أيها الناس العابرون
خذوا نعش الشهيد
وجثته الهامدة
خبؤوها في كفن أبيض
رائحته تذوي الأرواح الباردة
سيروا في جنازته
صامتين وضاحكين
احفروا له قبرا وحيدا
في تلة الهضبة
بعيدا عن القبور الأخرى
بعيدا عن الدياميس المعتمة
بعيدا عن الزحام الكثيف
في المقبرة
ضعوه بعيدا بمائة متر
وسبع سنتمترات معدودة
اسكبوا فوقه الماء البارد
لتنبث حياة الموت الجديدة بداخله
ضعوا فوقه الثرى بني اللون
شيدوا بيته الحذيث النشوء
هكذا
كما أراد الشهيد
ادعوا له بالرحمة والمغفرة
اتركوه وحيدا
اتركوه منعزلا
اتركوه كما أراد
واتركوه منسيا بين الأموات
واتركوه ودعوه وحده
أمام مصرعه الذي ينتظره
بينه وبين خالقه
ارحلوا بعيدا عنه
وعن ذكراه
فهو قد مات من قبل
جزء فجزء حتى انهزم
ومات ميتته الأخيرة
فكانت هي المنية الحاسمة
التي ضربته كالصاعقة
أيتها الأرواح العابرة
الراضي الخياطي