افتتح معرض للفنانين بالعراق . وكان يتصف بالتناقض .؟
كان المعرض يقول .
لاننا خرجنا على قيد الحياة من تحت حكم جائر ولم يسمح الظرف في ذاك الزمان للابداع الا بفن الالتحاق بالجيش اوالسجن اوالاعدام . واليوم نعوض ونحن نعوم بالحرية من خلال حكم الديمقراطية . فندعو كل من لديه موهبة بالمشاركة .
هذا الجوهر لمعنى المعرض.؟
ــــــــــــــــ
شاكر بعمر الربيع في ذاك الزمان الجائر وكان دائما هوالاول على اقرانة بالمدرسة بكل شيء حتى بالطفر العريض .
ولما اشتد عودة وانتقل للمتوسطة حام عليهَ اصابع السلطان وصاروا يضايقونه اما الانتماء الى صفهم اوالفصل من المدرسة .
شاكر .بطبيعته لايلتزم بأوامر تافهه وحكايات سخيفة يعمّر من ورائها طول حكم السلطان لانه مبدع بالتكوين فيفسّر طرهات ازلام السلطان تؤول الى ذلك .
ثم استشار عقله ووصل الى نتيجة .وهي ترك المدرسة والتوجه الى اعماق الريف هروباً من حكم السلطان الفاسد وازلامه المنافقين .
وطبيعي من يهرب من تلك الطغمة فيفترض عليهِ أن لايستقر بمكان واحد ويكون عيشه متنقلا هنا وهناك .
ومن هذة التنقلات الثقيلة والمتعسفة .مرة عند اعمامه واخرى لحاله اما بالصحراء اوفي قعر غابات النخيل اوعلى سطح الماء (الاهوار) ولانه مبدع ولم يتسنى له ان يجتهد بشيء مثل الرسم اوالموسيقى فتفنن بشيء وهو صنع الكباب وصنع الخبز .
مرت السنين تجاوزت العقد كبر شاكر وانطفت شعلة الابداع وماتبقى عنده شيء سوى صنع الخبز والكباب .
ـــــــــــــــــ
زال حكم السلطان وانتهى مقامه داخل الحفر وفر ازلامه وانتشروا على بقاع ارض الله .
ثم اعلنت السياسة بحكومة جديدة تتوسم بالديمقراطية هذا مايلقبونها .
بالنسبة الى شاكر واشباه شاكر انها حكومة اكثر من ديمقراطية برغم ان اكثر رجالها فيهم لوثة قديمة من حكم ذاك السلطان الجائر النائم داخل حفر الافاعي والجرذان .
ولانهم سئموا من التخفي واقلعوا عن عادة الخوف والقلق وهذا المهم .
وفي هذة الحكومة الجديدة .
سمح الزمان للمبدعين ان يعلنوا ابداعهم للملأ وبدون مراقبة من السلطان .
ثم اشترك في هذا المهرجان كثير من الشباب .منهم من رسم لوحة ومنهم جاء مع الة موسيقى طبلة اوعود اوأخوات العود.
وكل من عنده شيء مبدع بهِ اشترك .؟
شاكر سمع بهذا العرض الابداعي للشباب .
ولما سمع وتأكد وعرف كنى المهرجان .راح يجذب الحسرات الوحدة تلو الاخرى .تيارات حارقة من الحسرات ثم فكر بأي شيء يشترك .
ولان خاصية الابداع القديمة والتي فات أوانها تحركت بهِ .شعلت النار بداخله .
انه رجل منذ الصغر امتهن التخفي والخوف وصار مبدع بالحذر فقط .
ثم استقر رأيه .وفكر ان يشترك مع الشباب بما تعلم من ماضيهِ المؤساوي الحزين .
ولم يعرف سوى العجن والخبز وشوي الكباب . وهذين الشغلتين ليس بالسهلات .ايضا يمرّن بمراحل .فالخبز يبدأ من عجنة والعجنة من الماء والطحين كذلك المسافة المقررة مابين العجنة وخروج الخبزة من التنور .ثم الكباب .هذا الذي نشاهد دخانه على طول الشوارع ليس بالسهل ولايجيده كل فرد فمراحلة عجيبة وطريقته دقيقة ولايفعلها كل من قال هذا انا .؟
ـــــــــــــــــــــ
أبتدأ المعرض .علقة الصور على الجدار وجلس الطبالين والموسيقين في اماكنهم ثم دخل شاكر يحمل صور بيده كبيرة احدهما للخبز والصورة الاخرى للكباب .
ثم قدمت اللجنة التي تقيّم وتعطي الجوائز للافضل .فداروا حول القاعة يتطلعوا باللوحات ويسمعوا من الموسيقين شيئا ومن الطبّالين دفّاً ثم وصل الدور الى شاكر .ولم يروا سوى صور للخبز والكباب .
وقالوا له ماهذا فقال لهم ابداعي في ساحة البناية من الخارج ينتظركم .تكلموا مابينهم وشكروه وانصرفوا وكأنه نكرة بينهم ولكن الجميل بالقضية بالنسبة الى شاكر .انهم شكروه لحضوره ولم يطردوه لابأئس بالنسبة الى شاكر .
وبعدها .اعلنت اللجنة ورئيسها بأعطاء الجوائز للرابحين للاول والثاني وبالتدريج .ولكن لم يذكر شاكر بأي شيء .
ربحة الجائزة الاولى .الى واحد راسم ارض متشققه تشكو الجفاف
فقال شاكر بنفسه مناعيل الوالدين لانها تشبههم .
عندهم نهرين ويستوردوا ماء من بلد الجوار الصحراوية
والثاني راسم حصان يأكل
والثالث راسم راقصة وبيدها تفاحة .
والرابع يطبل على آلة الغجر بخفّه
وهكذا راحت الجوائز ثم صفق الجميع وانتهت الحفلة اوانتهى العرض .
سكّروا الباب وخرجوا الى الساحة .
شمّوا رائحة الكباب ورائحة خبز التنور الحار . تاهت افكارهم وضعفت نفوسهم من جراء هذة الروائح الزكية .
ثم تاقة نفوسهم الى التذوق من هذة الاشياء السحرية .
نادى عليهم شاكر ثم جعلهم كدائرة واعطاهم كل واحد شيء من ماصنع .
اكلوا ونسوا ابداعاتهم تلك المعلقة على الجدران .ثم قدموا اعجابهم بهذا الصنيع بهذا الابداع الحقيقي .
لايهم شاكر اي شيء وانه سعيد بذلك الا ان اللجنة ورئيسها هم المنافقون الغابنون للفرد .
فقبل ادبارهم .ذهابهم الى بيوتهم .
مال رئيس اللجنة على شاكر وهمس برجاء منه بأن يعطيه زيادة من اجل ان يجعل امرأته وعياله يتذوقوا هذا الصنيع العجيب من الخبز والكباب .
ثم اخذ رئيس اللجنة واعضائه الموظفين .
كل واحد كيس محمل بالخبز والكباب الى عيالهم وقفلوا الباب على اللوحات التي منتظرين (الزواج )يشترونها وغاروا كلٌّ الى بيته .
بقلمي
3-26-2020