وَراءَكَ عَن شاكٍ قَليلِ العَوائِدِ
تُقَلِّبُهُ بِالرَملِ أَيدي الأَباعِدِ
يُراعي نُجومَ اللَيلِ وَالهَمَّ كُلَّما
مَضى صادِرٌ عُنّي بِآخَرَ وارِدِ
تَوَزَّعَ بَينَ النَجمِ وَالدَمعِ طَرفُهُ
بِمَطروفَةٍ إِنسانُها غَيرُ راقِدِ
وَما يَطَّبيها الغُمضُ إِلّا لِأَنَّهُ
طَريقٌ إِلى طَيفِ الخَيالِ المُعاوِدِ
ذَكَرتُكُمُ ذِكرَ الصِبا بَعدَ عَهدِهِ
قَضى وَطَراً مِنّي وَليسَ بِعائِدِ
إِذا جانَبوني جانِباً مِن وِصالِهِم
عَلِقتُ بِأَطرافِ المُنى وَالمَواعِدِ
فَيا نَظرَةً لا تَنظُرُ العَينُ أُختَها
إِلى الدارِ مِن رَملِ اللَوى المُتَقاوِدِ
هِيَ الدارُ لا شَوقي القَديمُ بِناقِصٍ
إِلَيها وَلا دَمعي عَليها بِجامِدِ
وَلي كَبِدٌ مَقروحَةٌ لَو أَضاعَها
مِنَ السُقمِ غَيري ما بَغاها بِناشِدِ
أَما فارَقَ الأَحبابَ قَبلي مُفارِقٌ
وَلا شَيَّعَ الأَظعانَ مِثلي بِواجِدِ
تَأَوَّبَني داءٌ مِنَ الهَمِّ لَم يَزَل
بِقَلبِيَ حَتّى عادَني مِنهُ عائِدي
تَذَكَّرتُ يَومَ السِبطِ مِن آلِ هاشِمٍ
وَما يومُنا مِن أَلِ حَربٍ بِواحِدِ
وَظامٍ يُريغُ الماءَ قَد حيلَ دونَهُ
سَقوهُ ذُباباتِ الرِقاقِ البَوارِدِ
أَتاحوا لَهُ مُرَّ المَوارِدِ بِالقَنا
عَلى ما أَباحوا مِن عِذابِ المَوارِدِ
بَنى لَهُمُ الماضونَ آساسَ هَذِهِ
فَعَلّوا عَلى آساسِ تِلكَ القَواعِدِ
رَمَونا كَما يُرمى الظَماءُ عَنِ الرَوا
يَذودونَنا عَن إِرثِ جَدٍّ وَوالِدِ
وَيا رُبَّ ساعٍ في اللَيالي لِقاعِدٍ
عَلى ما رَأى بَل كُلَّ ساعٍ لِقاعِدِ
أَضاعوا نُفوساً بِالرِماحِ ضَياعَها
يَعِزُّ عَلى الباغينَ مِنّا النَواشِدِ
أَأَللَهُ ما تَنفَكُّ في صَفَحاتِها
خُموشٌ لِكَلبٍ مِن أُمَيَّةَ عاقِدِ
لَئِن رَقَدَ النُصّارُ عَمّا أَصابَنا
فَما اللَهُ عَمّا نيلُ مِنّا بِراقِدِ
لَقَد عَلَّقوها بِالنَبِيِّ خُصومَةً
إِلى اللَهِ تُغني عَن يَمينٍ وَشاهِدِ
وَيا رُبَّ أَدنى مِن أُمَيَّةَ لِحمَةً
رَمونا عَلى الشَنآنِ رَميَ الجَلامِدِ
طَبَعنا لَهُم سَيفاً فَكُنّا لَحَدِّهِ
ضَرائِبَ عَن أَيمانِهِم وَالسَواعِدِ
أَلا لَيسَ فِعلُ الأَوَّلينَ وَإِن عَلا
عَلى قُبحِ فِعلِ الأَخَرينَ بِزائِدِ
يُريدونَ أَن نَرضى وَقَد مَنَعوا الرِضى
لِسَيرِ بَني أَعمامِنا غَيرَ قاصِدِ
كَذَبتُكَ إِن نازَعتَني الحَقَّ ظالِماً
إِذا قُلتُ يَوماً إِنَّني غَيرُ واجِدِ
ابو تمام ..