نظريَّةُ الصّرفِ الموزَّع
من الطّبيعيّ أن يشعر القارئ لِما يُكتَب بالعربيّة من كتُبٍ لسانيةٍ حديثَة ، بشيء من مرارَة سوءِ
الفَهم ؛ لأنّ اللسانيين العَرَبَ الجُدُدَ ؛ تأتي غالبيّةُ دراساتهم وعروضهم مُترْجَمةً من اللسانياتِ
الإنجليزية ، و أنّ هذه المصطلَحات [ومنها الصرف الموزّع] مُترجَمَةٌ بطريقَةٍ حرفيّةٍ لا تراعي خصوصياتِ
اللغات في الفهم والاستيعاب والإدراك ... و لقد عانيْنا كثيراً عندما منّا طلاّباً في الجامعَة [1975-1981]
من جدّة المصطلحات في الأدب الحديث والسيميائيات والأسلوبيّة واللسانيات، وصادَفَ هذه الجدّةَ ظهورٌ
جيلٍ جديد من الشباب المُدرِّس في الجامعات، لا يملك عُدّةً لغويّةً فصيحةً و لا آليات صرفيّة واصطلاحيّة
لتقريبِ المُترجَمات إلى القرّاء، مثلما أفلَح جيلُ الأساتذة عباس محمود العقّاد و طه حسين
ومدرسة الدّيوان في تقريبِ مَفاهيمِ عصرِهم النّقديّةِ والشّعرِيّة والفلسفيّةِ الوافدَةِ من الغَرْبِ ...
أمّا الصّرفُ الموزَّع Distributed Morphology فهو مصطلحٌ صرفيّ صوتيّ استعملَه اللسانيانِ :
موريس هالي وأليك مرانتز M. Halle and A. Maranz للدّلالة على أنّ المقولات المعجمية
أو الكلمات لا تُعرَض في المعجم على أنّها جذورٌ معجميّة تحتاج إلى دخول لواصقَ، وأنّ صياغةَ
الكلمات تتمّ بناءً على قواعد بناء الكلمات ، من دون تمييز بين جذورٍ ولواصق ، أو أصول و زوائد ،
فهي نظريّة لا إلصاقيّة ، تنصّ على أنّ المداخلَ المعجميّةَ
للكلماتِ تتكفَّلُ بالتّحقيق الصّوتي للكلماتِ أي بربط السّماتِ الصّوتيّة للكلمة بالسمات الصرفية التركيبية
وأنّ المكوِّن الصّرفيّ ليسَ مركَّزاً في مكانٍ واحدٍ من جهاز النّحو [في كلّ لغةٍ] ، ولكنَّ الصّرفَ
حاضرٌ و موزَّعٌ على مكوّنات كثيرةٍ من جهاز النّحو ، وعليه فالصّياغَة الصرفيّة للكلمَة لا تظلّ ثابتةً
بل تتغيّرُ و تتأثّر كلّما مرّت الكلمةُ بمكوّنات النّحو الأخرى [كالنقل والإلحاق لسمات معينة بالكلمة
المولّدَة ، أي إلحاق سمات الزمن والمِلْكيّة ... ]
إنّ نظريّةَ الصّرف الموزّع تنظيمٌ جديد لعناصر الكلمة المُولَّدَة من المعجَم ...
ولهذه النظريّة تفصيلات ، تُراجَعُ في كتاب :
« الصّواتَة والصّرف»
ج.كاي، ج.لوفنشتام، ج.ر.فيرنيو، م.هالي، أ.مَرانتز
ترجمة محمد بلبول و عبد الرزاق تورابي
دار توبقال للنشر، ط.1، نونبر 2007م
ص:37