين المتعارفة بين الدول اليوم فان قيل ان اليماني وقواته يدخلون تلك البلدان بعد الاتفاق مع حكوماتها . اقول ان ذلك لا يمكن تصوره لعدة امور:
الاول : لا يمكن لأي دولة اليوم ان تسمح لقوات تأتي من دولة اخرى تريد مهاجمة دولة ثانية ان تمر من خلال اراضيها فلربما كانت خدعة يراد منها مهاجمة نفس تلك الدولة التي ادعت تلك القوات انها تريد ان تمر عبر اراضيها فقط ، ثم ان ذلك مخالف للأتفاقيات المنعقدة بين الدول.
الثاني : هو اننا لا يمكن ان نتصور ان مجموعة من الثوار وهم انصار اليماني يقطعون كل هذه المسافات وليس لديهم اسلحة كأسلحة الجيش النظامي لدى الدول حتماً يمرون دون يتعرضوا لهجوم من بعض الدول او من الدول التي يرومون مهاجمتها.
الثالث : من المعلوم لدى الجميع ان حكومات الدول التي تقع بين اليمن والعراق هي حكومات ناصبة العداء لأهل البيت (ع) فكيف يسمحون لليماني وقواته المعروفين بتشيعهم المرور عبر اراضيهم وهذا خلاف العقل والمنطق . وعليه فانه لا بد ان يكون ظهور حركة اليماني وعدوته في العراق لا في اليمن ولكن من المحتمل ان يكون لليماني خروجاً من اليمن بعد ان يغيب هناك فترة من الزمن يكون مطلوباً من قبل حكومة بني العباس التي تحاول قتله والقضاء عليه وهذا المعنى ليس ببعيد كما ان خروج الامام المهدي (ع) بعد الغيبة يكون من مكة علماً انه ليس من اهل مكة ولم يسكن في مكة ولم يولد فيها كما جاء في الاحاديث والروايات.