مرحبا
جامعة الدول العربية The League Of Arab States
منظمة دولية إقليميةRegional Organization ذات طابع قومي. وهي أقدم منظمة دولية في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، فقد ولدت في 22 آذار 1945 أي قبل الأمم المتحدة بثلاثة أشهر وقبل منظمة الدول الأمريكية في وضعها الحالي بثلاثة أعوام، وقبل المجلس الشمالي والجماعة الاقتصادية الأوربية (ما يعرف اليوم بالاتحاد الأوربي) بثلاثة عشر عاماً، وقبل منظمة الوحدة الإفريقية بثمانية أعوام.
وجامعة الدول العربية مدينة بوجودها الدستوري لوثيقتين أساسيتين تكمل إحداهما الأخرى، فقد صدر عن مؤتمر الإسكندرية المنعقد في الفترة الواقعة بين 25/9 و6/10 عام 1944 ما عرف بـ«بروتوكول الإسكندرية» الذي جَسَّد فكرة الجامعة العربية وأعطاها إطارها العام. ثم جاء ميثاق جامعة الدول العربية الموقع في 22/3/1945 ليكون قانونها الأساسي. ورغم أن الميثاق لم يدخل حيز النفاذ إلاّ في منتصف أيار من عام 1945 بعد استكمال التصديقات الدستورية اللازمة لإنفاذه، إلا أن يوم 22 آذار 1945 يُعتبر عيد ميلاد جامعة الدول العربية باتفاق الأعضاء جمعياً، وحدَّد الميثاق مدينة القاهرة مقراً دائماً للجامعة.
يجوز بموافقة ثلثي دول الجامعة تعديل ميثاقها وعلى الخصوص لجهة تمتين الروابط بينها ولإنشاء محكمة عدل عربية ولتنظيم صلات الجامعة بالهيئات الدولية التي قد تنشأ في المستقبل لكفالة الأمن والسلام. ومع محاولات كثيرة بدأت عام 1950 ومازالت مستمرة بتقطع حتى اليوم لم يعدل الميثاق أصولاً حتى اليوم، مما يدل على عدم وجود إرادة التعديل. ولا أُنشئت حتى تاريخه محكمة العدل العربية مع أن أكثر من مشروع قدم لهذا الغرض آخرها مشروع بدئ به عام 1980 ومازال يؤجل من دورة مجلس جامعة إلى دورة أخرى، وليس في الأفق ما يدل على وجود اتفاق على كل أحكامه. ومن المتفق عليه بين جميع الفقهاء القانونيين العرب أن جامعة الدول العربية تتمتع بالشخصية القانونية، وتأكَّد هذا الاتجاه بالنص عليه في المادة الأولى من اتفاقية مزايا وحصانات الجامعة.
أهداف جامعة الدول العربية ومبادئها
يتضح من استظهار نصوص ميثاق الجامعة أن أربابها قصدوا منها تحقيق مجموعتين من الأهداف أولهما سياسية أمنية تتصل بكيان الدول الأعضاء وثانيهما اقتصادية واجتماعية تتصل برفاه شعوبها وذلك على التفريع الآتي:
1- تحقيق التعاون العربي في المسائل السياسية: فالقصد من جامعة الدول العربية بصريح نص المادة الثانية من ميثاقها هو توثيق الصلات بين الدول المشتركة وتنسيق خططها السياسية تحقيقاً للتعاون بينها.
أما الدول الراغبة فيما بينها في تعاون أوثق وروابط أقوى مما نص عليه هذا الميثاق فلها أن تعقد بينها من الاتفاقات ما تشاء لتحقيق هذه الأغراض خارج نطاق الجامعة.
2- صيانة استقلال الدول الأعضاء: من الطبيعي أن تستهدف الجامعة صيانة استقلال وسيادة هذه الدول ولاشك أن تعاون الدول العربية وتضامنها داخل الجامعة يدعم هذا الاستقلال ويقف حائلاً ضد الأطماع الأجنبية.
