أنا السببْ في كل ما جرى لكم يا أيها العربْ
احمد مطر
***
سلبتُكم أنهارَكم
والتينَ والزيتونَ والعنبْ
أنا الذي اغتصبتُ أرضَكم
وعِرضَكم ، وكلَّ غالٍ عندكم
أنا الذي طردتُكم
من هضْبة الجولان والجليلِ والنقبْ
والقدسُ ، في ضياعها ، كنتُ أنا السببْ
نعم أنا .. أنا السببْ
أنا الذي لمَّا أتيتُ : المسجدُ الأقصى ذهبْ
أنا الذي أمرتُ جيشي ، في الحروب كلها
بالانسحاب فانسحبْ
أنا الذي هزمتُكم
أنا الذي شردتُكم
وبعتكم في السوق مثل عيدان القصبْ
أنا الذي كنتُ أقول للذي
يفتح منكم فمَهُ :
" شَتْ ابْ " !
***
نعم أنا .. أنا السببْ
في كل ما جرى لكم يا أيها العربْ
وكلُّ من قال لكم ، غير الذي أقولهُ ،
فقد كَذَبْ
فمن لأرضكم سلبْ ؟!
ومن لمالكم نَهبْ ؟!
ومن سوايَ مثلما اغتصبتكم قد اغتَصبْ ؟!
أقولها صريحةً ،
بكل ما أوتيتُ من وقاحةٍ وجرأةٍ ،
وقلةٍ في الذوق والأدبْ
أنا الذي أخذتُ منكم كل ما هبَّ ودبْ
ولا أخاف أحداً ، ألستُ رغم أنفكم
أنا الزعيمُ المنتخَبْ!؟
لم ينتخبني أحدٌ لكنني
إذا طلبتُ منكمو
في ذات يوم ، طلباً
هل يستطيعٌ واحدٌ
أن يرفض الطلبْ ؟!
أشنقهُ ، أقتلهُ ،
أجعلهُ يغوص في دمائه حتى الرُّكبْ
فلتقبلوني ، هكذا كما أنا ، أو فاشربوا " بحر العربْ "
ما دام لم يعجبْكم العجبْ
مني ، ولا الصيامُ في رجبْ
ولتغضبوا ، إذا استطعتم ، بعدما
قتلتُ في نفوسكم روحَ التحدي والغضبْ
وبعدما شجَّعتكم على الفسوق والمجون والطربْ
وبعدما أقنعتكم أن المظاهراتِ فوضى ، ليس إلا ،
وشَغَبْ
وبعدما علَّمتكم أن السكوتَ من ذهبْ
وبعدما حوَّلتُكم إلى جليدٍ وحديدٍ وخشبْ
وبعدما أرهقتُكم
وبعدما أتعبتُكم
حتى قضى عليكمُ الإرهاقُ والتعبْ
***
يا من غدوتم في يديَّ كالدُّمى وكاللعبْ
نعم أنا .. أنا السببْ
في كل ما جرى لكم
فلتشتموني في الفضائياتِ ، إن أردتم ،
والخطبْ
وادعوا عليَّ في صلاتكم وردِّدوا :
" تبت يداهُ مثلما تبت يدا أبي لهبْ "
قولوا بأني خائنٌ لكم ، وكلبٌ وابن كلبْ
ماذا يضيرني أنا ؟!
ما دام كل واحدٍ في بيتهِ ،
يريد أن يسقطني بصوتهِ ،
وبالضجيج والصَخبْ .؟!
أنا هنا ، ما زلتُ أحمل الألقاب كلها
وأحملُ الرتبْ
أُطِلُّ ، كالثعبان ، من جحري عليكم فإذا
ما غاب رأسي لحظةً ، ظلَّ الذَنَبْ !
فلتشعلوا النيران حولي واملأوها بالحطبْ
إذا أردتم أن أولِّيَ الفرارَ والهربْ
وحينها ستعرفون ، ربما ،
مَن الذي ـ في كل ما جرى لكم
كان السببْ .!؟