اللهم صلي على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كربلاء في التأريخ
ورد لكربلاء ذكر في كتب التاريخ القديمة، فقد سكنها قوم من النصارى والدهاقين، وعلى ارضها أُقيم معبد تقام فيه الصلاة، ومن حولها معابد أخرى، وقد عثر في القرى المجاورة لها على جثث للموتى داخل أوانٍ خزفية يعود تاريخها إلى ما قبل عهد السيّد المسيح عليه السّلام.
وفي عهد الفتوحات الإسلاميّة مر بها خالد بن عرفطة سنة 14 هـ، واتخذها مقراً لجنده ومعسكراً لجيشه فترة من الزمن ثم انتقل منها إلى الكوفة بعد بنائها وتمصيرها. ونزلها أيضاً خالد بن الوليد قبل هذا التاريخ أي في سنة 12 هـ عند مسيره لنجدة عياض بن غنم، وكان على مسلحتها عاصم بن عمرو. ومر بها أيضاً أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام سنة 40 هـ عند رجوعه من صِفّين. وتذكر الروايات الموثوقة بكاءه عليه السّلام عندها وإخباره بما سيحدث فيها من قتل وسبي لآل الرسول صلّى الله عليه وآله.
أما تاريخ كربلاء الحقيقي فقد بدأ يوم وصلها الإمام أبو عبدالله الحسين بن عليّ عليه السّلام سنة 61 هـ وكرر فيها موقفه الرافض لبيعة يزيد بن معاوية معلناً الثورة عليه، وكان أهل الكوفة قد كتبوا إليه يدعونه بالقدوم عليهم لنصرته، ولما بلغ أطراف بلدهم تخاذلوا عنه، فصبر وجاهد ولم يهن، وواجه بالقلة القليلة من اهل بيته واصحابه الجيشَ الكبير الذي خرج لقتاله. وفي اليوم العاشر من محرم حدثت الوقعة التي ادمت قلوب المسلمين، وافزعت نفوسهم، واسفرت عن مصرع الإمام الحسين عليه السّلام ومن معه. وفي كتب المقاتل ـ وهي كثيرة ـ تفاصيل تلك الوقعة الخالدة التي ضرب فيها الإمامُ الحسين عليه السّلام وأهله واصحابه الميامين أروعَ الامثلة في قوة الإيمان وصدقه، وما أبدوه من ضروب الصمود والشجاعة.
وهكذا اصبحت كربلاء بعد هذه الواقعة من المدن الإسلاميّة المقدسة والحواضر المعروفة، فقد شاء الله سبحانه وتعالى ان يُعلي شأنها، ويجعلها مهوى أفئدة الملايين من المسلمين، ومقصدَ الجموع الغفيرة من الصالحين، وحباها بنعمة دائمة لا تزول، واسمها يتردد على ألسنة المؤمنين يترنمون به، ويلهجون بذكره، ويهفو إليها البعيد والقريب بعد ان خصها البارئ الجليل بمقام كريم ومرقد عظيم، ذلك هو مرقد سبط الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم: الإمام الحسين بن عليّ عليه السّلام، فنُسبت إليه المدينة، وقيل عن كربلاء مدينة الحسين عليه السّلام.