3- المحافظة على السلام والأمن العربيين: تختص الجامعة العربية باستئصال شأفة النزاعات كافة التي تمسّ الدول الأعضاء فيها بشكل أو بآخر لمنع وقوع ما يهدد السلام والأمن في المنطقة. فإذا حدث مثل هذا التهديد كان عليها التصدي للعدوان كما يأتي:
آ- حل النزاعات العربية بالطرق السلمية (الجانب الوقائي لتحقيق الأمن القومي العربي): تفرض المادة /5/ من الميثاق على الدول الأعضاء عدم جواز الالتجاء إلى القوة لفض النزاعات التي تثور بينها. فإذا نشب خلاف لا يتعلق باستقلال الدولة أو سلامة أراضيها ولجأ المتنازعون إلى مجلس الجامعة لفض هذا الخلاف كان قراره عندئذ نافذاً وملزماً. وفي هذه الحالة لا يكون للدول التي وقع بينها الخلاف الاشتراك في مداولات المجلس وقراراته. وفي غير ما سلف من نزاعات يتوسط المجلس في الخلاف الذي يخشى منه وقوع حرب بين دولة من دول الجامعة وبين أي دولة أخرى من دول الجامعة أو غيرها للتوفيق بينهما وتصدر قرارات التحكيم والقرارات الخاصة بالتوسط بأغلبية الآراء.
ب - قمع العدوان (الجانب العلاجي لتحقيق الأمن العربي): تنص المادة /6/ من الميثاق على أنه «إذا وقع اعتداء من دولة من أعضاء الجامعة أو خشي وقوعه فللدولة المعتدى عليها أو المهددة بالاعتداء أن تطلب دعوة المجلس للانعقاد فوراً. ويقرر المجلس التدابير اللازمة لدفع هذا الاعتداء. ويصدر القرار بالإجماع. فإذا كان الاعتداء من إحدى دول الجامعة لا يدخل في حساب الإجماع رأي الدولة المعتدية. وإذا وقع الاعتداء بحيث يجعل حكومة الدولة المعتدى عليها عاجزة عن الاتصال بالمجلس فلممثل تلك الدولة فيه أن يطلب انعقاده للغاية المبينة في الفقرة السابقة. وإذا تعذر على الممثل الاتصال بمجلس الجامعة حق لأي دولة من أعضائها أن تطلب انعقاده». لكن النص كما يلاحظ قاصر على إجراءات الدعوة وانعقاد المجلس فلا هو يعرف العدوان أو المقصود بالتهديد به ولا هو يخول مجلس الجامعة تحديده ولا هو يذكر ماهية الإجراءات التي يمكن له ـ إذا انعقد ـ أن يتخذها. كما أن اشتراط الإجماع في قرارات المجلس عقبة لا تخفى في مجال فعاليته. كل ذلك كان في الأذهان حين أبرمت الدول العربية في 17 حزيران/يونيو 1950 معاهدة للدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي حاولت فيها أن تتلافى بعض هذه الثغرات.
4- تحقيق التعاون العربي في المسائل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية: نصت المادة الثانية من الميثاق على هذا الهدف بقولها «كذلك من أغراضها (الجامعة) تعاون الدول المشتركة فيها تعاوناً وثيقاً بحسب نظم كل دولة منها وأحوالها في الشؤون التالية:
أ - الشؤون الاقتصادية والمالية، يدخل في ذلك التبادل التجاري والجمارك والعملة وأمور الزراعة والصناعة.
ب - شؤون المواصلات، ويدخل في ذلك السكك الحديدية والطرق والطيران والملاحة والبرق والبريد.
ج- شؤون الثقافة.
د - شؤون الجنسية والجوازات والتأشيرات وتنفيذ الأحكام وتسليم المجرمين.
هـ- الشؤون الاجتماعية.
و- الشؤون الصحية.
5- النظر في مصالح البلاد العربية بصفة عامة: فجامعة الدول العربية لا تضم إلا الدول العربية المستقلة. في حين أنه لمّا أنشئت كان ثمة بلدان عربية أخرى لم تحقق استقلالها بعد. لذا سمحت الدول العربية المستقلة الأعضاء لنفسها بالحق في النظر عموماً في شؤون تلك البلاد عن طريق الجامعة».
أمَّا المبادئ التي تقوم عليها جامعة الدول العربية، وهي مجموعة القواعد القانونية التي تحدد سلوك الجامعة وأعضاءها في تحقيق أهدافها، فيمكن استخلاصها من عدد من مواد الميثاق وهي على النحو الآتي:
1- مبدأ التساوي في السيادة بين الدول الأعضاء (م7).
2- مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء، واحترام شكل نظام الحكم القائم فيها (م8).
