س : لماذا لا نرجع للمرجع المقلد بأصول الدين ويجوز لنا الرجوع إلى المرجع بفروع الدين؟
يقول السيد المرتضى في رسائله (ج 2 / ص321) :
ولا يجوز أن يكون في الأصول مقلداً، لأن التقليد في الفروع إنما جاز من حيث أمن هذا المقلد من كون ذلك قبيحا ً - يعني الاستفتاء - وإنما يأمن منه لمعرفته بالأصول, وإنها سوغت له الاستفتاء، فقطع على صحة ذلك، لتقدم علمه بالأصول الدالة عليه.
والأصول لا يمكن التقليد فيها على وجه يقطع على صحته ويؤمن من القبيح فيه، لأنه ليس وراء ها ما يستدل إلى ذلك كما قلنا في الفروع، فلابد أن يكون عالماًً بصحة الأصول أما على الجملة أو على التفصيل.
ويقول السيد الخوئي في كتاب الاجتهاد والتقليد ص 411 :
قد عرفت أن التقليد هو الاستناد إلى فتوى الغير في مقام العمل، والوجه في وجوبه - على ما قدمناه - استقلال العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل بمعنى العقاب، ولا يتأتى هذا فيما اعتبر فيه اليقين والاعتقاد كما في الأصول كالتوحيد والنبوة والمعاد، لوضوح أنه لا عمل في تلك الأمور حتى يستند فيها إلى قول الغير أو لا يستند، فإن المطلوب فيها هو اليقين والاعتقاد ونحوهما مما لا يمكن أن يحصل بالتقليد فلا معنى له في مثلها, بل لو عقد القلب - في تلك الأمور - على ما يقوله الغير لم يكتف به بوجه.
إذ المعتبر في الأصول إنما هو اليقين والعرفان والاعتقاد، وشيء من ذلك لا يتحقق بعقد القلب على ما يقوله الغير, بل هذا هو القدر المتيقن مما دل على ذم التقليد واتباع قول الغير في الأصول لقوله - عز من قائل - : إنا وجدنا آباء نا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون.
نعم، هناك كلام آخر في أنه إذا حصل له اليقين من قول الغير، هل يكتفي به في الأصول، أو يعتبر أن يكون اليقين فيها مستندا ًإلى الدليل والبرهان؟.. إلا أنه أمر آخر أجنبي عما نحن بصدده وإن كان الصحيح جواز الاكتفاء به, إذ المطلوب في الاعتقاديات هو العلم واليقين بلا فرق في ذلك بين أسبابهما وطرقهما, بل حصول اليقين في قول الغير يرجع في الحقيقة إلى اليقين بالبرهان، لأنه يتشكل عند المكلف حينئذ ٍ صغرى وكبرى، فيقول : هذا ما أخبر به أو اعتقده جماعة, وما أخبر به جماعة فهو حق، ونتيجتهما أن ذلك الأمر حق، فيحصل فيه اليقين بإخبارهم.