عبد الغني آل جميل وهو مفتي بغداد ومن علمائها المعروفين تقلد مناصب دينية وسياسية وكان له الوجاهة والزعامة في الأوساط العراقية، وأصل نسبه من سوريا ثم سكنت عائلته منطقة حديثة في العراق، وبعدها سكنت في بغداد، وكان عالماً متضلعاً وشاعراً وكاتباً وفقيهاً ومحدثاً، ولد في بغداد في 20 ذو القعدة عام 1194هـ، الموافق عام 1780م، وله دور بارز في تاريخ العراق حيث قام بثورة ضد الوالي العثماني في بغداد عام 1832م، ومن الأسباب الأساسية لهذه الثورة هي مطالبة المفتي لرجال الحكومة بالكف عن الأعمال الوحشية والاساءة للناس ولكن الولاة لم يستجيبوا لندائه، وسميت ثورته بحركة المفتي عبد الغني آل جميل وكانت أول حركة ثورية ضد الظلم والفساد في تلك الفترة ضد الحكم العثماني، ومهدت ثورته لكثير من الثورات من بعده كثورة العشرين فيما بعد. وان السبب المباشر في إعلانه الحركة هو أن إحدى نساء المماليك وهي أرملة رضوان آغا وكانت سيدة من أسرة نقيب مندلي قد التجأت إلى المفتي عبد الغني تحتمي عنده من مطاردة رجال الوالي علي رضا، وأودعت لديه طفلها البالغ من العمر ستة سنوات، غير أن هؤلاء لم يحترموا حماية المفتي لها، وكانت هذه الحادثة من جملة أسباب عميقة وراء هذه الحركة منها أحساس الناس بالتعسف والجور الذي كان يمارسه رجال الوالي علي رضا، وبدأت هذه الحركة في 27 ذو الحجة 1247هـ / 29 حزيران 1832م، في حي الشيخ عبد القادر الكيلاني والذي كان هذا الحي من أكثر الأحياء تحسساً، وأنضم الناس إلى جانب المفتي الذي ترأس بشخصه مئات الرجال المدججين بالسلاح وكان نزول المفتي إلى الشارع يعد أولى خطوات المقاومة المنظمة لأهل بغداد ضد العثمانيين، وكان المفتي يتولى الإفتاء للمذهب الحنفي عندما قاد هذه الحركة، وأراد أهالي بغداد أن يغيروا بأيديهم من الولاة العثمانيين وان يكون لهم رأي في الوالي الذي يتولى أمرهم. وهذه الحركة السياسية لها اثرها الكبير في مستقبل العراق، حيث أعطت درسا بالغاً للولاة فيما بعد في حكم العراق.
ومن أسرته الكثير من العلماء والفضلاء، وكان له مجلساً للوعظ والأرشاد في (مسجد آل جميل) في محلة قنبر علي في بغداد. وأقام مجلسهِ من بعدهِ أولاده وأحفاده وظل مجلس آل جميل علماً من أعلام بغداد ومشهداً من مشاهدها الدينية والثقافية وحضره وداوم على دروسه الكثير من علماء بغداد ومنهم العلامة محمود شكري الآلوسي.
وكان المفتي يجيد الخط وأخذ إجازة الخط من الخطاط سفيان الوهبي، ومن آثارهِ الخطية بعض المخطوطات في مكتبة الشيخ كمال الدين الطائي.
من قصائده
وكان المفتي عبد الغني شاعراً وأديباً وقد كتب الشاعر عبد الغفار الأخرس الكثير من قصائدهِ الشعرية وحفظ الكثير من خماسياتهِ، ومجموعاتهِ الأدبية واللغوية التي رد فيها على جور الحكام وظلم الولاة للرعية، ونقتطف من قصائدهِ هذه الأبيات:
لقد طفت في شرق البلاد وغربها وقاسيت في أسفارها كل شدة
فلم أر إلا غادرا أثر غادر ولم أر إلا خائنا للمودة
وفاته
توفي المفتي عبد الغني آل جميل في 9 ذو الحجة 1279هـ/ 26 مايو 1863م.
منقول