3- مبدأ منع الالتجاء إلى القوة لفض النزاعات العربية (م5).
4- مبدأ المساعدة المتبادلة (م6) كما يقرره مجلس الجامعة. والميثاق هنا لا يلزم الدول الأعضاء بتقديم المساعدة مباشرة للدولة الضحية للعدوان لكنه لا يحول دونه. ولعل هذا مطة هذا النقص الكبير في نظرية الأمن الجماعي العربي فجاءت اتفاقية الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي (م2) لسد بعض الثغرات، إذ نصت على أنه «تعتبر الدول المتعاهدة كل اعتداء مسلح يقع على أية دولة أو أكثر منها أو على قواتها اعتداء عليها جميعاً. ولذلك فإنها عملاً بحق الدفاع الشرعي الفردي والجماعي عن كيانها تلتزم بأن تبادر إلى معاونة الدولة أو الدول المعتدى عليها وبأن تتخذ على الفور منفردة ومجتمعة جميع التدابير وتستخدم كل ما لديها من وسائل بما في ذلك استخدام القوة المسلحة لرد الاعتداء ولإعادة الأمن والسلام إلى نصابهما».
العضوية في جامعة الدول العربية
تتألف الجامعة من «الدول العربية المستقلة الموقعه على هذا الميثاق». ولكل دولة عربية مستقلة الحق في أن تنضم إلى الجامعة، فإذا رغبت في الانضمام قدمت طلباً بذلك يودع لدى الأمانة العامة الدائمة ويعرض على المجلس في أول اجتماع يعقد بعد تقديم الطلب. وهكذا ففي جامعة الدول العربية أعضاء مؤسِّسون هم سورية والأردن والعراق والسعودية ولبنان ومصر واليمن، وأعضاء منضمون هم كل دولة تتوافر فيها الشروط الآتية:
1- أن تكون دولة عربية، ولم يتضمن الميثاق تعريفاً للعروبة مما يترك أمر تقديرها لمجلس الجامعة.
2- أن تكون دولة مستقلة، وبيان مدى استقلال الدولة العربية متروك أيضاً لتقدير مجلس الجامعة. وتجدر الإشارة إلى أنه حين قامت الجامعة في 22/3/1945 لم تكن بعض الدول العربية المؤسسة استكملت أسباب استقلالها (سورية ولبنان) ومع هذا اعتبرتا دولتين مستقلتين.
3- أن يوافق مجلس الجامعة على قبولها. ولم تحدد المادة الأولى من الميثاق عدد الأصوات اللازمة لاعتبار طلب دولة ما مقبولاً.
وتم حتى اليوم قبول أربع عشرة دولة في عضوية الجامعة بطريق الانضمام وهي ليبية (1953)، السودان (1956)، المغرب وتونس (1956)، الكويت (1961)، الجزائر (1962) اليمن الديمقراطية (1967)، البحرين وقطر وعُمان (1971)، اتحاد الإمارات العربية (1971) موريتانية (1973)، الصومال (1974) وجزر القمر (1993). أمَّا فلسطين فهي العضو الثاني والعشرون بعدما توحدت اليمنان في دولة واحدة.
تعالج المادتان 18 و19 من الميثاق حالتين من حالات فقد العضوية في جامعة الدول العربية هما الفقد الطوعي والفقد القسري. أما الفقد الحكمي للعضوية فمفهوم بداهة.
1- فقد العضوية الطوعي (الانسحاب): إذا أرادت إحدى دول الجامعة أن تنسحب منها أبلغت المجلس عزمها على الانسحاب قبل تنفيذه بسنة (م18/1) ولا يترتب على انسحاب الدولة تخليها عن التزاماتها إلا بعد مرور هذه الفترة. كذلك يجوز للدولة التي لا تقبل بتعديل أدخل على ميثاق الجامعة أن تنسحب عند تنفيذ هذا التعديل. لكن الدولة الراغبة بالانسحاب لهذا السبب معفاة من التقيد بالإعلان عن الرغبة وانتظار مدة السنة المشترطين في الحالة الأولى (م19).
