.
شمبانيا
…
(1)
ثقبٌ في الباب
نفسُ التلفار القديم
نفسُ الفيلمِ ونفسُ الممثلِ
ورجلٌ يضحكُ كمَنْ مَلَكَ الكونَ
أخبطُ رأسي في الحائط يأتيني الصوتُ:
“لا تجزع يا حبيبي؛ هذا حائط
ما أجملَ هذا الحائط
وهذا بحرٌ؛ ما أحلى ماءَ البحرِ
وهذا رأسٌ لا يخشى الحائط؛
سبق له أن شرب البحر”.
(2)
.. وحين مررتُ أمام دكانكِ لمحتُ الوردةَ
نفسُ الوردةِ أراها منذ سنواتٍ
كأنها تطلعُ كلَّ يوم؛
البُرعمُ في حُمرة الخدِّ
الندى معلَّقٌ في انثناءةِ التوِّيجِ
الوريقاتُ تتنفَّسُ الشمس
نفسُ الرائحةِ؛ رائحةُ كلِّ يوم.
أقولُ “صباح الخير”
تتقدَّمُ خطوتين؛ وبشفتيك ترشُّ الهمس:
“صباح الصباح”.
تنظرُني حتى أتوارى
أنا أيضًا أنظرُكَ مِنْ “تحت لتحت”
ألمحُ وجهكَ وأنا أستديرُ مع الملف؛
نفسُ الابتسامةِ.. ابتسامةُ كلِّ يوم.
(3)
.. وتضع يدك في جيبك كمَنْ يتحسَّسُ ذاكرةً
تُخرجُ صور اليوم وتفردُها فوق “البنك”*؛
هذي لمحب أضناه الشوق
وهذي لمعوزٍ عاشَ على الحمد
وهذي لعجوز تَشبثتْ بسُلَّمِ الباصِ،
وإذ صعدتْ جلستْ تحكي قصة ركوبها كمَنْ عبَر قناة السويس
وحطَّمَ خط بارليف!
(4)
هل هذا هو ما لديك؟
“حكاوي القهاوي”، وهَذَيانُ المُشردينَ،
وتوابعُ “شمبانيا الشوارع”*؟
تفشخُ فاكَ مزهوًّا بنضال باعةِ المناديلِ؛
“حمادة يلعب ودينا تلعب وبابا يدفع”!
(بحكمتك تختالُ علينا)*
تُباهي بشقةِ الحي القديم؛
الجدرانُ الشائخةُ ونوادرُ السُلَّمَةِ المكسورةِ
وذكرياتُ الراديو!
مثلُكَ الآن يملكُ سيارةَ دفعٍ رُباعيٍّ،
ويسكنُ فيللا في “الرحاب”
أو على الأقل شقةً “دوبليكس في كومباوند”.
تضحك..
يجرحُكَ الشرُّ ومثل الأطفال تعالجُ جرحك؛
“الدمع سلام”
“يا برودك يا آخي”؛
تتبخترُ بالشاي،
وتُبهجُك نتانةُ الترمس على كورنيش القاهرةِ
ثُمَّ تُغرِّدُ في الحارة ممنونًا: “يا حلو صبَّحْ يا حلو طُلْ”!
أهكذا هي السعادة ؟!
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
مكتب في مدخل الحوانيت القديمة ومحلات الزهور ودكاكين البفالة والمقاهي، ويستخدم سطحه لأغراض تغليف السلع وتحصيل النقود.
شمبانيا الشوارع: تعبير عن الريم المتصاعد من فوهات بلاعات الصرف الصحي في شوارع وحارات “القاهرة الكبرى”.
(بحكمتك تحتالُ علينا وأنت الكلب الكبير) هكذا وردت على لسان بائعة الزهور الفقيرة “صدفة بعضشي” التي جسدت دورها الفنانة شويكار المهندس في مسرحية (سيدتي الجميلة)
منقوول