كَأَنَّني بِالدِيارِ قَد خَرِبَت
وَبِالدُموعِ الغِزارِ قَد سُكِبَت
فَضَحتِ لا بَل جَرَحتِ وَاِجتَحتِ يا
دُنيا رِجالاً عَلَيكِ قَد كَلِبَت
المَوتُ حَقٌّ وَالدارُ فانِيَةٌ
وَكُلُّ نَفسٍ تُجزى بِما كَسَبَت
يا لَكَ مِن جيفَةٍ مُعَفَّنَةٍ
أَيُّ اِمتِناعٍ لَها إِذا طُلِبَت
ظَلَّت عَلَيها الغُواةُ عاكِفَةً
وَما تُبالي الغُواةُ ما رَكِبَت
هِيَ الَّتي لَم تَزَل مُنَغَّصَةً
لا دَرَّ دَرُّ الدُنيا إِذا اِحتُلِبَت
وَالناسُ في غَفلَةٍ وَقَد حَلَّتِ الـ
ـآجالُ في وَقتِها وَقَد قَرُبَت
ما كُلُّ ذي حاجَةٍ بِمُدرِكِها
كَم مِن يَدٍ لا تَنالُ ما طَلَبَت
في اناسِ مَن تَسهُلُ المَطالِبُ أَحـ
ـياناً عَلَيهِ وَرُبَّما صَعُبَت
وَشِرَّةُ النَفسِ رُبَّما جَمَحَت
وَشَهوَةُ النَفسِ رُبَّما غَلَبَت
مَن لَم يَسَعهُ الكَفافُ مُقتَنِعاً
ضاقَت عَلَيهِ الدُنيا بِما رَحُبَت
وَبَينَما المَرءُ تَستَقيمُ لَهُ الـ
ـدُنيا عَلى ما اِشتَهى إِذِ اِنقَلَبَت
ما كَذَّبَتني عَينٌ رَأَيتُ بِها الـ
ـأَمواتَ وَالعَينُ رُبَّما كَذَبَت
وَأَيُّ عَيشٍ وَالعَيشُ مُنقَطِعٌ
وَأَيُّ طَعمٍ لِلَذَّةٍ ذَهَبَت
وَيحَ عُقولِ المُستَعصِمينَ بِدا
رِ الذُلِّ في أَيِّ مَنشَبٍ نَشِبَت
مَن يَبرِمُ الإِنتِقاضَ مِنها وَمَن
يُخمِدُ نيرانَها إِذا اِلتَهَبَت
وَمَن يُعَزّيهِ مِن مَصائِبِها
وَمَن يُقيلُ الدُنيا إِذا نَكَبَت
يا رُبَّ عَينٍ لِلشَرِّ جالِبَةٍ
فَتِلكَ عَينٌ تَشقى بِما جَلَبَت
ابو العتاهيه ..