2- فقد العضوية القسري (الفصل): لمجلس الجامعة العربية أن يعد أي دولة لا تقوم بواجبات الميثاق منفصلة عن الجامعة بقرار يصدر بإجماع الدول عدا الدولة المشار إليها. وتجدر الإشارة إلى أنه لم تفقد دولة عربية ما عضويتها في الجامعة لأي من الأسباب السابقة. إلاّ أن عضوية مصر جمدت في الجامعة إثر توقيعها معاهدة الصلح مع إسرائيل في 26/3/1979، ونقل مقر الجامعة الدائم من القاهرة إلى تونس. لكن مصر عادت للجامعة في أواخر عام 1989 وعاد معها المقر إلى مكانه الأصلي.
3- فقد العضوية الحكمي (فقد السيادة): من المقرر في قواعد القانون الدولي أنه إذا فقدت الدولة العضو في منظمة دولية سيادتها لسبب أو لآخر فإنها تفقد عضويتها في المنظمات الدولية التي كانت تنتمي إليها بطريقة حكمية لانتفاء صفة الدولة عنها وهي مبرر العضوية. وهكذا لما اتحدت الجمهورية السورية مع الجمهورية المصرية في الجمهورية العربية المتحدة اعتباراً من 22/2/1958 حلت الدولة الاتحادية محل الدولتين المندمجتين في عضوية الجامعة. فلما انفصلت سورية عن دولة الوحدة يوم 28/9/1961 تقدمت بطلب إلى الأمانة العامة لاستعادة مقعدها بوصفها عضواً مؤسساً للجامعة. ونظراً لعدم اعتراض حكومة الجمهورية العربية المتحدة على ذلك عادت سورية إلى عضويتها في الجامعة دون إجراءات انضمام كدولة جديدة منفصلة عن الدولة الأم.
وحين أعلن قيام دولة موحدة بين الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في 23/5/1990 احتلت الدولة الاتحادية التي احتفظت باسم الجمهورية العربية اليمنية بمقعدها في الجامعة في حين زالت عضوية جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.
ليس في الميثاق نص خاص «بصفة مراقب» اللهم إلا ما ورد في المادة الرابعة من جواز دعوة ممثلين للبلاد العربية الأخرى (غير الأعضاء) لحضور اجتماعات لجان الجامعة. غير أنه عقب إنشاء الحكومة المؤقتة للجزائر إبان الثورة الجزائرية في الخمسينيات واعتراف الدول العربية بها تقدمت هذه الحكومة بطلب إلى مجلس الجامعة لقبولها عضواً مراقباً. وقد تم ذلك بقرار أصدره مجلسها في 7/9/1959 واستند المجلس في قراره إلى الملحق الخاص بالتعاون مع البلاد العربية غير الأعضاء. ثم عقب إعلان استقلال الجزائر قبلت في عضوية الجامعة الكاملة.
أما فلسطين فلها وضع خاص بها، إذ منح الملحق الخاص بفلسطين لمجلس الجامعة الحق في اختيار مندوب عربي من هذا البلد العربي للاشتراك في أعماله. وهذا يجعل من فلسطين حالة خاصة إذ لم يكن ينظر إليها كعضو كامل العضوية ولا كبلد غير مستقل ترعى الجامعة شؤونه وحسب بل اعتبرت بلداً عربياً متميزاً يحق له المشاركة في أعمال مجلس الجامعة ولجانها دون أن يكون له حق التصويت وهذا ما جعلها للعضوية الناقصة أقرب. أكثر من ذلك شاءت الظروف السائدة وقت إنشاء الجامعة وما تبعه من أحداث في فلسطين أن يمارس مجلس الجامعة (بصريح عبارة الملحق الخاص بفلسطين) دوراً وصائياً عليها باحتكاره حق اختيار مندوبها المشارك. لكن تطور منظمة التحرير الفلسطينية التي رحب بها مؤتمر القمة العربي الثاني عام 1964 وبروز الشخصية المستقلة تدريجياً بعد اندلاع الثورة الفلسطينية مع اليوم الأول لعام 1965 أعاد طرح مشكلة تمثيل فلسطين في الجامعة. والأرجح أن القرار التاريخي الذي اتخذه مؤتمر القمة العربي السابع في الرباط عام 1974 بالاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني وحق هذه المنظمة وحدها في ممارسة السيادة الوطنية على كل جزء محرر من أرض فلسطين كل ذلك وضع الأمور في نصابها، فالكيان الفلسطيني بعناصره المادية والمعنوية (الإقليم والشعب والسلطة) برزت من جديد واضحة ومعترفاً بها دولياً وعربياً وبالتالي صار من حق المنظمة أن تمثل فلسطين دون وصاية من أحد. ثم وفي صيف عام 1976 قبلت فلسطين عضواً كامل العضوية في شتى هيئات الجامعة و وكالاتها المتخصصة. وتكرَّس كيان دولة فلسطين (ولو في ظل احتلال غير شرعي) بقرارات المؤتمر الوطني الفلسطيني المنعقد في الجزائر عام 1988.
