فقلت له ابنته امينة على الانسان ، ان يسعى وليس عليه ادراك النجاح ولا بد من الصبر على قضاء الله ، و يجب عليك يا ابتي ان تحمد الله علي لطفه ، وعطفه عليك وجعل قلب هذا الخبز محسن في ايام الضيق ، ولابد ان ياتي اليسر بعد العسر والفرج بعد الضيق ، وان شاء الله هذا اليوم خاتمه التعب وايام اليسر والفرج قريبه ان شاء الله ، توكل على الله يا ابي واذهب .
خرج عبد الله الصياد من بيته ، وهو مستبشر بما قالته ابنته له ، ولما وصل الى البحر القى شبكته فيه وصبر عليها قليلا فوجدها ثقيله جدا ، فقال في نفسه لا شك ان أيام التعب قد ذهبت وجاء وقت الفرج ، وجذب الشبكه بقوه حتى اخرجها بعد تعب شديد ، وهنا وجد حمار ميتا في الشبكة ، انقلب سروره وفرحه إلى حزن وغضب وغم ، وقال في نفسه لقد كتب على الشقاء للأبد ، فما هذا النحس فلم اصطاد شيئا بعد اليوم ، ولقد كنت احس بانه اخر ايام التعب والشقاء .
فأنا لم اصطاد حمار في حياتي كلها مثل هذا الحمار الميت من قبل ، الذي لا استطيع تحمل رائحته الكريهه ، وهم الصياد بتقطيع شبكه ورميها والرجوع الى بيت بيأس ، و لكنه تذكر نصيحه ابنته أمينه وعرف ان الشتاء لابد أن ينتهي ، واذا اشتد برده القارص جاء بعده الصيف .
و اذا اشتدت حراره الصيف جاء بعده الربيع الجميل ، فلابد من الصبر على القضاء على ما أمره الله ، واخرج جثه الحمار الميت ورماها ، ثم نظف الشبك وذهب بها الى مكان اخر من البحر ، القى شبكته وهنا شعر بشيء ثقيل فقام بجذب الشبكة بكل قوته حتى اخرها ، فوجد رجل عجيب الخلق غريب الشكل جسمه جسم انسان وله ذيل طويل .
يشبه الذيل السمك فخاف الصياد على نفسه وظنه عفريت من الجن ، فأراد أن يهرب ولكن ذلك الرجل قال له بكلام عربي و فصيح : لا تخف على نفسك مني يا صاحبي ، انا انسان مثلك ولست عفريت كما تظن ، و انا اعبد الله كما تعبده أنت انما انت انسان بري ، تعيش في البرو انا انسان بحري اعيش في البحر ، فاطمئن عبد الله الصياد حين سمع كلامه وزال عنه الخوف .
فساله عبد الله الصياد عن اسمه ، فقال له انا اسمي عبد الله البحري فما اسمك ، فقال له اسمي عبد الله الصياد أعيش في البر ، فقال عبد الله البحري : ما رأيك نكون صديقين من اليوم ونحلف على الوفاء ، ونلتقى كل صباح كل يوم وتعطي لي من فواكه البر واعطيك ما تحبه من كنوز البحر ، فرح عبد الله البري بذلك ، واعاده الى البحرغاب عنه مده قليله ولم يعد .
فقال عبد الله البري في نفسه لقد خدعني هذا الرجل ، لو اخذته وعرضنه في السوق لتعجب الناس من هيئته ولجمعت منهم مالا كثيرا ، ولكنني ضيعت الفرصه ، وهنا عاد عبد الله البحري وبين يديه بعض الياقوت والزمرد والمرجان ، فرح عبد الله البري فرحا شديدا ، وعرف صدق المخلوق البحري واتفقوا ان يأتي له الصياد كل يوم بسلة مليئه بالفواكه ، وسوف يعطيه عبد الله البحري من فواكه البحر وكنوزها وإن لم تجدني فنادي باسمي ، وسوف اخرج لك من البحر .
