الخامات المستدامة تحدث ثورة في تجهيزات السيارات
الشركات تتسابق لتغير فلسفة تصنيع الأجزاء الداخلية للمركبات من خلال الاعتماد على المواد الخام المعاد تدويرها.
وداعا للمواد المصنعة
تقود الاتجاهات الراهنة في عالم ابتكار السيارات نحو الوعي البيئي من خلال اللجوء إلى المواد الخام المتجددة والطبيعية والمعاد تدويرها، حيث تعمل الشركات باعتماد تقنيات التصنيع الحديثة على تجاوز بعض التحديات، التي تعترض طريقها لإنجاح هذه التجارب المتزايدة.
تغزو المواد المستدامة والمواد المعاد تدويرها عالم السيارات حاليا من أجل الحفاظ على البيئة ومواردها مثل البلوط والراتان وأوراق الأناناس وألياف طبيعية من نبات الأوكالبتوس.
وتتميز هذه المواد المستدامة عن مثيلاتها المصنعة بأنها متوفرة من الناحية النظرية بشكل لا محدود، بالإضافة إلى تمتعها بخصائص عزل وتصادم جيدة، وفي ظل ظروف معينة تكون قابلة للتحلل البيولوجي.
كما تمتاز هذه المواد بتوازن في إنتاج ثاني أكسيد الكربون، فضلا عن كونها أكثر سهولة من حيث إعادة التدوير وأفضل من حيث الملمس.
ويرى الرئيس التنفيذي لشركة دايملر الألمانية أولا كيلنيوس، أن الاقتصار على أنظمة الدفع الصديقة للبيئة لم يعد كافيا.
ونسبت وكالة الأنباء الألمانية إلى المسؤول قوله إنه “من أجل أن تملك السيارة والشركة المنتجة لها مستقبلهما لا بد من تقليل استخدام المواد المصنعة والطاقة وإعادة استخدام الأجزاء والاعتماد على المواد الخام المعاد تدويرها".
وأكد أن هذه هي الطريقة الوحيدة لضمان استدامة المنتج بأكمله وعملية إنتاجه، والحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
أولا كيلنيوس: لا بد من الاعتماد على المواد الطبيعية الخام المعاد تدويرها
ويفرض هذا المنحى على المصنّعين إعادة التفكير في ابتكار سيارات تستجيب لمعايير البيئة، وفي الوقت ذاته فتح آفاق جديدة لهذه الصناعة.
وعلى سبيل المثال، تشكل المواد المعاد تدويرها حوالي 20 في المئة من مكونات سيارة بي.أم.دبليو آي 3 الكهربائية و15 في المئة في الموديلات التقليدية، التي تنتجها.
وتتبنى الشركة المتخصصة في صناعة المركبات الفارهة فكرة إعادة التدوير وتتحدث كثيرا عن المواد المستدامة، التي وجدت طريقها إلى طرازاتها الفاخرة.
وبعد تجهيز الطرازين آي 3 وآي 8 بالفعل بتجهيزات داخلية مصنوعة من مواد مستدامة بشكل خاص، جاء الدور على سيارتها آي 3 حيث تم تصنيع الطاولة وحامل الحقائب في طراز يوربان سويت من البلوط المعالج بالزيت.
كما أن الجلود خالية من التلوث تماما بفضل دباغة الزيتون، في حين يأتي النسيج مصنوعا من مواد بي.إي.تي معاد تدويرها.
وبدورها قامت شركة لاندر روفر البريطانية بتجهيز أيقونتها رينج روفر إيفوك بكسوة مقاعد مصنوعة من ألياف نبات الأوكالبتوس.
وبحسب نوع التجهيزات، فإن ما يصل إلى 80 في المئة من جميع الأسطح، التي تقع في مجال رؤية قائد السيارة، تتشكل من المواد الخام المتجددة أو المواد الخام المستدامة، منها الجلجل (القناف) أو الكينا الأوروبي أو الصوف بدلا من القطن.
ويشير رئيس قسم التصميم المتقدم لدى شركة مرسيدس الألمانية ستيفن كول، إلى أن الاعتماد على المواد المستدامة أصبح في تزايد مستمر.
ومن الأمثلة على ذلك سيارة مرسيدس إيفترا الاختبارية، التي تعد بمثابة وسيلة للدعاية من أجل الحفاظ على الطبيعة مع العديد من الحليات المصنوعة من الراتان.
وتعتمد مرسيدس في الكسوة الداخلية للأبواب على ألياف الخشب والكتان والصمغ، كما أن إطار السقف المتحرك يتكون من حصيرة الألياف الطبيعية.
مرسيدس تعتمد على ألياف الخشب والكتان والصمغ
وأعلنت شركة سكودا التشيكية كذلك عن إدخال مواد بديلة في سيارتها إي.أن الاختبارية، التي تمتاز بكسوة نباتية في أرضية السيارة وسقفها.
وتم صنع وحدات الكونسول وأغطية المقاعد من الجلد، الذي تمت معالجته بمستخلصات السنديان أو الراوند بدلا من المواد الكيميائية. كما أن دواسات الأقدام مصنوعة من أوراق الأناناس.
وتعتمد فولكسفاغن هي الأخرى في خطوط الإنتاج القياسي على مواد خام متجددة، منها الكتان والقنب الهندي والجلجل والورق والسليلوز والقطن والخشب.
وتدخل هذه الخامات في صناعة كسوة الأبواب أو أرضية التحميل أو طبقات الأرضية. وفي الجيل الحالي من أيقونتها غولف يوجد أكثر من 100 مكون من المواد الخام المتجددة.
وينطوي استخدام هذه الخامات على بعض المشكلات، مثل مشكلة الرائحة المنبعثة منها والتي يمكن التغلب عليها من خلال عمليات تصنيع مناسبة، فضلا عن أن هذه المواد لا تتوفر للإنتاج بشكل دائم.
وتستخدم أودي في بعض موديلاتها ما يصل إلى 5 في المئة من المواد الخام الطبيعية، منها الجلد والقطن والخشب والألياف الخشبية، وذلك في الكسوات.
وتتم معالجة هذه الخامات من أجل ضمان مقاومتها للتآكل الميكانيكي والرطوبة والحرارة والأشعة فوق البنفسجية والمواد الكيميائية.