البنيان التنظيمي لجامعة الدول العربية وهيئاتها
يتألف البنيان التنظيمي لجامعة الدول العربية (الهيئات الأصلية) بموجب الميثاق من هيئات ثلاث هي مجلس الجامعة ولجانها والأمانة العامة.
1- مجلس الجامعة: هو الهيئة العليا في الجامعة، ويختص بالإشراف على كل ما يدخل في اختصاصاتها، ويضم المجلس جميع الدول الأعضاء على قدم المساواة ويكون لكل دولة صوت واحد مهما كان عدد ممثليها. ولم يحدد الميثاق مستوى التمثيل في المجلس. وقد حدث كثيراً أن انعقد على مستوى الوزراء (وزراء الخارجية أو سواهم بحسب المواد المدرجة على جدول أعماله) كما انعقد على مستوى الممثلين الدائمين للدول الأعضاء في حين ارتفع مستوى التمثيل أحياناً إلى مستوى رؤساء الوزراء بل ورؤساء الدول من ملوك ورؤساء جمهوريات ومن يماثلهم في زعامة الدولة، لذلك فإن الرأي الأرجح في توصيف مؤتمرات القمة العربية المتقطعة التي شهدتها الساحة العربية منذ مطلع 1964 على أنها اجتماعات لمجلس الجامعة على مستوى الرؤساء. وهو أمر حسمته قمة القاهرة لعام 2000 بملحق أضيف لميثاق الجامعة. وبموجبه أضحت القمة العربية اجتماعاً سنوياً لمجلس الجامعة في شهر آذار من كل عام.
يختص مجلس الجامعة بكل ما يتصل بأهداف الجامعة ومبادئها وأصول العمل فيها، وهو المرجع في كل ما لا ينص الميثاق على مرجع آخر فيه سواه. كما أنه قمة الهرم في بنيان الجامعة بالنسبة لقرارات المراجع الأدنى.
المبدأ العام أن ما يقرره المجلس بالإجماع ملزم لجميع الدول الأعضاء، أما ما يقرره بالأكثرية فلا يلزم إلا من قبل به (م7) وفي كلتا الحالتين لا تنفذ قرارات المجلس في كل دولة إلا وفقاً لأنظمتها الدستورية الخاصة بها. غير أن الميثاق يكتفي أحياناً بأغلبية الثلثين لإلزام جميع أعضائه كما في تعديل الميثاق أو تعيين الأمين العام ويكتفي في أحوال غيرها بالأغلبية العادية كما في المسائل الإجرائية (أمور الموظفين وإقرار الميزانية ووضع نظام داخلي للمجلس واللجان.
2- اللجان: قررت المادة الرابعة من الميثاق تأليف لجان خاصة للشؤون المبينة في المادة الثانية وهي الشؤون التي قامت الجامعة أساساً لتحقيق التعاون العربي فيها، وقد ازداد عدد هذه اللجان لتواكب الحاجات العربية في أن معظمها افتقد إلى الفاعلية حيناً ثم بعثت فيه الحياة من جديد وهكذا.
3- الأمانة العامة: تنص المادة /12/ من ميثاق الجامعة على أن يكون لها أمانة عامة دائمة تشكل الجهاز الإداري فيها. وتضم الأمانة العامة الأمين العام وعدداً كافياً من الأمناء المساعدين والمستشارين والموظفين الرئيسيين والثانويين.
يُعيَّن الأمين العام للجامعة بقرار يصدر عن مجلسها مدة خمس سنوات قابلة للتجديد، ويقوم الأمين العام بتعيين الأمناء المساعدين والموظفين الرئيسيين (مستشار أو سكرتير أول) بموافقة المجلس، وكذلك يعين الموظفين غير الرئيسيين (سكرتير ثاني وثالث) هذا إلى جانب الكتبة.