ذهب عبد الله البري وهو فرحان بما نال من ثروة عظيمة ، لم يكن يحلم بها طول عمره لم ينسى عبد الله الصياد فضل صديقه الخباز و قسم بينه وبين الخباز ما معه من الجواهر ، فرح الخباز بهذه الهدايا ، واشتد الفرح وشكره على وفائه واشترى كل ما في دكانه من الخبز ، واعطى كل ما عنده من النقود ، ثم ذهب عبد الله البري الى السوق و اشتري اطيب الماكولات والفواكه والحلوى ، فرحت أمينه واخواتها بمال احضره ابوها من خير ونعمه ، ذهب عبد الله البري في صباح اليوم التالي إلى صديقه عبد الله البحري .
وحمل على رأسه سله تحمل أطيب الفاكهه ، و لما وصل الى بحر نادى عبد الله البحري ، ظهر عبد الله البحري وسلم عليه واخذ منه ما احضره من الفاكهه ، و اعطاه من كنوز البحر ونفائسها ، وذهب بها الى البيت واخذ بعض منها الى السوق ليبيعها ، ظن انه سارق نادى التاجر الشرطه .
حضر رجال الشرطه قبضوا عليه و ذهب إلى الملك فسأله الملك :من أين احضر هذه النفائس والكنوز ، قص عليه القصه كلها ، غضب الملك من رجال الشرطه ، وعاقبهم على ما فعلوه بالرجل ، فقال الملك له ان المال يحتاج الى من يحميه من السفهاء والاشرار ، وزوجه ابنته وجعله وزيرا ، اصبح عبد الله البري من ذلك اليوم وزير ونقل الأولاد الى قصر الملك .
ولكنه لم ينسى صديقه عبد الله الخباز الذي ساعده في ايام محنته ، ذهب الى المخبز وعرف انه مريض فذهب الى بيت الخباز ، وهو فرحان وزار الخباز وقص عليه ما حدث له ، وزوجها أمينه وقدمه الى الملك وذكر له وفاء و فضل عليه اعجاب الملك اعجابا شديدا ، وجعل عبد الله الخباز وزير من صهر عبد الله البري ، وكان عبد الله البريه ذهب كل صباح الى صديقه عبد الله البحري .
كان يحمل سله مليئه بالفاكهه و يعود بها مملوءه بالاحجار الكريمه ، وفي ذات يوم من الايام كان يتحدث مع عبد الله البحري الى صديقه البري ، عن عجائب البحر وعرض عليه ان يذهب معه في رحله ، وافق عبد الله البري وخلع ملابسها ، ودهن جسمه بدهان عجيب احضره له عبد الله البحري حتى لا يؤذي الماء ويستطيع العيش .
ثم نزل معه الى داخل البحر راي عبد الله البحري ما يحويه البحر من كنوز ، سمك مختلف الانواع والالوان منه ما يشبه الجاموسي والبقر و منه ما يشبه الكلاب هما يستطيع ان يبتلع الانسان والجمل والفيل ولكنه ينفرمن الانسان ويهربون منه اذا راه.
وكان يرى كل يوم من عجائب وغرائب البحر ، كان عبد الله البري اكل كما ياكل صديقي عبد الله البحري السمك النيء ، فزهق وتعب من ذلك الطعام اراد الرجوع الى البر ، وبينما هم جالسون اذا جاءهم رسول من احد جيران عبد الله البحري يعرض على ضيفه أن يزوره في بيته ، فقال الصياد لا اريد الذهاب عنده فقل لرسول جارك انني قد ذهبت الى البر امس .
وهنا صاح عبد الله البحري قائلا : انت تكذب تريد مني ان اكذب ان الرجل الذي يكذب ، لا وفاء له فلن اصاحبك بعد اليوم وصحاح اطفال عبد الله البحري قائلين هذا عجيب يا ابي هذا الرجل يكذب ، وما سمعنا طول عمرنا عن رجل يكذب فشعرعبد الله البري بالخجل ، اوصله عبد الله البحري الى البري ولم يخرج له بعد ذلك اليوم ، عاد عبد الله البري الى بيته وساله الملك عن سبب غيابه عليه كل ما حدث ، تتعجب من قوله اشد العجب ثم عاش مع زوجته واولاده بسعادة في القصر ولكنه لم ينس فعلته وكذبه وكان يشعر بالخجل والندم اشد الخجل.