عندما يصاب الشخص بإصابة شديدة في الدماغ تجعله غير قادر على التواصل يجب اتخاذ قرارات بشأن علاجه، في بعض الحالات يمكن أن تعني هذه القرارات الحياة أو الموت، ولكن قد تكون الأبحاث الجديدة المرتبطة بالتكنولوجيا قد وجدت طريقة جديدة للتواصل مع المرضى الذين ربما كانوا غير قادرين على التواصل.
طلب الباحثون من المتطوعين الذين لديهم وظائف طبيعية في الدماغ أن يتخيلوا ممارسة لعبة التنس، حيث تنشّط هذه اللعبة منطقة معينة في الدماغ تُستخدم لتخطيط الحركات المعقدة، وتمكن الباحثون من رؤية نشاط الدماغ باستخدام التحليل الطيفي القريب من الأشعة تحت الحمراء (fNIRS)، وذلك عن طريق سماعة رأس يتم وضعها على رأس المريض تستخدم أشعة الضوء للكشف عن مناطق الدماغ النشطة.
طلب الباحثون من المتطوعين أن يتخيلوا لعب التنس للإجابة بنعم أو لا على الأسئلة، فإذا رأى الباحثون نشاطًا في المنطقة الحركية التكميلية للدماغ، فسيعرفون أن الشخص كان يجيب بنعم، ومن المحتمل أن يمنح هذا الأمر المرضى الذين يعانون من تلف شديد في الدماغ القدرة على التواصل مع الأطباء وأفراد الأسرة، ويمكن أن يغير كيفية اتخاذ قرارات العلاج.
على سبيل المثال، إذا لم تتمكن العائلات من التواصل مع أحبائها، فقد تشعر بالضغط لاتخاذ قرارات العلاج بسرعة لتجنب تركهم في حالة إعاقة شديدة، وأظهرت الأبحاث أن 50٪ من العائلات التي تنسحب من العلاج تفعل ذلك في غضون 72 ساعة الأولى من دخول المريض إلى المستشفى، وهذا يعني أن بعض المرضى الذين كان بإمكانهم التعافي بشكل جيد يموتون، ويمكن أن يسمح التواصل مع المرضى بنقل العلاج الذي يريدونه في وقت مبكر.
يعد هذا البحث الجديد خطوة مهمة في دراسات التصوير العصبي الأساسية التي تم تطويرها على مدى العقد الماضي، وفي هذه الدراسات المبكرة، تم وضع المرضى المصابين بإصابات دماغية شديدة، الذين يُعتقد أنهم فاقدو الوعي، في جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)، وطلب منهم تخيل لعب التنس أو التنقل في منازلهم، ومن خلال تخيل هذه السيناريوهات المحددة، يمكن للمرضى أن يظهروا أنهم واعون، كما أظهرت العديد من الدراسات أن ما يقرب من 15٪ من المرضى الذين يُعتقد أنهم في حالة نقص كامل في الوعي بالذات أو البيئة، هم في الواقع واعون، وذلك بناءً على نشاط الدماغ الذي يظهر أثناء عمليات المسح.

ومع ذلك، لا يمكن فحص العديد من المرضى المصابين بإصابات دماغية شديدة باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي مما لا يترك لهم أي طريقة للتواصل، ومن خلال تكييف مهمة التنس مع fNIRS، يمكن للباحثين فحص المرضى بأمان وسهولة على جانب السرير، مما يعني أن عددًا أكبر من المرضى يمكنهم التواصل مع الباحثين في وقت يتم فيه اتخاذ قرارات علاجية مهمة.
أسئلة مهمة:
على الرغم من أن هذه الطريقة يمكن أن تسمح للمرضى في نهاية المطاف باختيار العلاج الخاص بهم، إلا أن هناك حالتين على الأقل تجب تلبيتهما قبل أن يتم تطبيق fNIRS بهذه الطريقة.
أولاً، يحتاج الباحثون إلى التأكد من أنهم يفسرون استجابات دماغ المريض بشكل صحيح، ففي الدراسة، كان الباحثون قادرين بشكل صحيح على تحديد المتطوعين دون إصابة الدماغ (79 ٪ من الردود نعم و 71 ٪ من الردود لا)، ولكن إذا كنا نخطط لإدارة العلاج (أو لا) بناءً على استجابة المريض، فكم النسبة المئوية اللازمة للجزم بأن المريض قد رد بنعم بدلاً من لا؟
أحد الأساليب هو التفكير في عواقب فهم الأمور بشكل خاطئ، فإذا سألنا مريضًا هل يفضل مشاهدة الهوكي على كرة القدم؟ فربما تكون دقة 79٪ كافية، لأن عواقب الخطأ طفيفة، وإذا سألنا مريضًا عنإذا كونه مصابًا بالاكتئاب، فقد تكون الدقة 79٪ مقبولة أيضًا، لأن عواقب تجاهل المريض المصاب بالاكتئاب قد تكون أسوأ من تقديم العلاج لشخص غير مكتئب، ولكن إذا سألنا مريضًا هل يريد الاستمرار في العلاج المستدام للحياة، فيجب أن نتأكد تمامًا من استجابته.
ثانيًا، نحتاج إلى التأكد من أن المريض لديه القدرة على اتخاذ القرار الذي نطلب منه اتخاذه، فعادةً ما نفترض أن البالغين الأصحاء يمكنهم اتخاذ قراراتهم الطبية الخاصة، ولكن قد يضطر المريض المصاب بالخرف إلى إثبات قدرته للطبيب من خلال إظهار أنه يفهم القرار وعواقبه، ويمكنه توصيل هذا الفهم، لكن إصابات الدماغ الشديدة يمكن أن تسبب عجزًا إدراكيًا، مما يعطينا سببًا للشك في قدرة المريض على اتخاذ القرار، وخاصةً القرارات المعقدة بشأن العلاج المستدام للحياة.