وتتولى الأمانة العامة السهر على تحضير أعمال مجلس الجامعة ولجانها وتنفيذ ما يصدر عنها من قرارات وتوصيات. ولا ينص الميثاق على إسناد دور أساسي للأمين العام لجامعة الدول العربية (خلافاً لوضع الأمين العام للأمم المتحدة[ر]) لكن المادة العشرين من النظام الداخلي لمجلس الجامعة (وعلى النهج المتبع في ميثاق الأمم المتحدة) فوَّضت إليه توجيه نظر المجلس أو الدول الأعضاء إلى أي مسألة يرى أنها قد تسيء للعلاقات القائمة بين الدول الأعضاء أو بينها وبين الدول الأخرى. ورغم أن الأمينين الأول والثاني كُلِّفا ببعض المهمات السياسية أحياناً إلا أن ذلك بقي في حدود ضيقة حتى جاء الأمين الثالث (محمود رياض) فبدأ يأخذ عدداً من المبادرات الإيجابية في تسوية النزاعات العربية الكثيرة. وتابع مسيرته ولكن بحذر، الأمناء اللاحقون.
الهيئات التي أنشأتها معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي (الهيئات الإضافية) في 17/6/1950 أبرمت معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي بين دول الجامعة العربية. وقد كان من شأن هذه المعاهدة إنشاء هيئات جديدة عاملة في نطاق الجامعة لكن يصعب القول أنها تدخل في التركيب الهرمي لهيئاتها الأصلية مع أنها تكمله وتسد ثغراته لذا درج الكتاب العرب دون مخالفة على دراستها على حدة.
آ - الأجهزة التي تتعلق بالأمن الجماعي العربي: أنشئت المعاهدة ثلاث هيئات عسكرية للسهر على تنفيذ بنودها المتعلقة بقمع العدوان الذي يمكن أن يقع على دولة عضو، وهذه الهيئات هي:
- اللجنة العسكرية الدائمة: وقد أضحت تعتبر إحدى اللجان الفنية في الجامعة استناداً إلى التفسير المتحرر للمادة الخامسة من المعاهدة.
- الهيئة الاستشارية العسكرية: وقد أنشئت هذه الهيئة بموجب بروتوكول إضافي ملحق بمعاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي، وتضم رؤساء حرب جيوش الدول المتعاقدة للإشراف على اللجنة العسكرية الدائمة ولتوجيهها في جميع اختصاصاتها، وترفع هذه الهيئة تقاريرها ومقترحاتها عن مهامها كافة إلى مجلس الدفاع المشترك. فالهيئة والحالة هذه مرحلة وسطى بين اللجنة العسكرية الدائمة (الأدنى) والمرجع الأعلى الذي هو مجلس الدفاع المشترك.
- مجلس الدفاع المشترك: وهو يتكون من وزراء الخارجية والدفاع الوطني في الدول المتعاقدة أو من ينوبون عنهم. ويختص المجلس بالإشراف على كيفية أداء الالتزامات المتعلقة بالدفاع المشترك وخاصة الإشراف على أعمال اللجنة العسكرية وهو الذي يملك سلطة إصدار قرارات ملزمة في ذلك. وما يقرره المجلس بأكثرية الثلثين يكون ملزماً لجميع الدول المتعاقدة، إلا أن أثر المجلس بقي على الورق أكثر منه في الواقع ولا أدل على ذلك أنه لم يجتمع مرة واحدة في عقدي الثمانيات والتسعينات رغم ما مر بالأمة العربية من أزمات ونزاعات وحروب كما أن القيادة العربية الموحدة التي أنشأها ظلت رمزية صورية لم يلمس أثرها.
ب - الأجهزة المتعلقة بالتعاون الاقتصادي والاجتماعي: وقررت المادة الثامنة من اتفاقية الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي إنشاء مجلس اقتصادي مكوّن من وزراء الدول المتعاقدة المختصة بالشؤون الاقتصادية أو من يمثلونهم عند الضرورة لكي يقترح على الحكومات (وليس على مجلس الجامعة) ما يراه كفيلاً بتحقيق الأهداف الاقتصادية.
