اليهودي التائه
شخصية خيالية عن رجل يهودي حكم عليه بالتجوال للأبد في الأرض عقابا له على ضربه للسيد المسيح
وفي أشهر قصة عنه كان اليهودي التائه إسكافيا يدعى أحشويرش رأى المسيح يرتاح وهو يحمل صليبه إلى المكان الذي صلب فيه في جبل الجلجلة، فضربه وأخبره بقسوة بأن يسرع بالذهاب إلى موته فرد عليه بأنه سيقف ويرتاح أما اليهودي سيبقى حتى يرجع المسيح، فظل اليهودي يهيم في الأرض منذ ذلك الحين بعد أن تاب و أصبح يتوق للموت .
أصل الحكاية يعود للقرن الثالث عشر و بإيمان المسيحيين أن اليهود ضلوا الطريق وأنهم تشتتوا في الأرض عقابا لهم على قتلهم للمسيح، ويظهر تأثير هذه القصة واضحا على قصة أخرى هي الهولندي الطائر.
يجب القول أيضا أن هذه القصة مرتبطة بأحداث ذكرت في القرآن الكريم، عندما طلب موسى من بني إسرائيل بأن يفتحوا معه بيت المقدس ويحرروه.. لكنهم أجابوه بالرفض التام، بل وقالوا له : اذهب انت وربك - أو - أفتحها أنت وربك. فحكم عليهم الله جل جلاله بأن يتيهوا في الأرض أربعين سنة.
أول ذكر للقصة كان بقلم مؤرخ إنجليزي يدعى روجر أوف واندوفر في كتاب يدعى زهور التاريخ (باللاتينية: Flores historiarum) في سنة 1228 عن كبير أساقفة أرمني زار إنجلترا وسأله رهبان سانت ألبانز حول يوسف الرامي الذي يقال أنه تكلم مع السيد المسيح ويقال أنه ما زال حيا، فحكى كبير الأساقفة أنه رأى رجلا كان يعمل بوابا لدى بيلاطس البنطي يدعى كارتافيلوس ضرب المسيح يوم صلبه وتم تعميده لاحقا باسم يوسف وعاش صالحا وتمنى أن يغفر له في النهاية.
ذكر ماثيوس الباريسي، في تكرار لمقطع وندوفر، بأن أرمنا آخرين أكدوا القصة عند زيارتهم لسانت ألبانز في عام 1252، واعتبرها برهانا عظيما على الدين المسيحي. كما ذكرت حكاية مماثلة في سجلات فيليب موسك (مات 1243). وهناك حكاية مشابهة لنفس القصة ذكرها غويدو بوناتي هو فلكي اقتبس منه دانتي، ويدعو بطل الحكاية بضارب الرب (باللاتينية: Butta Deus) (بالإيطالية: Giovanni Buttades) لأنه ضرب السيد المسيح. يقال بأنه ظهر بهذا الاسم في مودجيلو عام 1413 وفي بولونيا عام 1415 (في زي راهب فرانسيسكاني من النظام الثالث).
أعيد إحياء القصة عام 1602 م في كتيب ألماني ذكر فيه وصف ورواية قصيرة عن يهودي يدعى أحشويرش ويحكي أنه عام 1542 م التقى بولوس فون إتزن (وهو أسقف لوثري على شليزفيغ مات عام 1598 م) بيهودي عجوز ادعى أنه ضرب للمسيح يوم صلبه، وهذا الاعتقاد على الأغلب أتى من فكرة ظهرت أن المسيح الدجال سيأتي عام 1600 م وسيسانده اليهود. ترجم هذا الكتيب وبيع بسرعة في أوروبا البروتستانتية، ويظن أن كاتبه هو خريسوستوموس من وستفاليا وطبعه كريستوف كروتزر، ولكن لا يعرف أي كاتب أو ناشر بهذا الاسم في تلك الفترة. ويظن أن القصة بكاملها خرافة اختلقت لدعم الرأي البروتستانتي حول الشهادة المستمرة عن حقيقة الكتاب المقدس في شخص اليهودي الذي لا يموت كمواجهة للتقاليد البابوية للكنيسة الكاثوليكية
هناك أسطورة كانت مستندة على إنجيل يوجنا 21:20[بحاجة لمصدر] بأن التابع المحبوب من أتباع المسيح لن يموت قبل المجيء الثانيِ للمسيح؛ بينما أسطورة أخرى (تيار من القرن السادس عشرِ) أدانت مالخوس، الذي قطع بيتر أذنه في حديقة غيثسيماني (يوجنا 17:10)[بحاجة لمصدر]، بأنه سيتجول للأبد حتى المجيء الثاني. تزعم الأسطورة بأنه كان مدانا لسخريته من السيد المسيح. أدخلت هذه الأساطيرِ وجملة متى 16:28 مع أسطورة يوسف الرامي والكأس المقدسة، وأخذت الشكل الذي قدمه كل من روجر من ويندوفر وماثيو الباريسي. لكن لا شيء يظهر انتشار هذه القصة بين الناس قبل كتيب عام 1602، ومن الصعب أن نرى كيف أن كارتافيلوس هذا ساهم في انتشار أسطورةِ اليهودي التائه، حيث لم يكن يهوديا ولا متجولا. كان مؤلف هذا الكتيب على اطلاع مباشر أو غير مباشر بالقصة كما تعامل معها ماثيو الباريسي، حيث أنه يعطي تقريبا نفس السجل. لكنه يعطي بطله اسما جديدا ويربط بين مصيره مباشرة مع جملة إنجيل متى 16:28.
لقيت القصة قبولا وشعبية كبيرين، وظهرت ثمان إصدارات لهذا الكتيب وظهر الإصدار الرابع عشر قبل نهاية القرن، وترجم إلى الهولندية والفلمنكية بنجاح مساوي، وأصبحت مشهورة في إنكلترا قبل العام 1625، وكذلك ظهرت نسخ ساخرة في السويد والدنمارك، بينما ظهر في التشيك عندهم تعبير اليهودي الخالد، أي أنها ظهرت في كل الأماكن لتي كان يوجد بها بروتستانت، بينما في جنوب أوروبا لا تظهر هذه الحكاية كثيرا، لكن رودولف بوتوريوس وهو أحد وكلاء البرلمان في باريس، فقد تكلم باستخفاف عن الإيمان الشعبي بقصة اليهودي التائه في ألمانيا وإسبانيا وإيطاليا.