ولهذا المجلس أن يستعين في أعماله بلجنة الشؤون الاقتصادية والمالية المشار إليها في المادة الرابعة من ميثاق جامعة الدول العربية، وفي عام 1959 وافق مجلس جامعة الدول العربية على بروتوكول بإسباغ كيان ذاتي على المجلس الاقتصادي. وفي عام 1976 وفي سياق إعادة النظر في العلاقة بين جامعة الدول العربية ووكالاتها المتخصصة لربط هذه الأخيرة بنظام الجامعة بطريقة فاعلة عدلت المادة 8 من اتفاقية الدفاع المشترك لتصير كما يأتي:
أ - «ينشأ في جامعة الدول العربية مجلس يسمى المجلس الاقتصادي والاجتماعي يضم وزراء الدول المختصين ووزراء الخارجية أو من ينوب عن هؤلاء تكون مهمته تحقيق أغراض الجامعة الاقتصادية والاجتماعية وما يتصل بها مما نص عليه في ميثاق الجامعة أو هذه الاتفاقية».
ب - «يتولى المجلس الاقتصادي والاجتماعي مهمة الموافقة على إنشاء أية منظمة عربية متخصصة، كما يشرف على حسن قيام المنظمات الحالية بمهامها المبينة في مواثيقها وذلك وفق الأحكام التي يقرها لذلك». وقد دخل التعديل حيز التنفيذ الفعلي، ووضع المجلس الاقتصادي والاجتماعي في ثوبه الجديد نظاماً داخلياً له من شأنه أن يمكنه الاجتماع في دورتين عاديتين والنهوض بما كان ينهض به من أعمال حين كان مجلساً اقتصادياً وحسب إضافة لما أنيط به من مهمات بموجب هيكلته الجديدة.
صار المجلس الاقتصادي والاجتماعي محوراً للنشاط العربي المنظم في المجالات الاقتصادية والاجتماعية بمفهومها الأوسع، ومنذ انعقاده أول مرة بدأ يستأثر بالبت النهائي في كل ما كان يختص به مجلس الجامعة في هذه المجالات. وقد ألغيت مع انعقاده الأول لجنة الشؤون الاقتصادية والمالية المنصوص عنها في المادة الرابعة من الميثاق. وهكذا يبدو ـ وخاصة بعد تعديل عام 1976ـ أن الدول العربية أرادت إحلال المجلس الاقتصادي والاجتماعي محل مجلس جامعة الدول العربية في الشؤون الاقتصادية والاجتماعية وما يتصل بها أو يتفرع عنها ليعالج الأمور المنوطة سابقاً بمجلس الجامعة في هذا المجال بنظرة أكثر شمولية وأكثر تحررية وجدية وخاصة في التنسيق بين أنشطة الجامعة وأنشطة منظماتها (وكالاتها المتخصصة). لكن الأمر يحتاج لإعادة هيكلة من الناحية الدستورية.
المنظمات العربية المتخصصة: Arab Functional Organization منذ مطلع الخمسينيات بدأت العلاقات العربية تشهد هيئات ومجالس واتحادات ومنظمات فنية تعمل ضمن الإطار العام لجامعة الدول العربية ولكن بصورة مستقلة أو شبه مستقلة عن الجامعة كمنظمة أم، متمتعة بشخصية معنوية وإدارة ذاتية خاصة وفق المعاهدة المنشئة لكل منها. والملاحظ أن جامعة الدول العربية ذاتها لم تكن بعيدة عن هذه المؤسسات القانونية الجديدة فهي إما أسهمت إيجابياً في إنشائها (مثل الاتحاد البريدي العربي)، أو شجعت على إقامتها (مثل المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم) أو أقرت بوجودها (مثل المنظمة العربية للتنمية الزراعية ).
وهكذا شهد الوطن العربي ظاهرة الوظيفية Functionalism التي تقوم عليها الوكالات المتخصصة كما هي معروفة في نظام الأمم المتحدة.
أما المجالس الوزارية ذات الأمانات المستقلة فلم يبق منها إلا مجلس وزراء الداخلية العرب ومقره تونس ويتبعه مركز الدراسات الأمنية والتدريب ومقره الرياض.
ظاهرة القمة العربية ومؤتمراتها
ثمة خطأ شائع مفاده أن مؤتمرات القمة العربية بدأت في عام 1964. والحقيقة أن القادة العرب المستقلين التقوا قبل هذا التاريخ بفترة طويلة مرتين قبل أن تصبح القمة العربية ظاهرة متكررة. (قمة أنشاص في مصر 28-29/5/1946، وقمة بيروت لبنان 13-14/11/ 1956). ثم تلاحقت مؤتمرات القمة العربيةحتى قُنِّن وضعها في هيكلة الجامعة مؤخراً.